الفرق بين السياسي ورجل الدولة أن الاول يبحث عن مكسب سريع شخصي أو حزبي أما الثاني فلا يكون منطلقه الشخصي أوالحزبي بل الكلي والشامل. قرار الرئيس مبارك بفتح معبر رفح قرار رجل دولة يرتفع فوق صغائر كثيرة ويتعامل مع معاناة 1.5 مليون فلسطيني فرضت الحصار عليهم تحالفات الأضداد. القرار يتسق مع الدور المصري الذي لم يتوقف ولم ينقطع في الدفاع والوقوف مع الشعب الفلسطيني وهو دور لم يكن من سماته في أي وقت البحث عن "شو" إعلامي أو الجري وراء مكاسب آنية صغيرة. إن الحصار الذي تفرضه اسرائيل برا وبحرا علي قطاع غزة جريمة بكل المعايير الدولي منها والانساني والقانوني. والسعي لوضع حد لهذا الحصار يتضمن وسائل عديدة ويتطلب تضافر جهود مختلفة. وقافلة أسطول الحرية التي وقفت وراءها تركيا بشكل أساسي لم يكن الهدف منها كسر الحصار الاسرائيلي بقدر ما كان تركيز الضوء علي المعاناة التي يسببها الحصار. وارتكبت اسرائيل في التعامل مع الاسطول جريمة مركبة تمثلت في قتل عدد من المدنيين العزل فوق ظهر السفينة مرمرة والتي كانت هي وباقي سفن الاسطول موجودة في المياه الدولية حين هوجمت من قبل الزوارق الحربية الاسرائيلية وطائرات الهليكوبتر. ونبل الدوافع التي وقفت وراء تنظيم القافلة لا ينبغي التقليل منه لكن الحقيقة تبقي وهي أن وصول احتياجات سكان القطاع لا توفرها قافلة تنظم كل عدة شهور ولكنها تحتاج الي وسيلة مثل تلك التي تتيحها المعابرلضمان تدفق آمن وسلس للمساعدات ولتسهيل خروج ودخول الفلسطينيين. وعلي الرغم من أن اتفاقية المعابر بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية تتعلق بستة معابر ليس بينها معبر رفح فقد كان هذا المعبر وحده هو قميص عثمان الذي يرفعه كل مناضلي الفضائيات في محاولة للخصم من دور مصر. الخطوة الأولي في العمل من أجل وضع حد للحصار الاسرائيلي البري والبحري لغزة هي المصالحة بين فتح وحماس. ولا تزال مصر بعد قرابة عام من الانتهاء من الورقة المصرية للمصالحة والتي هي جماع ما توافقت عليه الفصائل الفلسطينية تنتظر توقيع حماس عليها بعد أن وقعت فتح. لكن توقيع حماس مرتبط بحسابات أطراف أخري خارج القطاع وهي أطراف توظف الحصار في معركتها مع قوي دولية وتري في التهجم علي مصر وسيلة لصرف الأنظار عن سياساتها الانتهازية التي لا تقدم للقضية الفلسطينية غير معسول الكلام. لقد أعلنت مصر قبل انطلاق القافلة أن ميناء العريش مستعد لاستقبال الاسطول ونقل ما تحمله سفنه من معونات الي قطاع غزة إذا أراد المنظمون ذلك والتزموا بما تراه مصر من ترتيبات تتعلق بأمنها. وكان في هذا الإعلان قطع للطريق علي أي محاولة لتكرار ما حدث في قافلة النائب البريطاني السابق جورج جالاواي منذ شهور والتي أريد لها لاسباب لا علاقة لها بالمعاناة أن تنطلق من ميناء نويبع وعبر سيناء وصولا الي رفح. تركيا تسعي للدخول الي المنطقة من باب السلام وايران تعمل علي بسط نفوذها ودعم موقفها التفاوضي مع الغرب من خلال استغلال استمرار الحصار وكثير من العرب يناضل فضائيا إما لأنه لا يقدر أو لا يريد النضال بأشكال أخري واسرائيل سعيدة بما يجري. وحدها مصر هي التي تعمل ..ولهذا فهي وحدها المستهدفة بالهجوم.