د. عبد الحمىد أباظة أثناء حواره مع »الأخبار« 45تعديلا في قانون التأمين الصحي حتي يتناسب مع عهد الثورة هو دينامو وزارة الصحة وخبير بكل كبيرة وصغيرة فيها.. عاصر سبع وزارات وعمل مباشرة مع وزرائها السبعة بدءا من اسماعيل سلام ومرورا بعوض تاج الدين وحاتم الجبلي وسامح فريد واشرف حاتم وعمرو حلمي واخيرا فؤاد النواوي. في حواره للاخبار يؤكد الدكتور عبدالحميد اباظة مساعد اول وزير الصحة واستاذ الكبد الشهير،ان لكل وزير اضافاته وان السبب الرئيسي في عدم شعور المواطن بالرضا عن مستوي الرعاية الصحية هو غياب النظرة الاستراتيجية وقيام كل وزير بهدم ما سبق والبدء من جديد وهو ما كان يحدث علي مستوي كل الوزارات. يؤكد ايضا انتهاء مسودة قانون التأمين الصحي نهاية هذا الشهر، وتغيير 45 ملحوظة لم تعد تتناسب مع عهد الثورة، ويعد المواطنين بحل مشكلتي الرعاية المركزة والحضانات نهاية ابريل. ويؤكد أخيرا ان العلاقة بين الوزارة ولجنة الصحة بمجلس الشعب قائمة حتي الآن علي الاحترام المتبادل، وان اللجنة جادة ونشطة وتعمل للصالح العام، وعلي الجانب الآخر يؤكد ان هناك نسبة قليلة من اعضاء المجلس لا يزالوا يحملون الفكر القديم ويطالبون بمطالب استثنائية لدوائرهم وان اكثر ما يخشاه هو انتقال العدوي لباقي الاعضاء ليتحول المجلس الي مجلس دوائر وليس مجلس امة. سألته في البداية: ما هي رؤيتك السريعة لجميع الوزراء الذين عملت معهم؟ كل وزير كان له فكره وايجابياته وسلبياته مثل اي قيادي يقود أي موقع و كل واحد قام بالجهد الذي رآه من وجهة نظره لصالح البلد. وكلهم انجزوا بالفعل، وعلي سبيل المثال فقد اصلح د. حاتم الجبلي منظومة الاسعاف، والدكتور اشرف حاتم شكل اللجنة التي اعادت تعديل مسودة قانون التأمين الصحي وقام بتقليص العلاج علي نفقة الدولة لصالح دعم المجاني، ود. سامح فريد ود. عمرو حلمي لم يقصروا في الآداء رغم قصر فتراتهم، والدكتور فؤاد النواوي يسير بخطوات ثابتة لتنفيذ استراتيجية محددة تتناسب مع طموحات المواطنين في هذه المرحلة، وهي عدم اقامة مستشفيات جديدة في مقابل تحسين الاداء في المستشفيات القائمة وتطوير الخدمة بها وتوفير الاجهزة المطلوبة وتدريب اطبائها حتي يشعر المواطن بالفرق في الاداء وتحسن حقيقي في مستوي الخدمة. نفقة الدولة ولماذا إذن لم يشعر المواطنون بالرضا عن مستوي الرعاية الصحية علي مدي كل الوزارات؟ لأنه كان لابد من وجود نظام مؤسسي واستراتيجية مؤسسية يعمل الوزير في اطارها ويحدد خطته العامة من خلالها بحيث يأتي كل وزير ليكمل ما بدأه الوزير السابق لا ان يبدأ دائما من جديد، ولكن هذا لم يكن يحدث علي مستوي كل الوزارات، وليس وزارة الصحة فقط. وما هو الموقف الآن؟ بعد الثورة حددت وزارة الصحة استراتيجية طويلة المدي اساسها دعم نفقة الدولة والعلاج المجاني وقطاع الدواء، وبالنسبة لنفقة الدولة تم دعمه بملياري جنيه بالاضافة الي المليار ونصف المليار السنوية ،وترتب علي ذلك اتساع نطاق العلاج علي نفقة الدولة ليشمل 18 مرضا بعد ان كان خمسة امراض فقط ،وسرعة اصدار القرارات وزيادة عددها حيث يصدر يوميا الف وخمسمائة قرار بتكلفة سبعة ملايين جنيه يوميا. ما هي الامراض التي لا تزال خارج نطاق العلاج علي نفقة الدولة؟ العلاج علي نفقة الدولة لا يشمل الامراض الجلدية والتناسلية والتجميل واستبدال المفاصل وكذلك لا يشمل امراض العيون باستثناء المياه البيضاء. العلاج المجاني وماذا عن الجراحات البسيطة كاللوزتين والزائدة الدودية وغيرها من الجراحات التي لا تحتمل الانتظار؟ هذه الجراحات يتم اجراؤها الآن في المستشفيات الحكومية المجانية؟ ولكن هذه المستشفيات كانت تعاني ضعفا شديدا في التمويل فما صحة ذلك؟ هذه المشكلة تم حلها وتم زيادة ميزانية العلاج المجاني بالفعل من نصف مليار الي اثنين مليار جنيه وهو ما ساهم بالفعل في حل المشكلة. كيف تتعامل الوزارة مع مجلس الشعب الحالي؟ حتي الآن لم يحدث صدام، لوجود احترام متبادل ،فلجنة الصحة بالمجلس برئاسة د. اكرم الشاعر نشطة جدا وتناقش مشاكل حيوية للمواطن، ووزارة الصحة لديها حلول تقتنع اللجنة ببعضها ولا تقتنع بالبعض الآخر ونحن نحاول تقريب وجهات النظر. فمثلا اللجنة تريد ان يدرج الغسيل البريتوني ضمن الامراض التي تعالج علي نفقة الدولة ،لأن الجلسة تتكلف علي المريض خمسة الاف جنيه، ونحن لازلنا نسعي لتوفير التمويل. والعلاقة بين الوزارة ولجنة الصحة اتمني ان تكون نموذجا لباقي اللجان. وما الفرق في اسلوب العمل بين لجنة الصحة في المجلس قبل وبعد الثورة؟ المطالب واحدة سواء قبل الثورة أو بعدها، لكن الفرق ان لجنة الصحة الحالية فيها جدية اكثر من السابقة وهدفها خدمة المواطن بحق والتحدث في اجندة عامة مع المتابعة المستمرة. نسبة قليلة هل اختفت صورة النائب الذي يطالب الوزارة بمطالب خاصة لدائرته، او معارفه؟ للاسف لايزال بعض الاعضاء يحملون الفكرالقديم ويجيئون للوزارة مطالبين بمطالب خاصة لدوائرهم ،وهذا امر ليس للصالح العام لأنه يؤدي في النهاية الي زيادة نسبة خدمات الدوائر علي حساب خدمات الصالح العام،ورغم ان هذه النسبة قليلة لكني اخشي من انتقال عدوي المطالب الخاصة لباقي الاعضاء فنجد مجلس الشعب تحول لمجلس دوائر وليس مجلس امة كما نريد له. ويضيف مبتسما: وهناك ايضا عدد قليل من المسئولين والشخصيات العامة من خارج المجلس يطلبون مطالب خاصة من الوزارة لا يمكن الموافقة عليها، والحقيقة اننا لا نريد ان تظهر وجوه اخري من احزاب اخري لكنها تحمل نفس سلوكيات وعقليات بعض أعضاء الحزب الوطني. والا وصلنا في النهاية لنفس المصير. وماذا فعلت الوزارة الحالية لحل مشكلة نقص وحدات الرعاية المركزة وحضانات الاطفال التي تعد من اهم مشاكل الرعاية الصحية في مصر ؟ نحن الآن بصدد حل هاتين المشكلتين، فقد كان هناك تمويل قدره سبعون مليون جنيه تم رصده لعمل منشآت جديدة، فقررنا اعادة توجيه هذه الاموال لشراء حضانات واسرة رعاية مركزة، لأن مصر ليست في حاجة لانشاءات جديدة بل في حاجة لتحسين تشغيل منشآتها القائمة، وبالنسبة للرعاية والحضانات فالمشكلة ليست في الماكينات ولا الاجهزة ولكن المشكلة في نقص الكوادر المدربة للعمل علي هذه الاجهزة، وقد قمنا بعمل برامج تدريبية مع قطاع التدريب بالوزارة لاطباء الرعاية واطباء حديثي الولادة والغسيل الكلوي وغيرهم وانشأنا الزمالة في هذه التخصصات. الفرق الحقيقي المواطن سمع وعودا كثيرة من قبل ،ولكن الفيصل الحقيقي هو شعور المواطن بتحسن الخدمة بالفعل ،فمتي يشعر المواطن بالفرق؟ نهاية ابريل سيشعر بالفرق الحقيقي ،وحاليا يوجد لدينا خط ساخن لديه بيانات كاملة باشغالات المستشفيات ويستطيع توجيه المريض للمكان المناسب في حالات الرعاية والحضانات والغسيل الكلوي. هل تري ان هذه الانجازات ستكفي للحصول علي رضا المواطنين ؟ الرضا في مصر حاليا لم يعد له سقف وان كنت اري بعض التقدم في شعور المواطنين بالرضا ،فعقب قيام الثورة مثلا انشأنا بالوزارة لجنة تظلمات شرفت برئاستها، كنت في البداية اتلقي يوميا خمسمائة شكوي ،اما الآن فلا تزيد الشكاوي عن 15 شكوي يوميا. وقد قمنا بحل الاف المشاكل بالفعل منذ عهد الدكتور اشرف حاتم، حيث وفرنا درجات متاحة للعاملين المؤقتين وثبتنا عددا كبيرا منهم، ورغم انني التمس العذر للناس الا انني اطالبهم ايضا بالصبر لان البلد في محنة ولا تملك اموالا لحل كل المشاكل في نفس الوقت. وماذا عن المشروعات الاخري في الوزارة حاليا؟ من اهم المشروعات افتتاح خمسة مراكز للسموم في جميع المحافظات حيث لم يكن هناك سوي ثلاثة مراكز فقط في قصر العيني وعين شمس والقوات المسلحة ولم يكن في وزارة الصحة اي مراكز رغم اهميتها الشديدة ،وسوف يتم افتتاح هذه المراكز في نهاية هذا الشهر في احمد ماهر وسوهاج ودمنهور ودمياط واسوان. الخلايا الجذعية وبعيدا عن كل هذه المشروعات الخدمية هل هناك مشروعات تتناسب مع التطور الطبي الذي يشهده العالم كله في مجال الرعاية الصحية؟ هناك مشروع مهم جدا سينتقل بمصر نقلة علمية كبيرة، وهو انشاء اول مركز قومي للخلايا الجذعية والذي سيبدأ العمل به منتصف ابريل ،وقد تم تشكيل لجنة طبية تضم سبعة اساتذة قامت بوضع مواصفات لمراكز وبنوك الخلايا الجذعية، وسيكون العمل في هذه المراكز في اطار بحثي اكلينيكي مثلمل يحدث حاليا في العالم كله ،وهناك بعض الدول مثل ايطاليا والمانيا وصلت بالفعل الي نتائج مؤكدة في فاعلية العلاج بالخلايا الجذعية في مجالات الكبد والمخ والاعصاب ،وحينما يبدأ التطبيق الفعلي علي المرضي في العالم سنكون في مصر جاهزين للتطبيق العفلي ،ومن المتوقع ان يكون للخلايا الجذعية مستقبل كبير في علاج امراض الكبد والمخ والاعصاب والسكر والغدد الصماء والروماتيزم والمفاصل وامراض الدم والذي سيمثل طفرة وامل كبير لنوعيات من الامراض لم يكن لها علاج. تأمين المستشفيات وماذا عن تردي الوضع الامني للمستشفيات؟ الانفلات الامني والاخلاقي مشكلة علي مستوي البلد كلها ،ونحن في وزارة الصحة نحاول الآن بالتعاون مع وزارة الداخلية تفعيل نقاط الشرطة في المستشفيات وهناك تجاوبا كبيرا من مساعدي وزير الداخلية وقد انخفضت بالفعل حوادث البلطجة، واعتقد ان السبب في ذلك ايضا يرجع للتغيير في اسلوب عمل الاطباء وحسن استقبالهم للمرضي تحسن مستوي الخدمة في المستشفيات الحكومية، وهو ما تحرص عليه الوزارة في الوقت الحالي، ومن يثبت تخاذله عن اداء عمله تتخذ ضده اجراءات صارمة. ولكن يجب ان نعلم ان تحسن الاداء في جميع المستشفيات سيحدث تدريجيا لان هناك خمسة الاف مستشفي يعمل بها 140 الف انسان والتغيير لا يمكن ان يحدث مرة واحدة . ما تقييمك للمشهد الحالي وانعكاسه علي مصر؟ للأسف نسبة الذين يعملون لصالح البلد فقط لا تتجاوز 30٪ وهذه النسبة لم تتغير قبل الثورة عن بعدها ،وما تغير فقط هو الاسماء والوجوه. لماذا يرفض وزير الصحة الدكتور فؤاد النواوي اجراء حوارات صحفية او تليفزيونية منذ توليه الوزارة ؟ الدكتور فؤاد يركز كل جهده في العمل، وهو مقل في الظهور الاعلامي ونظريته في ذلك ان يترك رؤساء القطاعات يتحدثون عن مجالاتهم ليكون حديثهم اكثر عمقا بما يشبع عطش الاعلام اكثر وان كان في نفس الوقت يعقد مؤتمرات صحفية كثيرة لاعلان تصريحات عامة مهمة.. بعض المسئولين يرون ان الابتعاد عن الاعلام افضل؟ فهل هذا هو السبب؟ الاعلام زي الملح لا ينبغي ان يكون قليلا او كثيرا والمسئول الحكيم هو الذي يحدد الجرعة الصحيحة لظهوره الاعلامي. التأمين الصحي اين ذهب قانون التأمين الصحي؟ مسودة قانون التأمين الصحي التي كانت جاهزة للعرض علي المجلس في عهد د. حاتم الجبلي كانت بها نقاط وملاحظات لا تتوافق مع عهد ما بعد الثورة فكان لابد من اعادة مراجعتها. وماذا كانت اهم الملاحظات التي لا تتفق مع عهد الثورة؟ كانت هناك 45 ملحوظة ،بعضها يتعلق بارتفاع قيمة المساهمات المالية للمشتركين وبشبهة الخصخصة، وادارة النظام حيث كان شكل الهيئة بعد القانون غير واضح، وكانت حزمة الخدمات ايضا غير واضحة ,ولم تكن هناك بنود خاصة باصابات العمل. وامام هذه الملاحظات والخلافات قام د. اشرف حاتم وقت توليه بتشكيل لجنة تضم جميع اطياف المجتمع لوضع التعديلات وستنتهي اللجنة من عملها نهاية مارس ،وبعدها سيتم طرح المسودة للحوار المجتمعي لنصل للتوافق المجتمعي ثم تقدم المسودة النهائية لوزير الصحة في آخر ابريل ليبدأ عرضه علي مجلس الشعب، واتمني ان يلحق بهذه الدورة. ولكن الدكتور حاتم الجبلي كان يؤكد ان مشكلة هذا القانون هي نقص التمويل الذي يصل الي 27 مليون جنيه سنويا، فمن اين سيتم توفير هذه الاموال في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها مصر؟ وضعنا مقترحات عديدة وغير تقليدية للتمويل ولكن لن نستطيع الاعلان عنها الآن ،فقد لا توافق عليها وزارة المالية. وزارة المالية كانت وراء تأخير القانون قبل الثورة؟ في الماضي كانت هناك مقاومة في توفير التمويل وفي تطبيق القانون ،لكن الوضع الآن يختلف تماما. هل يكون القانون الجديد حلا نهائيا لمشكلة الرعاية الصحية في مصر؟ سيحل مشكلة 80٪ من المواطنين وسيبقي 20٪ هي الفئات التي لا يمكن حصرها. شو إعلامي من واقع تعاملك مع مجلس الشعب ما هي رؤيتك لادائه؟ الحقيقة ان بعض اعضاء المجلس - واؤكد علي كلمة بعض - يعتبره منبرا للاستعراض الاعلامي فيتكلم لمجرد المنظرة وحتي يراه اهل دائرته واعتقد ان السبب في ذلك هو التسجيل الاعلامي للجلسات الذي اضر بالمجلس ولم يفيده. هل قررت لمن تعطي صوتك رئيسا لمصر؟ قررت من الذي لن اعطيه صوتي، فأنا لا يمكن ان اعطي صوتي لمن يريد عزل مصر عن دول العالم وان تحل مشاكلها الداخلية وحدها اولا، فمصر ليست مثل ايران ، مصر هي سرة العالم وعلاقاتها الخارجية مع الدول الاوربية والشرقية تزيد من قوتها، وفي رأيي ان الرئيس القادم يجب ان يكون له فكر دولي وان يحرص علي علاقة مصر بكل دول العالم.