لا حديث يتردد في الشارع الرياضي العالمي سوي السؤال عن بطل العالم رقم 91 ولمن ستكون الغلبة في اللقاء النهائي الذي سيجمع اليوم بين الماتادور الاسباني والطاحونة الهولندية؟ البعض يرجح كفة الاسبان ويدلل علي توقعه بكثرة الاوراق الفنية الموهوبة والامكانات البدنية المتوافرة والانتاج التعاوني المثمر والترابط بين الخطوط والتنسيق بين الجهات.. وقد يذهب هذا البعض إلي ابعد من ذلك عندما يستدل علي توقعاته برجاحة كفة الاسبان إلي غلو اثمان اللاعبين الاسبان في البورصة الاحترافية العالمية حيث يحتل المنتخب الاسباني المركز الاول وبفارق كبير عن كل اقرانه من المنتخبات الاخري حتي مع الاعتراف بانه لا يضم بين صفوفه احدا من الخمسة المصنفين اوائل عالميا والذين يتقدمهم ميسي الارجنتيني وكريستيانو رونالدو البرتغالي وكاكا البرازيلي وروني الانجليزي وريبيري الفرنسي.. اما البعض الاخر حتي ولو كان في عدده اقل وفي رؤيته اسطح فهو يؤكد ان الكاس لهولندا ليس لقوتها ومهارة لاعبيها وغزارة انتاج منتخبها وانما لان التجارب المونديالية والخبرات التنافسية والتوقعات الميدانية في هذا لمونديال لم تأت متوافقة ولا متسقة ولا متمشية في طبيعة موازين القوي والحسابات الفنية المنطقية المجردة بل ربما جاءت متعارضة ومضادة في اغلب الاحيان.. الاغلبية توقعت فوز الارجنتين علي المانيا وجاء فوز الاخير حاسما وغزيرا برباعية نظيفة. .وايضا نفس الاغلبية توقعت فوز البرازيل علي هولندا وجاء فوز الطاحونة مستحقا وبفارق هدف.. وقياسا علي هذا التضاد والمخالفة فان البعض وهم ليسوا بالقليل يتوقعون ان التوفيق والحظ ربما وقفا إلي جانب هولندا ورجحا كفتها لتتبوأ الصدارة وتعتلي القمة لاول مرة في جنوب افريقيا.. ولاشك في ان لكل فريق من المتوقعين والمتنبئين حقه ووجاهة رؤيته خاصة ان الامور متقاربة ولا يمكن حسمها أو الحكم القاطع عليها.. لان المونديال علمنا بأن يكون لكل لقاء ظروفه ولكل مباراة نهايتها وان كل النتائج محتملة وكل النهايات مقبولة ومعقولة.. فلم يكن احد يتصور ان تفوز غانا علي امريكا أو سلوفاكيا علي ايطاليا أو جنوب افريقيا علي فرنسا.. ومادام هذا قد حدث فليس بمستغربا أو مستهجنا فوز هولندا الذي يحتل المركز الرابع عالميا علي اسبانيا صاحب مركز الوصيف.. ومن ثم فان فوزا اسبانيا يأتي في اطار المتوقع واللائق والمتمشي مع طبيعة الاشياء والاحوال. ركائز مهارية ومع الاحترام لوجهات النظر المتنافسة والمتعارضة والمختلفة في ترجيح كفة فريق علي اخر.. وحتي مع احترامي لدفوعاتهم وتبريراتهم وتقسيماتهم.. فاننا نري ان النهاية المحتومة والتي ترجح كفة فريق علي الاخر قد تتوقف وترتبط بمدي توفيق بعض الدعامات والركائز المهارية والتي لن يزيد عددها علي اصابع اليد الواحدة مقسمة علي المنتخبين المتنافسين.. وانا اعلم ان هناك اوراقا عديدة متوافرة في الجانبين لا يمكن لاي خبير أو متابع اغفالها.. واعترف ان هناك مثلا في هولندا جيوفاني برونكهورست كابتن الفريق والذي هز الشباك الارجوانية بهدف صاروخي قاتل وفان بيرس لاعب الارسنال وديركاوت لاعب ليفربول وفان بوميل وغيرهم كما ان في الجهة الاخري من هم ألمع وأشهر امثال بيول وبيكيه وانيستا والونسو وراموس وبيدرو وتوريس. غير انني اخص الرباعي الاشهر والاهم والامهر والذي ينقسم إلي فريقين متوازيين ومتساويين.. مهاجم ولاعب وسط من كل منتخب.. في اسبانيا تشابي وديفيدبيا.. وفي هولندا شنايدر وروبين.. وعلي قدر التوفيق والحالة المزاجية والفنية التي ستصاحب كل »زوج« علي قدر العرض والاداء وربما النتيجة التي سينتهي بها اللقاء وفرص احد المنتخبين في تحقيق اللقب والكأس العزيزة.. وربما تصور البعض ان هناك فوارق حتي في النواحي المهارية والانتاجية بين الزوجين.. فلا يمكن مثلا ان يتساوي شنايدر صاحب الرصيد الاوفر من الاهداف واحد ابرز المدرجين في قائمة المراقبين برصيد خمسة اهداف مع تشابي الذي لم يسجل له المونديال اي رصيد من هز الشباك.. ولاشك في وجاهة هذا لرأي من الناحية المنطقية.. لكن لابد ايضا من التسليم بان تشابي افضل صانع لعب وممول المهاجمين بالتمريرات المتقنة.. واليه يرجع الفضل في الشهرة العريضة التي تحصل عليها ميسي افضل لاعبي العالم كهداف اول لناديه برشلونة الاسباني وحتي اذا سلمنا بان الحظ والتوفيق لم يدعما تشابي في احراز اهداف ومحاكاة شنايدر صانع ألعاب المنتخب الهولندي فان هذا التسليم لا يمكن الاخذ به كل الوقت وعلي طول الخط.. فتشابي يتمتع بقدم قوية تعرف طريقها نحو المرمي وتخرج تسديدات صاروخية ربما عرفت طريقها نحو الشباك في هذه المباراة.. وحتي لو اقررنا بان شنايدر هو الافضل والاقوي والامهر.. فان الكفة الاخري قد تعادل الميزان لان ديفيد بيا المهاجم الاسباني له من الاهداف خمسة ويتساوي مع افضل المهاجمين ورؤوس الحربة في »المونديال« بينما روبين ليس له من الارصدة سوي هدفين فقط.. واحد بالقدم واخر بالرأس ويكون بذلك ديفيد بيا هو المرجح للكفة الهجومية التي تعادل الكفة الاخري التي قد تكون لصالح شنايدر لاعب الوسط المهاجم والحائز علي لقب هداف الفريق. وهكذا تتوقف النتيجة النهائية علي الحالة الفنية والمزاجية والانتاجية لهذا الفريق الزوجي.. ولا نقصد بما نقول ان نقلل من قيمة وكفاءة ومكانة بقية الزملاء.. لكننا فقط نركز الضوء ونحدد المسئولية في هذا الرباعي ورغم هذا فاننا قد نصطدم بأشياء واحتمالات غير عادية ومفاجئة.. وهكذا عودنا »المونديال« ان يأتي بما ليس متوقعا أو متسقا مع الحسابات والمنطقية والواقعية.. ولايجب ان نغفل حارسي المرمي في الناحيتين.. كاسياسي الذي ينافس علي لقب افضل حارس في البطولة.. ومارتن ستكلنبرج الهولندي الذي ذاد عن شباكه ببسالة في كل المرات.