لا نجد مبررا لتجاهل ما يكتب عادة في سير من كانوا مثل زينب الغزالي.. فإن له دلالات وإشارات وأهدافا.. وقد كتبوا عنها: زينب محمد الغزالي الجبيلي، عربية الأصل ينتهي نسب والدها من أبيه إلي عمر بن الخطاب.. وأما نسب أمها فينتهي إلي الحسن بن علي.. وقد نشأت بين والدين ملتزمين بالإسلام، وكان والدها من علماء الأزهر الشريف وكان حريصا علي تنشئتها تنشئة اسلامية متكاملة.. فدرست في المدارس الحكومية ثم تلقت علوم الدين علي مشايخ من رجال الأزهر الكبار.. وقد زارت المملكة العربية السعودية 60 مرة، وأدت فريضة الحج 39 مرة، واعتمرت 100 مرة' وزارت الكثير من الدول العربية والاسلامية لنشر الدعوة، ولإلقاء المحاضرات الدينية.. وقد تأثرت كثيرا بشخصية حسن البنا، ومن بعده حسن الهضيبي.. والثابت أن والدها قد توفي وهي في العاشرة، فانتقلت الأسرة من ميت يعيش إلي القاهرة.. حيث عانت زينب الغزالي حتي تلتحق بالتعليم ضد رغبة شقيقها الأكبر.. حتي هيئ لها أن تنال الثانوية العامة وهي تقترب من العشرين.. ثم تتعرف علي الاتحاد النسائي الذي كانت ترأسه هدي شعراوي.. وتصبح من عضواته البارزات.. وقد اشتهرت في تلك الفترة بالدفاع عن الاتحاد النسائي ومبادئه وأهدافه وخوض المناظرات والمجادلات مع عدد من الأزهريين المناهضين للاتحاد.. والذين يتشككون في أهدافه التحررية والتقدمية.. حيث كان يقود الاتحاد فعليا مجموعة من السيدات التقدميات علي رأسهن سيزا نبراوي.. وقد طلب بعض الأزهريين بمنعها من الوعظ في المساجد.. وبدون مقدمات بدأت مرحلة جديدة في حياة زينب الغزالي.. فبعد تعرضها للموت إثر حادث منزلي 'حريق'.. قالت زينب إنها أخذت عهدا إن شفاها الله أن تعود إلي الرشد وتترك الاتحاد النسائي وتؤسس جمعية للسيدات المسلمات.. وقد تم لها ذلك عام 1937.. واقترح عليها حسن البنا ضم جمعيتها إلي الإخوان وأن ترأس قسم الاخوات في الجماعة.. لكنها رفضت.. ثم عادت إلي التنسيق مع الإخوان في أعقاب عام 1948 الزاخر بالاحداث والصراع بين الاخوان والدولة.. ثم أصبحت عضوا في الإخوان بعد عدة لقاءات مع حسن الهضيبي المرشد الثاني.. ويقال إنها لعبت دورا مهما في تقديم الدعم والمساندة لأسر الإخوان المعتقلين بعد أزمة 1954 مع قادة ثورة يوليو 1952. ومن اللافت أن زينب الغزالي كانت الزوجة الثالثة لرجل أعمال ثري.. وقد عاشت معه وبين زوجتيه حتي النهاية.. أما المثير للعجب فهو أسرتها فهو ذلك التباين الحاد في المبادئ والتوجهات.. ولزينب الغزالي 11 أخا وأختا بينهم 8 أشقاء وكانت الرابعة في ترتيب الأشقاء.. وعاشت حتي ودعت كافة أخوتها وأخواتها ال 11، ورحلت في 3 أغسطس 2005 عن عمر يناهز 88 عاما.. كان شقيقها الأكبر المهندس سعد الدين بعيدا عن السياسة، نافرا من العمل العام عاكفا علي عمله.. وكان يعارض رغبة زينب في الالتحاق بالمدارس.. أما شقيقها الثاني فكان 'علي' وكيل وزارة المالية، وكانت ميوله السياسية مع الحزب الوطني الذي أسسه مصطفي كامل وكان آخر رئيس له 'فتحي رضوان'.. وعند عودة حزب الوفد ثمانينيات القرن الماضي تحت اسم 'الوفد الجديد' انحاز له.. أما شقيقها الثالث 'الشيخ محمد الحسيني' فكان موزعا بين الجمعية الشرعية والإخوان.. وكان مقربا من الشيخ حسن البنا حتي أنه أوكل إليه مهمة الاشراف علي شئون بيئته وأسرته.. ثم كانت زينب الغزالي الرابعة بين الأشقاء يليها 'سيف الدين' الوفدي المتعصب.. ونائب البرلمان بعد عودة الوفد.. وقد ظل مدافعا عن الوفد حتي وفاته.. أما الشقيقة السادسة لزينب الغزالي فهي السيدة 'حكمت' وكانت 'ناصرية الفكر يسارية التوجه' ظلت طوال حياتها تدافع عن جمال عبد الناصر ومواقفه ومبادئه، ومشروعه القومي.. كان تداوم علي زيارة شقيقتها زينب في السجن، ولا تسمح لها أو لزميلاتها بمجرد ذكر عبد الناصر بسوء.. وقد ظلت علي قناعتها حتي النهاية.. وعندما رحل عبد الناصر أقامت سرادق عزاء في بيتها وظلت تتقبل العزاء فيه.. وكان الشقيق السابع هو 'عبد المنعم الغزالي' الكاتب والصحفي العمالي في جريد الأهرام.. وكان شيوعيا.. بدأ حياته متصوفا يحب الفقراء ويتعاطف مع المظاليم.. ولما لم يجد ضالته في 'الصوفية' انضم إلي أحد التنظيمات الشيوعية وحمل الفكر الذي رأي أنه يدافع عن الفقراء.. يقول كتاب سيرة زينب الغزالي إن شقيقها الشيوعي عبد المنعم استخدم توكيلا حررته له وفرط في أرض زراعية كانت تمتلكها في منطقة 'طامية' بالفيوم.. حيث منحها الفلاحين الذين يقومون بزراعتها.. علي اعتبار أن الأرض لمن يزرعها.. ويقول كتاب سيرة زينب الغزالي إن شقيقها عبد المنعم قضي عدة سنوات في العراق لاجئا سياسيا بعض رفضه ل 'كامب ديفيد' وعند عودته منتصف الثمانينيات من القرن الماضي استقر في بيت شقيقته زينب حيث إنه لم يتزوج ولم يكن له بيت مستقل.. وبمخالطته لشقيقته 'استيقظ الايمان في قلبه مجددا.. وأحسن الله خاتمته'.. أما شقيقتها الثامنة فهي السيدة 'حياة' التي كانت الأقرب إلي زينب تولت رعايتها وإدارة شئون منزلها.. وقد رزقت بابنة وحيدة تولت رعاية والدتها ورعاية خالتها زينب حتي نهاية العمر. وما زلنا مع السيدة 'زينب الغزالي الجبيلي' أشهر قيادة نسائية في تاريخ الإخوان.