محمد بركات الأزمة المستحكمة المثارة حالياً حول تشكيل الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور، والخلافات الحادة والمتصاعدة بين كافة القوي، والأحزاب، والفاعليات السياسية حول هذا التشكيل، استحوذت علي اهتمام جميع المتابعين والمهتمين بالشأن العام، ومستقبل الوطن في المرحلة القادمة، ولم تعد مقصورة فقط علي اهتمام النخب السياسية والفكرية والثقافية. وقد اشتعلت الأزمة علي مرحلتين، الأولي في أعقاب اتفاق الأغلبية في البرلمان علي أن يكون تشكيل الجمعية مناصفة من داخل وخارج مجلسي الشعب والشوري، ورفضهم للإقتراحات المقدمة من بقية الأحزاب والقوي، والمتضمنة بأن يكون التشكيل بالكامل من خارج البرلمان، وبحيث تكون الجمعية معبرة عن جميع ألوان الطيف السياسي، والاجتماعي، والثقافي، والفكري علي اختلاف وتنوع وتعدد فئِاته وصنوفه،..، أو أن تقتصر عضوية المجلسين في الجمعية علي "30٪" علي أقصي تقدير، وأن تكون نسبة "70٪" من خارج البرلمان. وتصاعدت الأزمة وازدادت حدتها في مرحلتها الثانية، عقب الإعلان عن تشكيل الجمعية، وانسحاب العديد من الرموز الحزبية والسياسية من عضويتها بعد انتخابهم، احتجاجا منهم علي المخالفات الإدارية، والشكلية، والجوهرية، التي شابت تشكيل الجمعية، من وجهة نظرهم،..، وتقدم بعضهم بدعاوي قضائية يطالبون فيها ببطلان قرار التشكيل والغائه. ويري هؤلاء أن هناك استحواذا من جانب التيار الاسلامي وممثليه في مجلسي الشعب والشوري من حزب "الحرية والعدالة " وحزب " النور " علي الجمعية، حيث وصلت نسبتهما في عضوية الجمعية الي ما يزيد غلي "70"٪" من أعضائها، وهو ما يعد مخالفة صريحة لمبدأ المشاركة لكل أطياف المجتمع ورموزه، وهو المبدأ المطلوب والضروري توافره في إعداد الدستور للدولة المصرية الجديدة بعد الثورة، بوصفه الوثيقة الأساسية المحددة لشكل ونظام وهوية وتوجه الدولة والمجتمع. ويري الرافضون أيضا، ان هناك عواراً واضحا في تشكيل الجمعية التأسيسية، حيث أن الدستور هو الذي يخلق جميع السلطات في الدولة، ويحدد علاقات هذه السلطات، سواء في ذلك السلطة التنفيذية، أو التشريعية، أو القضائية، ولا يجوز لسلطة من السلطات أن تتدخل في خلق وإعداد الدستور، أو أن تكون لها أغلبية في الجمعية التي تتولي الإعداد بما يتيح لها أن تضع ما تراه من نصوص،..، وهذا لا يصح ولا يجب أن يكون. وعلي الجانب الآخر، يرفض أعضاء الأغلبية هذه الرؤية، وذلك الرفض، ويصرون علي صحة موقفهم، وسلامة وصحة تشكيل الجمعية إجرائيا وقانونيا، ويقولون إنهم يمثلون إرادة الشعب الذي انتخبهم، ومن حقهم أن يفعلوا ما يرونه صوابا. ونواصل غداً إن شاء الله.