علي النقيض تماما مع الهجوم الانفعالي الدائم والمستمر الذي تشنه غالبية الصحف ووسائل الاعلام العربية علي كل ما يجري وما تقوم به إسرائيل - علي النقيض تماما من هذا الأسلوب الذي يفتقر كلية إلي الحرفية، وأصول مهنة الصحافة والاعلام، فإن الأسلوب الذي تميزت به صحيفة »صنداي تايمز« البريطانية خلال الآونة الأخيرة، يعتبر نموذجا مشرفا لهذه المهنة السامية التي يمكنها- إن خلصت والتزمت- أن تغير الأوضاع والأحوال إلي أفضل ما يمكن ان يصبو إليه الجميع! في هذا الاتجاه كشفت صنداي تايمز عن كل ما اجتهدت إسرائيل في اخفائه عن المجتمع الدولي، ابتداء من ترسانتها النووية، وانتهاء بأزمة أسطول- أو علي وجه الدقة »أسيطيل«- الحرية! واستمرارا في هذا الخط السياسي، خرجت علينا صنداي تايمز، أمس الأول، بمعلومة جديدة وخطيرة تكشف عن مدي التعاون الوثيق بين انقرة وتل أبيب وذلك بعد ان أكدت الصحيفة - نقلا عن مصادر أمنية اسرائيلية- ان اسرائيل تنشر داخل الأراضي التركية مراكزومحطات تنصت إليكترونية تتمكن من خلالها علي كشف أدق ما يجري داخل الأراضي الايرانية! وأنها - أي إسرائيل- بعد الأزمة الأخيرة بين البلدين بسبب هجومها علي السفينة مرمرة ومن بعدها السفينة »راشيل كوري«، تتخوف من قيام تركيا باغلاق مركز ومحطات التنصت الاليكترونية الاسرائيلية داخل الأراضي التركية! وأغلب الظن أن هذا الاحتمال مازال بعيدا لسبب منطقي وبسيط قوامه ان المعلومات الاستخبارية التي تحصل عليها اسرائيل من خلال هذا المركز الاستطلاعي يتم بالقطع نقلها إلي واشنطن، ومن جانب آخر فإن أكثر ما تصبو إليه تركيا هو الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي، والاعتراف بها كدولة أوروبية مثل سائر دول القارة، وفي ذلك فإنها تعتمد بالدرجة الأولي علي واشنطن لتحقيق هذه الأمنية الغالية. وبعيدا عن هذه المتاهات السياسية، فإن ما يهمنا هنا هو تلك المعلومات الخطيرة الموثقة التي تنقلها إلينا »صنداي تايمز« والتي تكشف وحدها عن حقيقة مواقف كل دول المنطقة، وعن الفجوة الهائلة بين ما تعلنه بعض الدول، وحقيقة ما تقوم به علي أرض الواقع.. ويالها من فجوة!