تقفز صورتها الي ذهني دائما كلما تعالت أصوات المنظمات النسائية والمجلس القومي للمرأة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية التي تعلن انها تطالب وتدافع عن حقوق المرأة ويتفنن كل منها كل يوم في الحديث عما يعتبره حقا يجب انتزاعه من الرجل وكأن المرأة مخلوق جديد ومستحدث تم اكتشافه مؤخرا و لا زلنا نستكشف ماهيته وحقوقه أو ان هناك صراع وحرب مشتعلة بينها وبين الرجل ذاك المخلوق المنافس الذي يجب أن تنتصر عليه لتتمكن من الحصول علي هذه الحقوق . ومنها المطالبات التي أشارت اليها الزميلتان أميمة أبراهيم وهبة المرمي فيما كتبتاه عن مقترحات المجلس القومي للمرأة والمنظمات النسائية لتعديل قانون الاحوال الشخصية ومنها الغاء فكرة الطاعة والغاء ولاية الاب علي ابنته عند الزواج وان تحصل المرأة علي نصف ثروة زوجها عند الطلاق وأن تحصل منه علي أجر نظير عملها في بيتها وخدمتها لابناءها وأن تتفنن المرأة وأهلها عند الزواج في كتابة شروط علي الزوج في عقد الزواج تحوي ادق التفاصيل التي سيواجهانها خلال حياتهما الزوجية أو عند الطلاق كمشاركة الر جل في بعض الاعمال المنزلية وتحديد نوعية هذه المشاركة بالتفصيل وان ينص عقد الزواج علي اقتسام الثروة التي تكونت خلال فترة الزواج بين الزوجين عند الطلاق حتي وان كانت الزوجة لا تعمل وأن يكون من حق المراة طلب الطلاق اذا غاب منها الزوج ستة أشهر او اذا اصبح مفقودا لمدة 15 يوم , بينما تتعالي اصوات هذه المنظمات للمطالبة بحق المرأة في تولي كل المناصب ومنها منصب رئيس الدولة والمساواة الكاملة مع الرجل في كل شئ وتطرق الامر الي النواحي الدينية بالمطالبة بحق المراة في امامة المصلين .وبينما يدور كل هذا الجدل اري صورة جدتي رحمها الله او كما كنت وجميع احفادها نطلق عليه "ستي الحاجة رزينب " والتي سماني أبي باسمها حبا واعتزازا بمكانتها وقدرها .أتخيلها تضحك وهي تري وتسمع كل هذا الجدل وتشعر انها رغم بساطتها وأنها لم تتعلم كانت أقوي وأذكي من كل هذه المنظمات التي تضم أرفع المناصب وأعلي الشهادات العلمية . فتلك المرأة القوية علي بساطتها استطاعت ان تحصل وتحقق أكثر مما تطالب به هذه المنظمات فعلي الرغم من أن والدها حين قام بتزويجها لجدي _رحمه الله_ لم يضع في عقد زواجها أية شروط ولم يشترط علي جدي ألا يتزوج عليها الا أن جدي لم يفكر يوما في هذا الامر حيث جعلته ستي زينب يري فيها المودة والسكن والعقل الراجح والقلب الحاني , كانت ستي زينب مثلها مثل الحاجة فاطمة ثعلبة في رواية الكاتب الكبير خيري شلبي كالوتد ورمانة الميزان تمتلك حكمة وذكاء فطريا كمعظم الأمهات في الريف استطاعت ان تتقلد منصب القضاء الذي لازالت المنظمات النسائية تطالب بحق المرأة فيه فكانت ستي الحاجة زينب القاضي في مملكتها التي تضم الأبناء وزوجاتهم وأزواجهم وحتي أحفادهم وحكمها يحترمه الجمع ويثقون في عدالته ويمتثلون له .قلبها يسع الجميع فيجدون عندها حلول لكل المشكلات حتي عندما تعرض الابناء الذين يعملون في التجارة الي أزمة مالية كان الحل عند ستي الحاجة زينب التي تعاملت مع كل الأزمات المالية كأنجح وزير مالية وأكبر خبير اقتصادي .كانت صاحبة هيبة واحترام وكانت تحظي بمكانة رفيعة بين كل أهل بلدتها كلمتها مسموعة و لها احترامها وتقديرها , كانت صاحبة الأمر والنهي في كثير من الامور وكأنها تحتل منصب رئيس دولتها الصغيرة لم تكن تحصل علي مقابل أو أجر مادي من جدي مقابل عملها الشاق في المنزل الريفي الكبير حتي قبل أن يتزوج أبناءها ويمتلئ البيت بزوجات الأبناء اللاتي تعاملن معها كملكة متوجة في هذا البيت فجدتي كانت أكبر من أن تكون أجيرة في بيتها كانت مكانتها أعلي من ذلك بكثير فكأنما كانت تمتلك كل ثروة زوجها وليس نصفها كما تطالب المنظمات النسائية في مقترحاتها الأخيرة لم تشعر أبدا انها في منافسة مع جدي أو انها في حاجة للدخول في نزاع أو نقاش معه حول حقوق تسعي لانتزاعها ولكنها كانت تشعر أنها تمتلك هذه الحقوق دون حاجة للحديث أو الجدال حولها لم تكن في حاجة الي من يرشدها الي هذه الحقوق أويحرضها ويشعرها بأنها طرف في معركة طرفها الثاني هو شريك العمر الذي هو اقرب اليها من أهلها والذي كانت تحرص علي طاعته واسعاده أكثر من حرصها علي اسعاد أبناءها .ستي الحاجة زينب لم تخرج يوما غاضبة من مملكتها تعلمت بفطنتها وفطرتها كيف تحافظ علي أسرار دولتها ومملكتها وان كل المشكلات صغيرة طالما لم تخرج خارج باب المنزل .مملكة ستي زينب توسعت واتسعت وصارت امبراطورية بعد ان تزوج أبناءها وبناتها وكونوا ممالك صغيرة انتشرت في معظم محافظات مصر في الاسماعيلية وأسوان والسويس والقاهرة والجيزة وسيناء الكل يذكر مبادئ وأفكار وأسلوب ستي الحاجة زينب وتد العائلة والتي استطاعت منذ سنوات طويلة أن تحصل علي أكثر مما تطالب به كل المنظمات التي تدعي الدفاع عن حقوق المرأة واذا وضعناها في مقارنة معها بالطبع فان ستي الحاجة زينب تكسب