هل ينتهي سريعاً شهر العسل بين إيران و أمريكا؟ فقد بدأ الصراع الأمريكي الإيراني منذ بداية الثورة الإيرانية 1979 ولم ينته بعد.. كانت الحرب العراقيةالإيرانية مكسب هام من المكاسب الأمريكية في هذا الصراع، حيث إستطاعت أمريكا أن تحرز النقاط وتكسب الجولة الأولي، لكنها لم تكسب النصر الحاسم.. لقد أضعفت هذه الحرب إيران وإستنزفتها عسكريا وماديا وبشريا علي مدي سنوات الحرب الثمانية، تعطلت ماكنة التقدم في إيران خلال تلك الحرب وبقيت بنيتها التحتية ضعيفة، حيث شلت حركة التقدم الإقتصادي والسياسي والإجتماعي فيها.. ولم تحقق أمريكا نصرا ملموسا في الجولات المتتالية من هذا الصراع الذي أعقب حرب الخليج الأولي.. فالذي حصل هو العكس تماما، حيث نجحت إيران بتحقيق جولات جديدة كسبت فيها النقاط علي حساب غريمتها. فقد تنفست إيران الصعداء حينما قامت حرب الخليج الثانية بعد إجتياح القوات العراقية للكويت.. فحلفاء الأمس يتصارعون اليوم، وكل منهم يريد كسب الود الإيراني ليبقيها علي جانب الحياد.. وتوجهت إهتمامات سياسات أمريكا وأوربا ووسائل إعلامها علي الأحداث اليومية في العراق ومشاكل الحصار الإقتصادي والنفط مقابل الغذاء وأسلحة الدمار الشامل والتعويضات وغيرها من الأمور والقضايا التي ألهت العالم وجعلت إيران تفلت من عنق الزجاجة وتتحرر في مشاريعها وبناء نفسها إقتصاديا وتقنيا وعسكريّا. السؤال هنا: هل تعتقد ان اوباما سيستعمل القوة العسكرية لمنع إيران من الحصول علي سلاح نووي، بالنظر إلي أنه لم يفرض احترام الخط الأحمر الذي وضعه بخصوص الأسلحة الكيماوية في سوريا؟ وأنه يتوصل لأي إنجاز مهم في الشرق الأوسط إلي درجة أنه قد يكون مستعداً لعقد اتفاق سيئ مع الإيرانيين، كما أخذ يتخلي عن حلفاء السنة في الشرق الأوسط لصالح شيعة إيران.. الإجابة: نعم، فقد يستعمل أوباما القوة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.. وليس سراً أنه يفضل فعلاً حلاً دبلوماسياً لهذه المشكلة بمساعدة الكونجرس.. لانه يعرف جيداً أن الضربة العسكرية قد تكون لها عواقب غير مقصودة يمكن أن تؤدي إلي مضاعفة الجهود الإيرانية الرامية إلي عبور خط النهاية النووي.. فإن امريكا إذا اكتشفت أن إيران بنت منشأة سرية للتخصيب، أو بصدد بنائها, سيؤدي ذلك إلي رد عسكري من الولاياتالمتحدة. وهذا ليس سيناريو مستبعداً، ذلك أنه سبق لإيران أن بنت منشأتين نوويتين سريتين لتخصيب اليورانيوم ' ناتانز' و ' فوردو' وهما المنشأتان اللتان أدي اكتشافهما إلي تشديد العقوبات علي إيران، لكن بدون رد عسكري.. ولكن هذه المرحلة تختلف خاصة في وقت وعدت فيه إيران بالتفاوض حول برنامجها النووي بحسن نية، فإن من شأن اكتشاف 'منشأة ثالثة 'من هذا النوع, ويؤكد ذلك بشكل نهائي أن النظام الإيراني مصمم علي التسلل إلي خط النهاية النووي، وهو ما سيرغم أوباما علي الرد، فإن النظام الإيراني أذكي من أن يستفزه أحد، فيتفادي عبء العقوبات، مع الحفاظ في الوقت نفسه علي البنية التحتية للبرنامج ال نووي. ولكن إذا أحس النظام الإيراني بأنه يستطيع الدفع في اتجاه عبور العتبة النووية من دون عواقب عسكرية، فقد يجد إغراء أكبر في القيام بذلك. هذا ويعتقد كثير من الأطراف في العالم أن من غير الوارد أن يستعمل أوباما القوة ضد منشآت أسلحة الدمار الشامل الإيرانية, , وذلك بناء علي القرار الذي اتخذه في اللحظة الأخيرة والقاضي بالإحجام عن شن هجمات علي قوات نظام الأسد, , رداًّ علي الاستعمال الواسع للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين السوريين.. فيما نلاحظ أن المرشد الأعلي في إيران 'آية الله علي خامنئي' يحاول تجنب أعمال ستؤدي إلي هجوم أميركي.. وعلي سبيل المثال، فهو يدرك أن من شأن طرد المفتشين يزيد بشكل دراماتيكي من خطر احتمال هجمات أميركية.. هذا وقد أفادت وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بأن حجم مخزون إيران من غاز اليورانيوم المخصب 20% قد انخفض بشكل دراماتيكي لأول مرة منذ أربع سنوات. صحيح أن ذلك لا يشير إلي أن الإيرانيين قرروا فجأة التخلي عن برنامجهم النووي بشكل كامل، ولكن هل يعني ذلك فهم إيران' للخطوط الحمراء' التي حددها أوباما؟ وهل سينتصر ذكاء إيران علي قوة أمريكا؟ فبدون شك سوف تجيب الأحداث القادمة علي تلك التساؤلات المحيرة.