من أخطر اللحظات في حياة الانسان الشريف ان يكتب هذا العنوان والاكثر تعقيدا ان يجد الكلمات التي تسطر لهذا المقال. وبعد ان سكن الحزن في القلوب واستطاع ان يبني له قصرا من القلق والخوف علي مستقبل الوطن والمجهول الذي ينتظره في ظل تطورات الاحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الساحة المصرية الآن.. حيث تصدر الشك والريبة صدارة المشهد في نفوس المصريين حول ما يحدث من تطورات.. خاصة بعد ان خاب أملهم في البرلمان الذي انتخبوه والدستور الذي تمنوه والرئيس الذي يختاروه وحسرتهم علي تقديم الشباب لارواحهم فداءا للوطن أملا ان يقوم من بعدهم الخبراء والنخب والرموز السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والادبية والفنية والثقافية والاعلامية في تحديد مسار ثورتهم واستكمال البناء الذي لم يتم لكن هؤلاء الاحياء من شعب مصر لم يجدوا ما يقدمونه لمصر سوي الفوضي والخراب وجميع انواع الانفلات الامني والاعلامي والاخلاقي واستدعاء السلوكيات الخبيثة المكبوتة في صدورهم وعقولهم - ربما اضر ضررا شديدا بمصالح مصر الاستراتيجية والتي اصبحت لا تفخر بابنائها وترفض ان تعيش فيهم ولا هم يعيشون فيها لانها دائما لا تعرف الا الانتماء القوي الذي علمته للعالم لأنها دائما ما أنجبت الرجال الذين وضعوا مصالحها فوق الجميع ويضحون بأنفسهم من أجلها.. ومن هذا المنطلق قد حزنت مصر حزنا عميقا هذه الايام وهي تعيش مرحلة حاسمة في تاريخها بعد ان شعرت ان ابناءها ينشرون كل انواع الفوضي في ربوعها المختلفة ويعرضون اسمها وسمعتها للاهانة والتشويه عندما سمحوا لكل من هب ودب واصحاب السوابق وارباب السجون للتنافس علي رئاستها الامر الذي دفع اصحاب الجزر والدويلات الصغيرة في ان تتهكم عليها بسخرية عبر الفضائيات والصحف. ان مصر تخاطب ابناءها الشرفاء انهم قاموا بثورة للقضاء علي الفساد لا ان تجعله ينخر في جسدها ويأتي بدستور يضعه غير فقهاء القانون وبرلمان لا يعبر عن آرائهم ويحقق اهدافهم ورئيس يكون ولاؤه لحزب سياسي أو تيار ديني.. ان مصر الحضارة والتاريخ تحذر ابناؤها من الانهماك في العراك السياسي الداخلي وتناسي دورها الاقليمي والدولي وحماية مصالحها الاستراتيجية وامنها القومي. كما تحذرهم من عربدة اسرائيل في المنطقة والقارة الافريقية بصفة خاصة بعد ان تعاونت مع اثيوبيا واوغندا واثينا وجنوب السودان لتهديد مصالح مصر المائية في دول الحوض وحدودها الجنوبية. ان مصر ترفض اليوم وفي ظل هذه المرحلة المفصلية ان ينتمي اليها صغار النفوس واصحاب المصالح السياسية والاقتصادية والسفارات الزائفة حتي لو كانوا ملوكا وامراء ورؤساء فهي في هذا الخصوص تتحدي كل الاقزام انه لم يولد بعد من يتوهم انه يستطيع خداعها ويسأل في ذلك أول وآخر فرعون؟