فاز مشروع تطوير الساحة الامامية لمعابد الكرنك وازالة العشوائيات التي كانت تهدد أكبر وأعظم اثر في العالم كله بالجائزة في المسابقة العالمية التي تنظمها منظمة المدن والعواصم العربية والاسلامية عن المشروعات المعمارية والفنية المتميزة والتي تمثل نقلة حضارية بالغة الاهمية في بلدها ولها مردود وأهمية ثقافية علي مدينتها. الجائزة جاءت لترد علي الذين هاجموا عملية التطوير التي حدثت في منطقة الكرنك واستطاعوا ان يوقفوها لمدة 6 اشهر كاملة لولا تدخل اليونسكو الذي ارسل عدة لجان لتفقد المشروع بالكامل فوضع تقريره الذي أكد أن تجربة تطوير المناطق الاثرية في الاقصر فريدة من نوعها وجديرة بالاحترام ويجب أن تكون نموذجاً تقتدي به المدن التراثية والأثرية في العالم كله لكي تتعامل مع آثارها. البداية كانت بتولي الدكتور سمير فرج منصبه كرئيس للمجلس الأعلي للاقصر يومها كانت أول زيارة له إلي معبد الكرنك الذي يعد أضخم أثر في العالم فهو مقام علي 202 فدان تحكي التاريخ العسكري لمصر القديمة طوال 0052 سنة ويسجل انتصارات الملوك وثورة اخناتون الدينية وخبيئة الكرنك والمسلات التي خرجت لتزين عواصم اوروبا وتعبر عن فترات التفوق الاقتصادي والاجتماعي لمصر التي خرجت منها أول حكومة مركزية في العامل كله.. فاحتفظ الكرنك بموقعه باعتباره الاثر الوحيد الذي يعد سجلاً كاملاً للحضارة المصرية منذ عام 0012 قبل الميلاد وحتي القرن الرابع بعد الميلاد حيث تباري ملوك وعظماء مصر طوال تلك السنوات علي تسجيل انتصاراتهم علي جدران المعبد وإقامة الأعمدة والمسلات والمقاصير تقربا للالهة. ويقول الدكتور سمير فرج إنه شاهد العشوائيات تحيط بمجموعة معابد الكرنك حيث البيوت والبازارات تقام فوق الحرم الخاص به وتعدي الامر الي إنشاء بعض المخازن والاستراحات امام واجهاته فحجبت رؤية بانوراما المعبد التي تعبر عن عظمة وجلال وشموخ هذه المعابد فأصبح من الضروري التدخل. حيث ان كل ما يقابلك وأنت تدخل لزيارة المعبد مشين ليس المنازل ولا البازارات ولا العشوائيات فقط بل الحنطور وروث البهائم يحيط بالمنطقة ولا يوجد مكان لانتظار السيارات.. والاتوبيسات تقف بصورة عشوائية وغير حضارية ومنظرها يسئ كثيراً إلي المكان ويصعب علي المرء أن يستخدمها وقبل هذا وذاك إنتشار الحيوانات الضالة بمختلف انواعها. خطة شاملة ويضيف أنه كان لابد من وضع خطة شاملة لتطوير المنطقة وإعادة البهاء إليها وبالفعل بدأنا في إعداد خطة شاملة لتطوير الساحة الامامية وتم رفع المنطقة مساحياً وقام الدكتور أيمن عاشور نائب رئيس جامعة عين شمس المستشار الهندسي للاقصر بوضع التصميمات النهائية للمشروع الذي شمل تفريغ الساحة الامامية للمعابد من جميع العشوائيات وإعادة تخطيط المنطقة لتشمل إنشاء مركز للزوار ومجموعة مختلفة من البازارات ومنطقة انتظار للسيارات والاتوبيسات السياحية ومناطق خدمات عبارة عن مركز للاتصالات ومواقع للانترنت ونقطة إسعاف واخري للطواريء ونقطة للاطفاء وقسم للشرطة ودورات للمياه. نظيف يبارك وعرضنا هذا التصور علي الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء وتحمس للفكرة تماماً وأمر بوضع كل امكانات الدولة من أجل نجاحه وظهوره بالوضع الذي يليق بأهمية الاثر بشرط المحافظة علي حقوق المواطن الاقصري وتطبيق مبدأ الرئيس مبارك بألا يضار مواطن واحد من عملية التطوير. ويضيف الدكتور سمير فرج أنه منذ أول يوم لتنفيذ ذلك المخطط الشامل ثارت ثورة البعثة الفرنسية التي كانت تتخذ من مبني لوجران المواجه للصرح الامامي لمعابد الكرنك مقراً لها والذي كان يقيم فيه عالم الآثار الفرنسي لوجران الذي اكتشف خبيئة الاقصر عام 2091 أثناء عمله كمفتش لاثار الكرنك واعتبره الفرنسيون قصراً اثرياً لا يمكن الاقتراب منه واطلقوا عليه وعلي مساكن البعثة الفرنسية المقامة علي مساحة تقترب من فدان علي الضفة الشرقية للنيل في مواجهة المعبد اسم القرية الفرنسية. وبدأنا التنفيذ وبعد توقف 6 أشهر كلف الدولة 03 مليون جنيه كما يقول الدكتور فرج محافظ الاقصر بدأنا في إعادة العمل بالمشروع وإزالة بيت لوجران ومبني التفتيش الاثري بالاضافة إلي المباني الحكومية بالاضافة الي 72 بازاراً و 81 منزلا وبدأت الساحة في الظهور حيث تبلغ مساحتها 06 الف متر مربع ما بين مسطحات من الحجر وأخري من الجرانيت وثالثة خضراء بإبداع معماري وفني دقيق امتزجت فيه حضارة الفنان المصري الحديث بأجداده ملوك العمارة والفن.. فقد تم انشاء مواقف لانتظار الحافلات السياحية تسع 001 اتوبيس وبجواره موقف يتسع ل 03 ميني باص وآخر للميكروباص والليموزين. 3 اكتشافات أثرية قلت للدكتور سمير فرج: وماذا بعد إزالة بيت لوجران ومنطقة البازارات؟! فأجابني بقوله: بمجرد البدء في الهدم عثرنا علي كنز اثري حيث قامت بعثة اثرية مصرية قادها الاثري منصور بريك مدير عام آثار مصر العليا ضمت الاثريين عبد الستار بدري والطيب غريب وسوزان صبحي عازر ومؤمن سعد وشيماء منتصر ابو الحجاج وصلاح الماسخ ومحمد حاتم بالكشف عن السد العظيم الذي شيده المصري القديم لحماية المعابد من خطر الفيضان السنوي للنيل وهو ما يعكس اهتمام المصري القديم بحماية معابده الدينية من أي خطر يمكن أن يلحق بها..أما المفاجأة فكانت في عثور البعثة المصرية علي ميناء أثري أسفل منزل لوجران بعد إزالته وهذا الميناء كان يستخدمه المصري القديم في توصيل الاحجار التي كان يستخدمها في تشييد المعابد من النيل حيث يأتي بها من أسوان وجبال السلسلة عبر المراكب حتي ينقلها إلي داخل المعبد عبر هذا الميناء الذي ظل يقبع أسفل منزل السيد لوجران لعدة عقود رغم ما له من أهمية عظيمة. وثالث الاكتشافات التي عثرت عليها البعثة المصرية هو حمام شعبي بطلمي يرجع إلي القرن الثاني قبل الميلاد ويمثل إضافة مهمة لمجموعة معابد الكرنك حيث شيده المصري القديم خلف السد ولذلك كان يحيط بالمعابد وله مقاعد دائرية وارضية من الموزايك والفريد إنه لأول مرة في مثل هذه الحمامات البطلمية أن تشكل مداخلها علي هيئة »الدولفين« الحيوان المائي الشهير. ومن الطريف أن البعثة المصرية عثرت علي آنية من الفخار مليئة بالعملات البرونزية ويبلغ عددها 613 عملة منقوشة حيث يمثل أحد وجهي العملة للاله آمون زيوس والوجه الآخر للاله ايزيس وتبين العملات قوة الديانة المصرية القديمة حيث يعبد الإله آمون في صورة زيوس والغريب أن هذا الكشف كان يقبع اسفل المحلات والبازارات العشوائية التي كانت تحيط بالكرنك.. واضاف إن سعادتي بالجائزة تكمن في إنني حصلت عليها بعد كل هذا الجهد الشاق وهو تقدير رفيع المستوي حيث ان منظمة المدن والعواصم الاسلامية تقوم بتنظيم مسابقتين. الرئيسية في تخطيط المدن والثانية عن أحد مشروعات التطوير في المدن والعواصم الاسلامية وتنظم المسابقة كل 3 سنوات. وقد شرفت الاقصر بالحصول علي المركز الثاني في مسابقة عام 7002 بعد المدينةالمنورة وهذا شرف عظيم إذا ما علمنا أن مشروعات التطوير في المدينةالمنورة تكلف 5.01 مليار ريال سعودي ومشروع تطوير الاقصر بلغ 2.1 مليار جنيه مصري.. وجئنا هذا العام لنحصد المركز الأول في جائزة المشروعات الفرعية وهو مشروع تطوير الساحة الأمامية لمعابد الكرنك.