تقع مدينة كرداسة في شمال محافظة الجيزة يتبعها العديد من القري من أهمها وأكبرها قرية كرداسة التي تعتبر من أقدم القري القديمة بمصر، وأهم ما كان يميزها أنها كانت فيما مضي مركز تلاقي تجارة الرقيق وطريق الحجاج من الغرب وطريق سيوه وطريق وادي النطرون، كما أنها تقع بالقرب من أهرمات الجيزة، وقد اشتهرت بتجارة الأقمشة وانتشار الحرف الشعبية بها كصناعة الملابس والمنسوجات البدوية والريفية والصناعات الجلدية والمشغولات الفرعونية، وتعتبر صناعة النسيج من أقدم الصناعات بها وتطورت إلي ورش صناعية صغيرة في فترة الستينات من القرن الماضي وذاع صيتها واستقطبت عدد كبير من العمالة النسائية للعمل بالحرف اليدوية الشعبية التي حافظت علي الموروث الشعبي المصري لحرف المشغولات اليدوية. تتميز كرداسة بشارعها السياحي الطويل بمحلاته التجارية التي كانت تتباهي في عرض المنسوجات الشعبية والقطع الأثرية ناهيك عن موقعها المتميز ومناخها الجميل مما جعلها مقصدا للسائحين ولقمة عيش هنية لسكانها المسالمين، يحيط بكرداسة العديد من القري التي تحتوي علي عائلات شهيرة من البدو والأعراب الذين وفدوا لتلك القري والمناطق المحيطة بها منذ زمن طويل من جهة الغرب أشهرها في منطقة أبو رواش ودهشور كقبيلة الربايعية والربيع وبني ربيعة، وعائلة طلبة التي تشتهر بصيد الزواحف البرية وتشكل تلك العائلات بمساعدة عائلات أخري وفدت من الصعيد جبهات ضغط قوية لفرض نفوذهم علي الأهالي ويقومون بتحصيل الإتاوات مقابل تأمين المحلات التجارية والفيلات وأراضي واضعي اليد، كما أن نفوذهم امتد لما هو أخطر من ذلك بسبب غياب الدولة في حقبة مبارك للتصدي لهؤلاء الذين بسطوا سيطرتهم علي مساحات كبيرة من أراضي الدولة تمتد وبعمق علي جانبي طريق مصر إسكندرية الصحراوي وممتدة في النفوذ إلي وادي النطرون والواحات وقيامهم بمساعدة البلطجية والخارجين علي القانون والسماسرة ببيع تلك الأراضي إلي واضعي اليد لزراعتها واستثمارها بما يخالف القانون، إلي جانب تجارة السلاح المهرب من ليبيا وتجارة المخدرات، وتجارة الحيوانات والزواحف البرية التي أوشكت علي الانقراض وإيواء الخارجين علي القانون ثم مؤخرا تعامل تلك العائلات مع الجماعات الجهادية والسلفية بما يهدد الأمن القومي المصري، وقد نشطت الأعمال الإجرامية في منطقة كرداسة ومحيطها بعد ثورة25يناير بسبب الانفلات الأمني، مما مكنهم بمساعدة الجماعات الجهادية المقيمة بالمنطقة والوافدة إليها في مناطق بذاتها مثل كفر برك الخيام والمعتمدية وناهيا والمنصورية وكفر حكيم وقرية بني مجدول كما توجد بعض العائلات الأخري في كرداسة وناهيا تنتمي للجماعات السلفية منها بعض القيادات الإرهابية كعائلة الغزلاني وعبد السلام وبشندي وقناوي والغول وعمار، وقد اشتركت كل تلك العائلات والجماعات الجهادية بالقيام بالكثير من العمليات الانتقامية وبخاصة بعد عزل مرسي وجماعته عن الحكم كان علي رأسها العملية الغادرة بمذبحة قسم شرطة كرداسة الذي راح ضحيته 12 من رجال الشرطة الأبرياء وحرق القسم فأصبحت بعدها المنطقة خارج السيطرة الأمنية مما مكن تلك الجماعات من عزل المدينة عن المحافظة وإقامة المتاريس والحواجز الخراسانية والمطبات الصناعية علي مداخل ومخارج المدينة لمنع دخول الغرباء والاستعداد لمواجهة قوات الأمن في حالة اقتحامها وكما هو متوقع. وفي ظل وجود كل تلك البؤر الإجرامية والجنائية وأفعالها الإرهابية بالمنطقة فقدت كرداسة الجميلة سمعتها وخسارة أهلها لأرزاقهم، كما أن استمرار وجود هذا الإجرام الذي يتعدي هيبة الدولة ونفوذها يمكن أن يغير الطبيعة الديموغرافية لمنطقة سياحية وتراثية هامة غالية علي قلوبنا ويحولها إلي بؤرة إجرامية تهدد أمن الوطن وسلامته. إن العبء كبير علي رجال الشرطة وكلنا أمل في أنها قادرة علي التصدي لكل تلك الممارسات وبخاصة بعد أن وعدنا اللواء كمال الدين مدير أمن الجيزة بالاستعداد للقيام بعملية موسعة تشفي صدورنا وتخلص أهل كرداسة من هذا الإجرام شريطة القصاص من قتلة رجال الشرطة الذين قدموا دماءهم الطاهرة فداءا لهذا الوطن، ومن حسن الطالع أن أهالي المنطقة يحملون الكثير من مقاطع الفيديو لصور كثيرة التقطوها أثناء اقتحام الإرهابيين للقسم ونحن نطالبهم وبوازع من ضمير بألا يترددوا في تقديمها ونطالبهم أيضا بتقديم ما يملكوه من معلومات عن الجماعات الجهادية وممارسات قياداتها بالمنطقة لكي تستطيع شرطتنا الباسلة النجاح في مهمتها المتوقعة وحتي تسترد الدولة هيبتها ويسترد المواطنين الشرفاء أمنهم وحقوقهم وتعود كرداسة لنا كسابق عهدها.