مرسي من داخل القفص: القضية ملفقة.. لا أعترف بالمحاكمة.. وغدا سأحاسب الجميع الإخوان يحشدون والأمن يتصدي بخطة محكمة وقتلي وجرحي في الأحداث المحكمة تواجه المتهم بالتحريات وأقوال الشهود وتتهمه بالتحريض علي القتل الأقوال تؤكد: خطة مشتركة بين مرسي ومكتب الإرشاد لفض اعتصام الاتحادية بالقوة قائد الحرس الجمهوري للنيابة: مرسي قال لي تصدّ بالقوة والقتل لكل من يحاول دخول القصر الجمهوري ميليشيات الإخوان أحرقت خيام المعتصمين وطاردتهم وتولت عمليات القتل والتعذيب المستشار مصطفي خاطر كشف أكاذيب مرسي وفضح النائب العام المعين كان يوم الاثنين يوما مشهودًا، في الصباح الباكر جيء بالرئيس المعزول، أدخل القفص، سوف يمثل محمد مرسي بعد قليل أمام هيئة المحكمة، والتهمة التحريض علي قتل المتظاهرين السلميين أمام الاتحادية يومي الخامس والسادس من ديسمبر 2012.. كانت الحشود الإخوانية قد بدأت تزحف باتجاه كورنيش النيل، لقد جاءوا بعناصرهم من كافة المحافظات، لقد أعدوا خطة للصدام مع الجيش والشرطة، قرروا أن يدفعوا بعناصرهم إلي المواجهة، إنهم يريدون المزيد من الدماء، لأجل السلطة التي انتزعت منهم، يراهنون علي ملل المصريين، ينسون أن هذا الشعب العظيم لديه عناد لا ينتهي، وإصرار علي الدفاع عن حقوقه بلا نهاية، مساكين هؤلاء لا يزالون يتجاهلون الواقع، إنهم يريدون إعادة انتاج الماضي البغيض، يظنون أن ذاكرة المصريين أصابها العطب، ويعتقدون أن الناس سيتعاطفون معهم من جديد، لقد دفعوا المصريين إلي الثورة لاسقاطهم، خسروا في عام واحد ما خسره مبارك بعد ثلاثين عاما من الحكم، والآن تحولوا إلي شيء كريه ومرفوض بعد أن راحوا ينغمسون في العنف وقتل الأبرياء والاعتداءات علي دور العبادة ومنشآت الدولة والأفراد.. كانت قوات الأمن والجيش لهم بالمرصاد في هذا اليوم، لقد أغلقوا الطرق المؤدية إلي معهد أمناء الشرطة حيث تجري المحاكمة، بدأت وسائل الإعلام في نقل الأحداث علي الهواء مباشرة، منذ قليل أحبطت قوات الأمن عددًا من العمليات الإرهابية، القت القبض علي عدد من المتهمين، قناة الجزيرة بدأت ترويج حملة من التحريض والأكاذيب منذ الساعات الأولي لهذا الصباح، بعض الممولين من ممثلي منظمات المجتمع المدني، راحوا يشككون في صحة المحاكمة، يبدو أنهم لم يسمعوا أن هناك ثورة قد حدثت، لا يزالون يتعاملون مع محمد مرسي وكأنه الرئيس الشرعي للبلاد، إنه نفس الموقف الأمريكي، ونفس موقف جهات التمويل الدولية صاحبة العطايا والمنح لقد اصطفوا جنبا إلي جنب مع الإخوان وحلفائهم، غير أن كل ذلك لم يغير من حقائق الواقع، الرئيس المعزول متهم، والأدلة وشهادات الشهود تحاصره وتحاصر عصابته، لقد تآمروا علي الوطن، حرضوا علي القتل جاءوا بالبلطجية من عناصرهم، أمسكوا بالعشرات عذبوهم عند أسوار القصر، وكان الرئيس يصدر التعليمات وينفذ أوامر مكتب الإرشاد. المشهد يعود من جديد، الناس يتذكرون وقائع ما جري في أيام الرابع والخامس والسادس من ديسمبر العام الماضي، كانت غضبة المصريين قوية، لقد أصدر محمد مرسي اعلانا دستوريا، انقلب فيه علي مكاسب الثورة، احتكر بمقتضاه سلطة القضاء جنبًا إلي جنب مع السلطة التنفيذية وسلطة التشريع تحولت مرسي إلي حاكم مستبد، يأمر فيطاع، يدوس علي القوانين والدستور بكل جرأة يعصف بكيان المجتمع ويدفع البلاد إلي الفوضي ويحدث الانقسام.. كانت الشوارع التي تحيط بقصر الاتحادية قد تحول إلي كتلة بشرية ضخمة، مواطنون جاءوا من كل حدب وصوب، رجال ونساء، شباب وشيوخ، أطفال رافقوا أهليهم، كانوا سلميين، لم يلجأوا إلي عنف أو تخريب، هتفوا مطالبين بسقوط الإعلان الدستوري، رفضوا حصار المحكمة الدستورية، وطالبوا مرسي بالتراجع عن أفعاله.. كان مرسي قد أعلن تحديه للجميع، تراجع حتي عن وعده بإصدار دستور توافقي، وطلب من جمعيته التأسيسية الانتهاء من إعداد الدستور خلال 48 ساعة، وقد حدث، وكان المشهد هزليا.. في هذا اليوم انطلقت المسيرات في العديد من المحافظات احتشد مئات الآلاف أمام القصر الجمهوري والشوارع المحيطة، استطاع المتظاهرون تجاوز الحواجز السلكية دون صدام مع رجال الشرطة، وقفوا أمام أبواب القصر ولم يفكر أحد في اقتحامها.. بعد قليل غادر مرسي القصر بناء علي نصيحة من اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية واللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري، طارده المواطنون المحتشدين أمام البوابة الخلفية للقصر بالأحذية والشتائم.. ظل المحتشدون عدة ساعات حول القصر، ثم سرعان ما عادوا من حيث جاءوا، بقيت هناك 'سبع' خيام فقط، ضمت أعدادًا محدودة من المعتصمين الذين رفضوا المغادرة وهتفوا بسقوط حكم الإخوان.. طلب مرسي من قائد الحرس ووزير الداخلية فض الاعتصام، انذر قائد الحرس وقال له أمامك ساعة من الآن، لطرد من أسماهم بشوية 'العيال'، قال له قائد الحرس الجمهوري 'من المستحيل أن نفض الاعتصام بالقوة، الخسائر ستكون فادحة ثم أن الأعداد محدودة وسوف ينصرفون خلال ساعات بكل تأكيد. لم يقتنع محمد مرسي بالحجة، هدد قائد الحرس وقال له مجددًا أمامك ساعة واحدة وإلا سيكون لي موقف آخر!! كان اللواء محمد زكي علي اتصال بالفريق أول عبد الفتاح السيسي، لقد حذر القائد العام من أي صدام مع الجماهير، لقد توقع 'السيسي' حدوث قلاقل في البلاد بعد الإعلان الدستوري 'الانقلابي' الصادر في 21 نوفمبر، قال ذلك لمحمد مرسي، لكن مرسي رفض أن يستمع إلي النصيحة. كان أسعد الشيخة نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية وإبن شقيقة محمد مرسي يحرض علي المواجهة بكل قوة، مارس ضغوطا علي اللواء محمد زكي، اتهمه بأنه لا يريد أن يفعل شيئا وحمله مسئولية ما يحدث.. بعد قليل، عادت الاتصالات مجددًا بين مرسي وقائد الحرس الجمهوري، قال اللواء محمد زكي احتاج إلي 24 ساعة لإنهاء الاعتصام، سأبذل كل الجهد بعيدًا عن استخدام القوة، سأخرج إلي المعتصمين وأدعوهم للانصراف سلميا. رفض مرسي منحه هذه المهلة، قال له: لقد أعطيتك ساعة فقط وإلا فإنني سأتصرف بطريقتي، كلمتي واحدة، عاوز أحضر إلي قصر الرئاسة صباحا ولا أجد أحدا، استخدم كل الأساليب بالقوة، بالهدوء، المهم أن تطردهم خلال ساعة واحدة فقط. كان الوقت فجرًا، كان قائد الحرس يعرف طبيعة المخاطر، وكان مرسي يحرضه بكل شدة ويقول له 'جمد قلبك، اضرب ومتخافش'. في الصباح الباكر من اليوم التالي 'الخامس من ديسمبر' كان المعتصمون قد وضعوا أسلاكا شائكة أمام بوابة القصر الرئيسية، خرج إليهم اللواء محمد زكي، تحاور معهم، أقنعهم بابعاد الأسلاك الشائكة بعيدا عن بوابة القصر، حتي يتمكن الرئيس من الدخول، قبلوا بالأمر ولم يعترضوا مارس أسعد الشيخة ضغوطه علي قائد الحرس لفض الاعتصام بالقوة، رفض قائد الحرس التورط والصدام، كان يراهن علي إنهاء الاعتصام سلميا، ارسل في هذا الوقت بمدير شرطة الحرس الجمهوري ورئيس عمليات الحرس للتفاهم مع المعتصمين، التقوا المعتصمين الذين اكدوا لهم أن اعتصامهم سيبقي سلميًا، وأن لهم مطالب سياسية يجب تحقيقها، وأن الرئيس يتراجع عن اعلانه الدستوري 'الانقلابي'، تعهدوا بأن يظلوا في خيامهم، لن يستخدموا القوة ولن يسعوا إلي الاحتكاك برجال الشرطة أو الحرس. في هذا الوقت نقل قائد الحرس الجمهوري وقائع ما جري إلي أسعد الشيخة لابلاغه إلي الرئيس، ثار الشيخة وغضب، اتهم الجميع بالتواطؤ، قال لقائد الحرس: 'الرئيس هيوريكم اليوم، كيف تفض الاعتصامات، وكيف تعود للرئاسة وللدولة هيبتها!! حذر اللواء زكي من خطورة اللجوء إلي العنف، لقد أدرك أن الإخوان قد يحشدون شبابهم للقيام بالمهمة، قال لأسعد الشيخة 'انتم كد هتعملوا مشكلة كبيرة، هتدمروا البلد، الناس لن يقبلوا باستخدام القوة مع متظاهرين سلميين، سيكون الثمن فادحًا علي الجميع. وصل مرسي إلي القصر الجمهوري في نحو العاشرة صباحًا من يوم الخامس من ديسمبر، طلب من ابن شقيقته أسعد الشيخة، الدعوة إلي اجتماع عاجل لبحث الأمر.. بعد قليل بدأ الاجتماع بالقصر الجمهوري، حضر كل من د.أحمد عبد العاطي 'مدير مكتب الرئيس'، والسفير رفاعة الطهطاوي 'رئيس الديوان'، والمهندس أسعد الشيخة ' نائب رئيس الديوان'، ود.ياسر علي 'المتحدث الرسمي'، وخالد القزاز 'مستشار الرئيس' إلي جانب اللواء محمد زكي 'قائد الحرس الجمهوري' واللواء أحمد فايد 'مدير شرطة الرئاسة'، واللواء أسامة الجندي 'مدير أمن الرئاسة'، وأيمن هدهد 'مستشاره الأمني'. كان الرئيس غاضبًا، وجه اللوم إلي قائد الحرس لأنه لم ينفذ التعليمات، أبلغ مرسي الحاضرين بأن الأمر سوف يحسم علي طريقته، أدرك الحاضرون أن المخاطر قادمة بلا محالة، ساعات قليلة وحسم الأمر.. في صباح نفس اليوم دعا المرشد العام لجماعة الإخوان إلي اجتماع لهيئة مكتب الإرشاد، حضر د.محمد بديع وخيرت الشاطر ومحمود غزلان وأسامة أبو بكر الصديق، تم اعتماد القرار، وتمت الدعوة إلي حشد كبير لشباب الإخوان وحلفاء الجماعة، أكد المرشد أنه اتفق مع الرئيس علي إنهاء الاعتصام وفضه بالقوة. اختار الحاضرون كلا من محمد البلتاجي وصفوت حجازي وأحمد المغير وعبد الرحمن عز وأسامة جمال الدين وأمير النجار لقيادة الميليشيات التي ستزحف إلي القصر لفض الاعتصام بالقوة.. في الرابعة عصرا وصلت طلائع الميلشيات إلي قصر الاتحادية، بدأوا علي الفور في مطاردة المعتصمين، هجموا عليهم، أحرقوا خيامهم، أحدثوا ارتباكا داخل كافة الأوساط، قائد الحرس حذر أسعد الشيخة وأيمن هدهد من نتائج استخدام القوة، لكنهما تجاهلا التحذير. سالت الدماء وأحرقت الخيام، وبدأت المطاردات.. كانت الفضائيات تنقل الحدث علي الهواء مباشرة زحف الشباب من كل مكان، من ميدان التحرير والمطرية وحدائق القبة، من روكسي ومصر الجديدة وعين شمس ومدينة نصر، حدث ما كان متوقعًا، وبدأت الاشتباكات. احتمي المعتصمون بمسجد عمر بن عبد العزيز، الميلشيات دخلت خلفهم وقاموا بالاعتداء علهيم وخطفهم وتعذيبهم بجانب أسوار القصر في حماية مسئولي القصر. مضوا بالعشرات من المصابين إلي بوابة القصر، أرادوا ادخالهم واستجوابهم داخل القصر، اتصل العميد خالد عبد الحميد رئيس مجموعة التأمين. بقائد الحرس وأبلغه بالواقعة، رفض اللواء زكي فتح أبواب القصر لادخال المخطوفين، وقال: لن أسمح بتحويل القصر إلي سلخانة للتعذيب. مع مضي الساعات كان الموقف يزداد تدهورًا، اتصل الرئيس مرسي بقائد الحرس في منتصف الليل طلب منه التدخل للفصل بين المتصارعين، كانت المنطقة قد تحولت إلي ساحة حرب، سقط عشرة لقوا حتفهم، وهناك مئات الجرحي، كان في مقدمة هؤلاء الصحفي 'الحسيني أبو ضيف' بجريدة 'الفجر'، لقد قتلوه رميا بالرصاص عن بعد، كانت الاستقالات من بعض مستشاري الرئيس تتوالي، كان مرسي سعيدا بما جري، لقد ظن أنه استطاع أن يعطي درسًا للمعتصمين، وأن أحدا لن يجرؤ علي تكرار ما جري.. في هذا الوقت طلب الرئيس من الفريق أول عبد الفتاح السيسي مساعدته في الوصول إلي قائد الحرس الجمهوري، تمكن السيسي من الاتصال باللواء محمد زكي وأبلغه بالأمر، حذره من أي تورط في الأحداث. اتصل قائد الحرس بالرئيس، طلب منه التنسيق مع أسعد الشيخة، رفض قائد الحرس التدخل، تجاهل دعوة مرسي للتنسيق مع الشيخة. في نحو الخامسة صباحًا من فجر الخميس السادس من ديسمبر وصل اللواء محمد زكي إلي قصر الرئاسة، أدرك أن الموقف يزداد خطورة، دفع بعدد من كتائب الحرس الجمهوري لمحاولة الفصل بين المتظاهرين ووقف الاشتباكات، ظل قائد الحرس علي موقفه برفض استخدام القوة، أبدي الرئيس استياءه الشديد من رفض اللواء زكي، طلب من أسعد الشيخة اصدار بيان باسم الحرس الجمهوري يطلب فيه من المعتصمين اخلاء المنطقة فورًا، لم يكن اللواء محمد زكي علي علم بهذا البيان، طلب من ضباطه عدم الاستجابة لأية تعليمات إلا ما يصدر عنه شخصيا. في هذا الوقت كان مكتب الارشاد قد طلب من مرسي إلقاء خطاب علي الشعب، لقد قدموا إليه معلومات كاذبة تقول 'إن المقبوض عليهم أقروا واعترفوا بأنهم تلقوا أموالاً من قيادات حزبية معارضة لتنفيذ مؤامرة ضد الرئيس. وفي مساء يوم الخميس السادس من ديسمبر، ألقي الرئيس مرسي بيانا إلي الشعب عبر التليفزيون الحكومي قال فيه حرفيا 'لقد القت قوات الأمن القبض علي 80 متورطا في أعمال عنف وحمل للسلاح ومستعمل له، وأن النيابة العامة قد حققت مع بعضهم والباقون محتجزون قيد التحقيق بمعرفتها، وأنه من المؤسف أن بعض المقبوض عليهم لديهم روابط عمل واتصال ببعض من ينتسبون أو ينسبون أنفسهم إلي القوي السياسية، وبعض هؤلاء المستخدمين للسلاح والممارسين للعنف من المستأجرين مقابل مال دفع لهم، وكشفت ذلك التحقيقات واعترافاتهم فيها، وفي الخطاب تساءل الرئيس 'من أعطي لهم المال ومن هيأ لهم السلاح ومن وقف يدعمهم' قال الرئيس بجرأة يحسد عليها 'لقد رأينا قبل ذلك حديثًا مجهلاً عن الطرف الثالث في أحداث ماسبيرو، ومحمد محمود، ومجلس الوزراء، وبورسعيد، ولم يتمكن أحد من التوصل للطرف الثالث، إن هؤلاء المقبوض عليهم تكلموا عنهم وعن ارتباطاتهم بهم وأن اعترافات هؤلاء سوف تعلن النيابة العامة نتائجها في ضوء التحقيقات التي تجري الآن في هذه الوقائع المؤسفة مع مرتكبيها والمحرضين عليها ومموليها في الداخل كانوا أو في الخارج. وقال الرئيس إن الدماء الزكية التي سالت في الأحداث خلال اليومين السابقين، لن تذهب هدرًا والذين زودوا المتهمين بالسلاح والمال وحرضوا علي العنف بدءوا ينزلون إلي النيابة العامة تمهيدًا للتحقيق معهم. كان الاعتقاد السائد حتي هذا الوقت أن المعلومات التي ذكرها الرئيس مستقاة من محاضر التحقيق، إلا أن الصورة كانت علي العكس من ذلك تمامًا، وهو ما كشفه المستشار مصطفي خاطر المحامي العام لنيابات شرق القاهرة والذي نفي هذه المعلومات جملة وتفصيلا وكشف الحقائق في خطاب الاستقالة المقدم فيه إلي النائب العام بعد أن صدر قرار بنقله إلي محافظة بني سويف. في اليوم التالي الجمعة السابع من ديسمبر توجه قائد الحرس الجمهوري لأداء صلاة الجمعة مع الرئيس مرسي في دار الحرس الجمهوري، أبلغه أنه علم أن حشودًا أخري من الإخوان ستزحف مجددًا إلي القصر لطرد المعتصمين، وأنه يتخوف من دخول المعتصمين القصر، ساعتها قال له محمد مرسي وفقا لشهادة اللواء زكي في تحقيقات النيابة 'من يتوجه إلي هناك اضربه بالنار واقتله فورًا.. رفض اللواء زكي تعليمات الرئيس، قال له إنه لا يستطيع اطلاق الرصاص علي المواطنين، دعني أتعامل مع الوضع بطريقة سلمية، رفض محمد مرسي بكل قوة، وقال له أن تعليماتي واضحة. أدرك الرئيس أن قائد الحرس ليس مستعدا لتنفيذ تعليماته، بالضبط كما فعل اللواء أحمد جمال الدين، الذي قال: لن أسمح باعادة تكرار أحداث 28 يناير 2011، ولن أقبل أبدًا بمواجهة المتظاهرين السلميين بالقوة، كان مرسي غاضبا أيضا من اللواء أحمد جمال، كان ينتظر اللحظة المناسبة لإبعاده من موقعه، وهو ما حدث في 6 يناير 2013. كان أحمد جمال يبذل كل ما لديه لإنهاء الموقف سلميا، لقد طلب في هذا الوقت من د.سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة إصدار تعليماته إلي أنصاره للانسحاب من حول الاتحادية بعد تصاعد الاشتباكات مساء 5 مارس وبالفعل قام الكتاتني في هذا الوقت المتأخر من الليل بإبلاغ أيمن هدهد المستشار الأمني للرئيس بضرورة فض المتجمهرين من أعضاء الجماعة وابعادهم فورًا عن محيط الاشتباكات. عندما التقي وزير الداخلية بأيمن هدهد سأله لماذا لم يجر سحب عناصر الإخوان كما طلب الرئيس؟ قال له: لن ينسحبوا إلا بعد أن يؤدوا الصلاة علي أرواح شهدائهم.. كان غالبية الشهداء من المعارضين، لكن الإخوان أصروا علي أن جميع من سقوط 'إخوان مسلمين'. كانت النيابة العامة تواصل تحقيقاتها اعتبارًا من فجر الخميس 6 ديسمبر، وأثناء المعاينة تلقي المستشار مصطفي خاطر اتصالاً من المستشار طلعت عبد الله النائب العام المعين، أبلغه المستشار خاطر أنه تم ضبط 90 متهما علي ذمة الأحداث وأن أفرادًا ينتمون إلي مؤيدي الرئيس هم الذين القوا القبض عليهم وأن التحقيقات لا تزال جارية معهم. طلب النائب العام من المستشار خاطر التوجه إلي قصر الاتحادية وأبلغه أنه تم ضبط 49 'بلطجيًا' وجميعهم محتجزون عند البوابة رقم '4' بالقصر الرئاسي وأنه اتفق مع السفير محمد رفاعة الطهطاوي رئيس الديوان علي توجه النيابة إلي القصر لاستلام المتهمين المحتجزين بواسطة عناصر الإخوان وأوصي النائب العام بضرورة حبسهم احتياطيًا. أبدي المستشار مصطفي خاطر دهشته من موقف النائب العام، وفي الثالثة والنصف من عصر يوم الخميس 6 ديسمبر شرع فريق التحقيق في مباشرة التحقيقات واستجواب جميع المتهمين فثبتت براءة جميع المتهمين الذين تم ضبطهم بمعرفة الإخوان وأن التحريات أكدت عدم وجود أي أدلة تثبت إدانتهم ولذلك، رفض المحامي العام حبسهم احتياطيا كما طالبه بذلك النائب العام 'المعين' ثم قام السيد إبراهيم صالح رئيس نيابة مصر الجديدة بعد التشاور مع المحامي العام المستشار مصطفي خاطر بإخلاء سبيل جميع المتهمين.. أحدث القرار صدمة لدي النائب العام ولدي رئيس الدولة، تلقي المستشار خاطر والسيد إبراهيم صالح اخطارًا لمقابلة النائب العام 'المعين'، وجه إليهما لوقًا شديدًا واستقبلهما استقبالاً فاترا، وعندما عاد المستشار خاطر إلي مكتبه فوجئ بفاكس يحمل قرارًا من النائب العام 'المعين' يتضمن قرارا بنقله وانتدابه للعمل في نيابة بني سويف مما آثار سخط أعضاء الهيئة القضائية الذين احتشدوا في اليوم التالي ورفضوا القرار، مما أجبر النائب العام علي التراجع. كان المستشار مصطفي خاطر قد رفض قرار النقل وبعث بخطاب إلي رئيس مجلس القضاء الأعلي يطلب فيه هو والسيد إبراهيم صالح إنهاء انتدابهما من النيابة العامة، شرح فيه وقائع تمثل إدانة لعصر محمد مرسي وتآمره علي الشعب وعلي القضاء.. كانت تلك هي حقيقة ما حدث، وبعد سقوط النظام جري تحريك القضية، قدمت الأدلة وشهادة الشهود، فأحالت النيابة العامة الرئيس المعزول وآخرين إلي المحاكمة، ليلقوا جزاءهم علي ما اقترفوه من آثام في حق هذا الشعب وحق هذا الوطن. فوجئ محمد مرسي بالأدلة والوقائع، لقد بدأ بادعاء أن القضية ملفقة وأنه لا يعترف بالمحاكمة، زعم أن المحاكمة باطلة، وأنه رئيس جمهورية شرعي، يبدو أنه لم يسمع بعد بثورة الشعب المصري ضده، قال إنه سيتولي الدفاع عن نفسه، يبدو أنه سيعيد انتاج خطاب 6 يونيو.. كانت الجلسة الأولي إجرائية، انتهت سريعًا، لتعود المحاكمة مرة أخري في وقت لاحق، ولتتكشف فيها الحقائق كاملة لرئيس عزله الشعب بعد أن أدرك أنه سيقود البلاد حتما إلي الانهيار والدمار وسيشعل علي أرضها حربًا أهلية لا تنتهي بسهولة.