قال الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف، أنَّ يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر اللَّه المحرّم على الصحيح، وهذا هو ما ذهب إليه جمهور العلماء، الذي يوافق ذكرى نجاة سيدنا موسى عليه السلام هو وبني إسرائيل من فرعون وجنوده، ففي الصحيحين عن عبد اللَّه ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: "قَدم النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «ما هذا؟»، قالوا: هذا يومٌ صالح هذا يومٌ نجَّى اللَّه بني إِسرائيل من عدوِّهم، فصامه موسى، قال: «فأَنا أَحقُّ بموسى منكم»، فصامه، وأمر بِصيامه" [رواه البخاري ومسلم]، وفي هذا الحديث يروي عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما، أنَّ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لما هاجر من مكة إلى المدينة، وفي العام التالي وجد يهود المدينة يصومون يوم عاشوراء، فسألهم عن سبب ذلك، فذكروا أنَّ هذا يومٌ صالحٌ وقع فيه خيرٌ وصلاحٌ، حيث نجَّى اللَّه فيه بني إسرائيل من عدوهم فرعون بإغراقه وجنوده في البحر، فصامه نبي اللَّه موسى عليه السلام، فلما علم النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ذلك، أخبر أنَّه أحق بموسى منهم، حيث إنَّهما أخوان في النبوة، ولأنَّه عليه الصلاة والسلام أطوع وأتبع للحق منهم، فهو أحق أن يشكر اللَّه تعالى على نجاة موسى عليه السلام، ولذلك صامه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، وأمر المسلمين بصيامه، لأن المسلمين أولى بحب موسى عليه السلام وموافقته من اليهود، حيث إنهم بدلوا شريعته وحرّفوها، وقد سمّى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم المحرّم شهر الله، وإضافتهُ إلى الله تدلُّ على شرفه وفضله. وأضاف «صفوت عمارة» خلال حديثه ل«الأسبوع» أنَّ صيام يوم عاشوراء كان معروفًا في أيام الجاهلية قبل البعثة النبوية، فقد ثبت عن عائشة رضي اللَّه عنها أنها قالت: "إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه"، وقال القرطبي: لعل قريشًا كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم عليه السلام، وقد ثبت أيضًا أنَّ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كان يصومه بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة، وقد ورد في فضل صيامه عدّة أحاديث، منها ما رواه البخاري عن عبد الله بن عباس رضي اللَّه عنهما أنّه قال: "ما رأيتُ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يتحرَّى صيام يومٍ فضَّله على غيره إلَّا هذا اليوم «يوم عاشوراء»، وهذا الشَّهر «شهر رمضان»"، وفي هذا الحديث يحكي عبد اللَّه بن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّه ما رأى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يتحرَّى أي: يقصد ويبالغ في طلب صيام يومٍ فضَّله على غيرِه إلَّا هذا اليوم يوم عاشوراء، فكان شديد الإهتمام بصيامه والحرص عليه لينال فضله وثوابه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «أفضلُ الصيام بعد رمضان، شهر الله المحرّم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة، صلاة اللَّيل» [رواه مسلم]، وصيام يوم عاشوراء يكفّر ذنوب سنةٍ قبله، فعن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «صيام يوم عرفة، أحتسب على اللَّه أن يكفّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على اللَّه أن يكفّر السنة التي قبله» [رواه مسلم]، ويستحب صيام يومٍ مع يوم عاشوراء لمخالفة أهل الكتاب، ففي صحيح مسلم عن عبد اللَّه ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "حين صام رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول اللَّه: إنه يوم تعظِّمه اليهود والنصارى، فقال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم «فإذا كان العام المقبل إن شاء اللَّه صمنا اليوم التاسع» قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم" [رواه مسلم]