انتقدت صحيفة "الجارديان" البريطانية، على لسان كاتبها جوزيف مايتون، الأوضاع المزرية لحقوق المرأة في الدول العربية، معتبرة أن المجتمع يعامل المرأة ك"كبش فداء"، كما أن الاتجاه السائد الوافد من الدول الخليجية، وخاصة السعودية، أصبح يعتبر المرأة "فتنة" يجب حبسها أو التخلص منها في كثير من الأحيان. وأضاف مايتون، في مقاله اليوم السبت، أن النساء في السعودية ممنوعات من ممارسة الرياضة أو حتى المشي بزعم أنهن قد يتعرضن للتحرش من بعض الناس إذا مارسن الرياضة في أي مكان عام، لكن الحقيقة أن السعودية بتيارها المتشدد السلفي الذي انتشر كثيرا في باقي الدول العربية تحاول أن تفرض قمعا غير محدود على المرأة، حتى لو كان ذلك بزعم حمايتها. ويتعجب الكاتب من الإجراءات المتعسفة التي تقيد من حرية المرأة في الدول الإسلامية، بينما الإسلام أنصف المرأة منذ عهد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وأعطاها حقوقها كاملة، فقد شدد النبي على حسن معاملة الرجل للمرأة، وأمر باحترامها والرفق بها، ولم يكن هناك فصل عنصري في المساجد كما هو الحال الآن، فقد صلت النساء والرجال معا في المسجد نفسه في دليل واضح على الوحدة والمساواة. تقول حباق عثمان، مؤسسة ورئيسة منظمة "الكرامة" للمرأة: إن المتشددين لا يفكرون في السياسة أو الاقتصاد، بل يفكرون دائما في شرف المرأة، ولا يقتصر الأمر على السلفيين الخليجيين فقط، بل في كل بلاد العالم. وأضافت أن المرأة هي مفتاح نجاح المجتمع، لذلك ينبغي عليها أن تتخلى عن دور الضحية التي تحتاج إلى ذكر دائما ليحميها، ربما وقتها فقط يمكننا أن "نحصل على حرياتنا المفقودة، وأن نتمتع بقوانين صارمة تجرم العنف الجنسي وتحقق التقدم للمجتمع". وانتقدت حباق الشيوخ الذين يصورون المرأة "كنذير شر وفتنة" في خطب الجمعة، مما يجعل عامة الناس يقتنعون بهذا الرأي، بل ويبحثون دائما عما يؤكده ويبرره. وعلى الرغم من أن الكثير من المتشددين يستنكرون انحراف المجتمع ويدعون لمزيد من الحزم، خاصة مع النساء، فإن معظم دول الشرق الأوسط تعاني من حالة كبت وسعار جنسي واضحة، بحسب رأي حباق. وهي تدلل على ذلك بحالات الزواج العرفي وزواج المتعة التي تنتشر مؤخرا، فهي عبارة عن "دعارة مقنعة" يتم بيع المرأة فيها كأنها سلعة -لفترة محددة من الزمن- لأحد الأثرياء الخليجيين، بينما يحاولون في الوقت نفسه تطبيق قوانينهم الاجتماعية الصارمة لعزل المرأة وحبسها في البيت باسم الشرف والفضيلة! ويدّعي هؤلاء أن المشكلة ليست في الرجل، لأنه ضعيف بطبيعته، و"لا يستطيع التحكم في شهوته أمام فتنة المرأة"، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا يخرج الرجل ويفعل ما يشاء بينما هو الذي يعاني هذا "الضعف الحاد في التحكم في شهوته الجنسية"؟! وبسبب هذه النظرة التي تجعل المرأة "شيئا" وتحولها إلى مجرد ملكية لمتعة الرجل وقتما يشاء، صار الجدال الآن: هل يسمح للمرأة بتقرير مصيرها أم لا؟ وهل يقع وزر التحرش عليها أم على الجاني؟ وكان الدليل الواضح على هذا ما حدث منذ عامين مع الشابة المصرية نهى رشدي. فقد حاولت نهى أن تتحدى الخرافة التي تقول إن الرجل ليس مسئولا عن أفعاله تجاه المرأة حينما ذهبت إلى قسم الشرطة وحررت محضرا ضد رجل تحرش بها علنا في الشارع. وحاول الكثيرون وقتها -منهم ضباط قسم الشرطة والمارة وحتى نساء مثلها- أن يقنعوها بأن تنسى الموقف، وتساءل الكثيرون أيضا عما كانت ترتدي ليبرروا للرجل ما فعل بحكم أنها "أثارته"! وتعالت الأصوات المتفائلة بتحقيق تقدم في سجل حقوق المرأة العربية حينما حصلت نهى على حكم لصالحها في القضية بحبس المتحرش 3 سنوات وتغريمه، لكن بعد سنتين من الواقعة، لم يتغير شيء؛ ازدادت القبضة السلفية على تفكير المصريين أكثر، وأصبح من المعتاد أن تُهاجم المرأة بعنف إذا طالبت بالحرية أو بالعدالة. وقد أظهرت دراسة عن منظمة الأممالمتحدة أن معظم المصريين -رجالا ونساء- يعتقدون أنه من الطبيعي أن يضرب الرجل زوجته إذا ما رفضت مضاجعته أو عصت أوامره أو حتى حادثت رجلا في الطريق، وهم يعتقدون أن هذا مباح شرعا وقانونا! وطالب مايتون في ختام مقالته ألا تدان المرأة على جريمة ارتكبها الرجل فقط "لأنها امرأة"، وألا تلام لأنها لا تلبس النقاب أو الحجاب فتصبح بذلك كبش فداء مستباحا في الشوارع، وأن يبدأ المجتمع في محاسبة الرجل على أفعاله بدلا من إلقاء اللوم دائما على الضحية.