شتان الفارق بين نهايتي مباراتي الدور قبل النهائي لكأس مصر واللتين اجريتا يوم الخميس الماضي.. جاءت الأولي مفاجئة وغير متوقعة ولا متوافقة مع مجريات اللعب والعرض المقدم من الفريقين المتنافسين بل لعلها جاءت علي يد ومن خطأ قاتل ارتكبه البطل المنتظر والفارس الأول الذي وضع فيه الجميع الأمل ليأتي الخلاص علي يديه وبفضل موهبته وخبرته لو ان النهاية توقفت واحتكمت لضربات الجزاء الترجيحية كما حدث في اللقاء الذي سبقه للإسماعيلي في دور الثمانية أمام الاتحاد السكندري والذي تعملق فيه عصام الحضري وصد ضربة جزاء من محمود شاكر عبدالفتاح أدت إلي تأهل الدراويش إلي المربع الذهبي.. غير ان الأحوال لم تأت كما اشتهي »الإسماعيلاوية« وخرج رمزهم العريق بهدف مباغت قبل نهاية الوقت الإضافي الثاني بسبع دقائق وبكرة ضعيفة وغير دقيقة اطلقها البديل محمد حامد ميدو وجاءت في توقيت يصعب علي أي منافس التعويض فيه والرجوع إلي المباراة. أما النهاية الأخري فقد جاءت متوافقة ومتناغمة مع معظم التوقعات والتنبؤات.. اتفقت الآراء قبلها علي ان كفة الأهلي هي الأرجح ولاعبيه هم الأفضل وإنتاجه هو الأغزر.. وحتي بعد ان اهتزت شباكه بهدف مبكر بقدم العيدروسي في غفلة ورجفة من كل الدفاع الأحمر.. لم تفقد الجماهير أملها في التعويض وضاعفت من تشجيعها وكثفت من حثها وتحفيزها للاعبيها حتي أحرز فضل هدف التعادل وظلت علي حالها إلي أن تقدم الأهلي بهدف ثان بفضل فضل أيضا وبرأسه الثمينة وليكون هذا الفضل هو هداف الكأس برصيد خمسة أهداف.. صحيح لم ييأس الإنتاج وضاعف من ضغطه وكثف من هجومه غير ان محاولات العيدروسي واجتهادات موسي وحتي انطلاقات عمران وربما خالد فتحي ومؤمن زكريا ومحمد عبدالحميد وجمعة مشهور وسلامة من الخلف لم تشفع للإنتاج في التعويض. إذن الصدفة وحدها هي التي تحكمت في نهاية المباراة الأولي ووقفت خلف الحدود ليتمكن من التأهل خاصة وأن كل مسئولي الأصفر تصوروا أن خبرة الحضري وكفاءته ومهارته لا يمكن أن تقارن وتفاضل بمحدودية وحداثة علي فرج حارس الحدود.. وربما أكدت هذه المفاجأة ان الكرة المستديرة لا أمان لها ولا توقعات فيها وأن مباريات تقبل بكل الاحتمالات ولا تخضع للمسلمات ولا تعترف بالخلفيات.. ولقد ظلت النهاية للمباراة الثانية أيضا غير محسومة ولا محتومة.. واحتبست الانفاس.. وأشرأبت الأعناق وحتي صافرة الحكم النهائية والتي انطلقت من فم حمدي شعبان العائد بعد فترة غياب عن الملاعب طالبت لأسباب متباينة منها الإصابة ولذلك فكان من الطبيعي ان يودع وهو خارج من اللقاء باستهجان واستنكار من جماهير الطرفين خاصة بعد المشهدين التمثيليين اللذين أداهما بعد استدعائه لكل من حسام البدري ثم طارق يحيي وتجاوزه معهما متيحا لهما التشويح والتنديد والاعتراض دون أن يبدي أي شجب أو رفض أو تحذير ولو حتي بالإشارات التمثيلية التي يتقنها. لكن ومع كل التباين والتعارض للنهايتين فإن من الواجب واللائق الاعتراف بالجهد الغزير الذي بذله المتأهلان للدور النهائي.. وكذلك لابد أيضا ان نعترف بالندية والكفاءة والمقاومة والصمود التي بذلاها المستبعدان.. الحدود لم ينس لاعبوه انهم أصحاب اللقب والأرض والمنتمين إلي المؤسسة العريقة والمنظومة المنضبطة التي استطاعت ان تهيئ لهذا الفريق العريق المناخ المستقر والامكانات البشرية اللائقة والدعم الكافي وحتي الجماهير ذات الطبيعة الفطرية القوية والألوان الزاهية الموحدة.. ورغم ان الحدود افتقد بعض الركائز سواء لعدم الجاهزية أمثال محمد حليم كابتن الفريق أو الهجر كعبدالسلام نجاح وهاني سعيد أو حتي للاعتزال كعبدالحميد بسيوني.. إلا انه فريق عريق يسهل عليه استعادة التوازن والاستفاقة بعد غفوة عارضة.. أما الأهلي فهو البطل التقليدي لكل المسابقات المحلية وبعض الافريقية وله خبرات عالمية وكوادر فنية وإدارة ذاتية وقيادة مهنية.. وتمكن البدري المدير الفني الكفء وعلاء ميهوب وناجي ويوسف ان يمزجوا بين الشباب والكبار وأن يتعظوا من الأخطاء وأن يدركوا ان الفريق لا يتحمل »بهمدار« في أكثر من خط ويكفيه ان يشارك »عمدة« واحد فقام البدري بإراحة أحمد حسن ودفع بدلا منه بأحمد فتحي واكتفي بشهرة وسمعة أبوتريكة.. وعندما تأكد من أن التوفيق لم يصاحبه قام باستبداله بحسن وأبقي فتحي رغم عدم توفيقه.. ولعل الأهلي فاز لأنه الأقل سوءا والأغذر إنتاجا من الإنتاج الذي اعتمد علي حماسه وكفاءة مديره الفني طارق يحيي الذي نجح بجدارة في خلق فريق قوي من رديف الأندية واعتمد علي مهارات آفلة كانت في طريقها للاعتزال أمثال موسي والعيدروسي ومشهور وأضاف إليهم بعض الكفاءات الواعدة أمثال مؤمن زكريا وحازم فتحي.. لكن يبقي ان الجهد الإجمالي لا يمكن أن يتواصل مع لاعبين فوق السن أمثال ثابت صاروخ ومحمود عبدالحميد وحتي مع الدفع ببعض البدلاء للتنشيط والتجديد وكذلك تحفيز بعض الكفاءات كأحمد عمران غير ان كل هذه الأمور لم تشفع له للتعويض والعودة من جديد. أخيرا كلمة للإسماعيلي الذي تحسنت قيادته لنصر التحكيم وشككت في ذمة المصريين ودفعت من جيوبها الخاوية أو حتي محافظ غيرها مبلغا طائلا للمباراتين وليس مباراة واحدة كأنها تأكدت من التأهل للنهائي.. فقد دفعت ضريبة شكوكها.. بل لعل جماهير الدراويش دفعت ضريبة غير مستحقة عليها وإنما جاءت ظالمة لهاوهي التأكد من تركيز الحضري الذي افتقده تحت وطأة ما يعانيه علي كل الأصعدة لكنه يمثل ويرتدي قناعا من الجبس يبدي فيه الصلابة الهمية ويظهر فيه البطولة الورقية وهو ليس كذلك وربما زاد موقفه صعوبة تلك التصريحات المتضاربة التي حددت من أعضاء الجهاز الفني للمنتخب حيث أكد شحاتة ان خسارته كبيرة في افتقاد جهود الحضري بينما أطل علينا سليمان بأن الخسارة غير جسيمة لأنها مؤقتة ولن نتعرض لها إلا لمباراتين غير مهمتين فضلا عن توفير البديل الكفء الذي يسد الفراغ. يبقي ان نؤكد علي أحقية لاعبي الإسماعيلي في التأهل وطموحهم المشروع في بلوغ النهائي بالمستوي المخلص لجماهيره المصاحبة له بالاسكندرية ولاعبيه الذين بذلوا جهدا طيبا وأخص بالذكر السليتي الذي صادفه سوء توفيق غريب وحمص الذي استوي ونضج في تمريراته الواعية والشحات وحتي سوكاي الألباني ورمضان المصري حاولا وفضلا ولاشك انه خسر جهود ركيزتين هما أحمد سمير فرج للإصابة وأحمد علي للإيقاف.