أن عملية التقدم, والخروج بنا مما نحن فيه من تشرذم وأنانية وخلافات,وفوضي.. لن تحدث إلا عن طريق واحد, هو وضع الهدف الواحد, المتفق عليه من الكافة. (1) لا أميل بطبيعتي إلي الغوغائية في أي شيء ربما لأنها أعدي أعداء العقل أو المنطق أو التمييز أو الحكمة ولعله مما يثير السخرية أن أكون أيضا أحد القلائل الذين يعرفون معني كلمة الثورة أو غيرها من الكلمات في هذا العالم العربي الذي فقد الكثيرون من سكانه القدرة علي التخاطب عبر لغة واضحة المعاني عند الجميع! (2) لا أريد أن أتحدث هنا عن معني كلمة الثورة وهو المعني الذي لا يزال غير متفق عليه سواء في تونس, وفي مصر أو في ليبيا ناهيك عن التغييرات القادمة بالضرورة في سائر أرجاء العالم العربي تحت نفس المسمي.. وهو كلمة الثورة لكنني أريد أن أحذر وأن أدق كل ما تطوله يدي من أجراس الخطر من النتائج الوخيمة التي أصبحنا نمضي في طريقها بالفعل ربما دون وعي عند الكثيرين وربما بدوافع الوعي الخبيث من جانب أصحاب المصالح, ومن كنا نسميهم عملاء الاستعمار في مرحلة مهمة من مراحل النضال الوطني, هنا في مصر, بل وفي سائر المجتمعات العربية, حيث تصادف منذ قديم أن تتعارض مصالح الحكام مع مصالح المحكومين في هذه الأوطان العربية, وتصادف أيضا أن توجد نفس الطبقة الوسطية لا الوسطي التي تتاجر بغباء الحكام وجهل المحكومين علي حد سواء. (3) لذلك أكتب إلي أبناء هذا الشعب المصري, والي غيره من أبناء الشعوب العربية التي تعيش الآن مرحلة الثورة, مؤكدا نقاطا بعينها.. ولعلي أوجزها علي النحو التالي: 1 أن حالة الغوغائية ليست عملا خادما للثورة إن كنتم حقا من الثائرين كما أنها عموما ليست عملا خادما للعقل او الفكر أوالمنطق أو الإبداع السياسي والاقتصادي والاجتماعي, الوطني والاقليمي, والدولي, الذي لا يحتاج الآن لغير القادرين علي تقديم مثل هذا الابداع الذي ينبع من ثوابتنا العريقة والأصيلة والتي لا ترفض التطوير الصالح أو التطور النافع دون تمييع لقضية, ودون تضييع لجوهر الذات الوطنية. 2 أن مناطق القمة مشغولة منذ عصر مبارك بالكثيرين الذين احتلوها بالمال أو بالخديعة أو بغير ذلك من الطرق اللعينة, ودون أن يكونوا مؤهلين لإعطائها مثل هذا البريق والأخطر أن ذلك يأتي علي حساب أصحاب القمم الحقيقيين, الذين لم يتردد سدنة النظام في عصر مبارك في تشريدهم, أو تهميشهم, أو حتي وصفهم بالجنون. 3 أن الوطن في هذه اللحظة, ليس في حاجة إلي جماعات ولاؤها للشرق أو تحويلها من الغرب والشرق, ولكن الوطن الآن في حاجة الي العلماء القادرين علي تسخير العلوم في حل مشكلات ملايين المصريين.. عبر احترام حقائق العلم, وثوابت الدين والهوية الوطنية علي حد سواء. 4 أن عملية التقدم, والخروج بنا مما نحن فيه من تشرذم وأنانية وخلافات,وفوضي.. لن تحدث إلا عن طريق واحد, هو وضع الهدف الواحد, المتفق عليه من الكافة, والذي لا خلاف عليه بين الجميع.. ومن جانبي أقترح أن يكون هدف الإنتاج هو الهدف الأعظم الذي يتوحد المصريون بل والعرب والمسلمون من حوله الآن.. حتي تكون كلمة الإنتاج هي القاطرة التي تجر قطار التقدم في الاتجاه الصحيح 5 ميزة هذا الاقتراح.. أنه سيوفر علينا الكثير من الخلافات, وسيقدم الحلول للكثير من المشكلات حتي تتحدد برامج التعليم, والفكر, والمعرفة والثقافة, بل والفنون, والمسرح, والموسيقي, والعادات, والتقاليد, والقيم,.. أن يتحدد ذلك علي النحو الذي يخدم قضية الإنتاج.. ويجعل من كل مواطن مصري مواطنا منتجا..ويجعل من المجتمع المصري مجتمع المنتجين, ويجعل الدولة المصرية دولة التصدير لا الاستيراد. 6 الميزة الآخري في هذا الاقتراح, أنه يتفق مع منظومة الفكر الدولي المعاصر سواء السياسية, أو الاقتصادية إذ إن قوة الاقتصاد الوطني في النظام العالمي الجديد تقاس بمجموع ما ينتجه جميع المواطنين في الدولة.. كما أن سعر العملة الوطنية يتحدد هو الآخر علي هذا الأساس. والخلاصة... أننا نريد الآن قيادات قادرة علي فهم معطيات العالم الجديد وقوانينه, وقادرة علي توظيف هذا الادراك في صناعة المعرفة التي تصنع بدورها الانسان المنتج.. ومن ثم الدولة القوية بمجتمع المنتجين.