يأتي ذكر الشجرة الخبيثة في القرآن الكريم في سورة إبراهيم ليبين الله لنا الفرق بينها وبين الشجرة الطيبة لكي نتعرف علي قيمة الكلمة الطيبة ليتمسك الإنسان في حياته بكل ما هو طيب في القول والفعل والعمل وما يعتلي عليه ضميره، ولهذا جاءت الآية الكريمة ' ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار '. كما أن الشجرة الخبيثة في الأحاديث والمرويات الدينية قيل أنها شجرة لا ورق لها في الأرض ولا فروع وليس لها من ثبات في الأرض وقيل أنها شجرة الزقوم في النار، وقد ضرب الله المثل بها ليخيف الظالمين والخبثاء والفجار الذين سيأتون يوم القيامة وقد أثقلوا ميزانهم بأفعالهم بما ارتكبوه من إجرام وفساد وظلم وكل ما هو ضار في الأرض بعد أن ضلوا حتي أضلهم الله وكتبوا عنده ظالمين فأعد لهم شجرة الزقوم لتكون طعام الأثيم وقد جعلها الله فتنة للظالمين الخارجين علي دينه والمتحدين لحلاله وحرامه وظلمهم للناس حتي أصبحوا في الدنيا بلا فائدة لأن أعمالهم تقوم علي الإفساد في الأرض وتتنافي مع صالح العباد وتعمل علي إيقاع الضرر والأذي بهم ولهذا فلا فائدة مرجوة منهم ولا رجاء من إصلاحهم وهدايتهم بسبب تسلطهم وإصرارهم علي الظلم والتجبر حتي كتب الله علي قلوبهم غشاوة فأضلهم وأعمي أبصارهم و غضب عليهم ولعنهم في الدنيا و الآخرة، وقد جاءت آية قرآنية أخري لتؤكد هذا المعني في سورة المائدة لتكون قاعدة عند الناس ليحكموا من خلالها علي الخبيث والطيب بقوله ' قل لا يستوي الخبيث والطيب ' ويقصد بالخبيث ما يفعله بعض الناس من خسة الخصال والأفعال لما يصدر عنهم من أقوال وأفعال حرمها الله سواء كانت محسوسة أو معنوية أو ظاهرة أو باطنة كالقول الباطل والاعتقاد الخاطئ والنفاق والكذب في المقال والقبيح من الأفعال و الأقوال التي تؤذي الناس في دينهم ودنياهم وكل ما يلحق الفساد في الأرض وكل ما يؤدي إلي الشقاق والفتنة وغيرها بين الناس وبما نهي الله عنه ولا يحبه ولا يرضاه لعباده ليصبح كل ما هو خبيث ليس له طريق إلا طريق جهنم ولهذا لا يستوي الخبيث بالطيب ولا الإيمان بالكفر ولا الطاعة بالمعصية ولا أهل الجنة بأهل النار ولا الأعمال الخبيثة بالأعمال الطيبة ولا الحلال بالحرام. وإذا ما نظرنا إلي ما يحدث في مصر الآن لوجدنا أن ما تقوم به الجماعات المسماة بالدينية وعلي رأسها جماعة تسمي نفسها بالإخوان لوجدناها فصيلا من فصائل الأشجار الخبيثة الموجودة في الأرض بسبب ما ارتكبته وترتكبه الآن من جرائم في حق الوطن و علي رأسها تكفير الناس وقتلها للأرواح والأنفس بغير الحق وتعديها بالحرق والتخريب لكل ما هو أخضر ويابس وترويعها للمواطنين بغير حق وإثارة حالة من الحزن والإحباط والفوضي وعدم الأمان عند الناس لوضعهم المتفجرات لحصد أرواح الناس حتي في لحظات أفراحهم وأعيادهم مستغلين حالة عدم الاستقرار التي يمر بها الوطن الذي يستكمل فيه ثورته، ومثل هؤلاء يقومون الآن بتهديد الوطن وزعزعة استقراره بشكل من الغدر والخسة التي فاقت في أفعالها أفعال الخوارج والمغول والتتار والصليبيين وغيرهم من الأشجار الخبيثة التي اجتثها الله من جذورها من الأرض، ولهذا فإن تلك الشجرة الخبيثة المسماة بالجماعة قد عمرت في أرض مصر طويلا إذ يرجع نبتها منذ أواخر عشرينيات القرن الماضي وكان زارعها المسمي سيد قطب من أكثر الشخصيات تأثيرا في تكوين الجماعات والحركات الجهادية والتكفيرية بالعالم الإسلامي عندما كرس لفكرة الخلافة الإسلامية وحلمه بعودة رجال يردون الدين الإسلامي لعهد جديد يقود البشرية إلي الخلاص حتي كبرت شجرته الخبيثة تلك وكثرت فروعها وأخرجت لنا كل تلك الجماعات الجهادية والإرهابية في الكثير من بلاد العالم الإسلامي التي سمت نفسها بأسماء عديدة كالتكفير والهجرة والقاعدة وطالبان وحماس بفروعها، والنصرة و داعش وبوكو حرام وسليكا ناهيك عن الأسماء الحركية المتعددة لرموز وقيادات تلك الحركات التي لا حصر لها، ومع كل ما صدر ويصدر من تلك الحركات وأفكارها المتطرفة والخطيرة علي البشرية تبقي الشجرة الخبيثة في مصر محتفظة باسم طيب نتداوله فيما بيننا باسم جماعة الإخوان دون أن نتوقف عن ترديده وفي هذا إفادة كبيرة لهم، فألم يأن الأوان أن نسمي تلك الحركة الاسم الذي تستحقه أو أنها تختار لنفسها اسم استعاري تعلن به صراحة عن وجهها القبيح والحقيقي وبخاصة بعد أن قامت الدولة مؤخرا بتسميتها بعد هذا التاريخ الطويل باسم جماعة الإخوان الإرهابية بسبب ما يقوم به أفرادها الآن من الاعتداء علي الوطن الذي يعيشون فيه، ولربما قد آن الأوان ونحن نحتفل بثورة يناير المجيدة أن يصبح من أهم مطالبها هو خلع تلك الشجرة الخبيثة من أرض مصر لكي نقطع دابرها وفروعها في كل البلاد التي تمتد فيها وبشائر ذلك هو أن شعب مصر بكامل مؤسساته وبحماية من رجال الجيش والشرطة يحتفلون هذا العام بالذكري الثالثة لثورة 25 يناير بعيدا عن تلك الشجرة الخبيثة وفروعها التي اقترب خلعها بأيدي المصريين قريبا من أرض مصر.