أكدت دار الإفتاء المصرية أن عمليات القتل والاغتيال للشخصيات العامة والسياسية والعسكرية وبذل المال من أجل القيام بها من الفساد والبغي في الأرض بغير الحق، وذلك من كبائر الذنوب التي زخرت الشريعة بالتنفير منها وتوعدت عليها بأشد العقوبات، بل أبانت أن الإصرار عليها يسلب إيمان فاعلها. جاء ذلك في فتوي أصدرتها دار الإفتاء ردًّا علي بعض الفتاوي التحريضية التي أطلقتها بعض المواقع التكفيرية، والتي رصدها مرصد دار الإفتاء المصرية الذي تم إنشاؤه لمواجهة الفكر التكفيري. وأوضحت دار الإفتاء في فتواها أن الشرع الشريف قد نهي عن قتل الغافلين، وأن إيمان المسلم يمنعه من الفتك والقتل كما يمنع قيد الحركة، كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: 'لا يفتِك المؤمن، الإيمان قيد الفَتك'. وقوله عليه الصلاة والسلام: 'لا يفتك مؤمن' هو نهي، أو خبر بمعني النهي، وهو دليل علي سلب الإيمان عن القاتل، إذ إن هذه العمليات المسئول عنها في كثير من صورها تتحقق فيها غفلة المقتول، وإصرار القاتل علي القتل. وأشارت الفتوي إلي أن الإمام أحمد قد أورد في مسنده حديثا يبين معني الفتك بما لا يحتمل تأويلا، وهو القتل، فقد كان بين الزبير بن العوام وبين الإمام علي بن أبي طالب ما كان من الخصومة 'السياسية' التي انتهت بموقعة الجمل، فجاء رجل إلي الزبير بن العوام فقال: أقتل لك عليا؟ قال: لا تفعل.. وكيف تقتله ومعه الجنود؟ قال: ألحق به فأفتك به. قال الزبير: لا.. إن رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم قال: 'إن الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن'. وأضافت دار الإفتاء أن من المفاسد العظيمة لهذه الأفاعيل الدنيئة الخارجة عن أحكام الإسلام ونبله أنها تزيد من ترسيخ الشائعات والاتهامات الباطلة التي يلصقها أعداء المسلمين بدين الإسلام، ويريدون بها تشويه صورته، مِن قبيل أنه دين همجي دموي، غايته قهر الشعوب والفساد في الأرض، وهذا كله من الصد عن الله وعن دين الله. وعن بذل المال للغير نظير قيامه بتلك الاغتيالات أكدت فتوي دار الإفتاء أن هذا الفعل من الإجارات الفاسدة، وأن بذل هذا المال من المحرِّض وقبوله من المحرَّض أمران محرمان شرعًا، لأنه إعانة علي المعصية، وقد قال تعالي: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَالتَّقْوَي وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]، قال الحافظ ابن كثير في 'تفسيره': [يأمر تعالي عبادَه المؤمنين بالمعاونة علي فعل الخيرات، وهو: البر، وترك المنكرات، وهو: التقوي، وينهاهم عن التناصر علي الباطل، والتعاون علي المآثم والمحارم]. وشددت دار الإفتاء علي أن الأصل في النفس الإنسانية – سواء كانت مسلمة أم غير مسلمة – هو عصمتها وعدم جواز الاجتراء علي إنهاء حياتها إلا بسبب شرعي، وقد نص القرآن الكريم علي تحريم قتل النفس مطلَقًا بغير حق، فقال تعالي: ﴿وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151]، بل جعل الله تعالي قتل النفس بغير حق كأنه قتلٌ للناس جميعًا، فقال سبحانه: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ 'المائدة: