كلما تأملت ما يجري حولي تصيبني الحسرة علي ما نحن فيه وأنا الذي فرحت وهللت بمولد ثورة 25 يناير لانني توقعت أنها سوف تغير مصر إلي الأبد بعد عصور من الظلام وغياب العدالة. ففي نظرة علي الصحف القومية والإعلام الحكومي أسأل نفسي.. كيف لمجلس الشوري الذي انتخبه حوالي 10٪ فقط من الشعب أن يراقب التشريع وأن يتحكم في هذا الإعلام الرسمي.. أليس فاقدا لشرعية الاختيار والإجماع.. هل من المتصور أن تظل الصحافة القومية تحت سيف الدولة وأن تظل مالكة لها تتحكم فيها ولم تحصل علي أي مكسب من مكاسب ثورة يناير مثلما يحصد الشعب كله الآن لتصبح المحصلة صفر! هل سيظل إعلام ماسبيرو خاضعا لسلطات تملي عليه ما يقوله، حتي وجد نفسه يوما ضد إرادة الجماهير والثورة وما يزال متهما بالولاء للفلول ونظام مبارك الفاسد.. عبد الناصر أمم الصحافة فخضعت للسلطة والسادات استخدمها لضرب معارضيه ومبارك جعلها عزبة خاصة فكمم الأفواه وجعلها سلطة رابعة مستأنسة بدون أنياب وجعل أعزة أهلها أذلاء وكانت النتيجة انفصالها التام عن الناس فلم تعد تعبر عنهم وكان جواز المرور فيها الولاء التام للجنة السياسات فصعد من صعد بدون كفاءة أو معرفة اللهم إلا الخنوع والخضوع ففقدت بوصلتها الطريق إلي قلوب أهل المحروسة ! هل من المعقول أن يضع مجلسا الشعب والشوري الدستور رغم أنهما سوف يرحلان بعد انتهاء المدة القانونية لهما والدستور هو الدائم.. وهل نسبة 50 ٪ من الشعب والشوري هي التي ستحدد مصير الدستور الذي يحكمنا.. ما يحدث الآن جعلني أندم علي تصويتي ب " نعم" في الاستفتاء علي الدستور.. لقد خدعونا فحتي الآن لم ننتخب رئيسا لمصر ولم نضع الدستور الذي يحدد صلاحياته ولم نحدد اختصاصات البرلمان ولم يتحقق لنا الاستقرار الذي سعينا اليه ولم ندخل الجنة التي وعدونا بها.. والنتيجة صفر! تتسرب شائعة طرح رموز طرة لفكرة إعادة الأموال المنهوبة مقابل العفو.. يا حفيظ يارب.. نفس القانون الذي أقره مجلس سميحة والمحروس عز وفرحت به حكومة نظيف لتضفي الشرعية علي سرقة المال العام.. لا وألف لا.. خلوهم محبوسين وإذا كانت الحكومة والمجلس العسكري جادين في استعادة أموالنا فسوف تعود لكن الحكاية واضحة والفصل الأخير في السيناريو المكتوب أوشك علي التنفيذ والحكاية كلها في اخراجهم من طرة بالقانون لأن هناك وعدا بالبراءة للجميع.. إذا خرج واحد منهم بالقانون فسوف يهنأ الجميع بالمال الحرام.. شعارنا المرحلي هو " يا نجيب حقنا.. يا نموت كلنا "! في الفصل رقم 125 من كتاب الخروج إلي النهار.. نصوص جنائزية.. مشهد الحساب عند المصري القديم.. يقول : جئتك بالعدل وزهقت لك الباطل ..أنا أعطيتُ الحق لفاعله وأعطيت الظلم لمن جاء يحمله.. لم أظلم إنساناً.. لم أُسئ استخدام حيوان.. لم أرتكب حماقة في مكان الحق.. لم أعلم بما هو غير موجود.. لم أنظر لعورة.. لم آتي باسمي قبل اسم الإله.. لم أغضب الرب ..لم أبدد ميراث اليتيم.. لم أفعل شيئاً مما نهاه الرب.. لم أشي بعامل عند رئيسه ..لم أتسبب في تعاسة لم أترك جائعا.. لم أتسبب في دموع.. لم أقتل ..لم أحرض علي القتل.. لم أعذب أحدا.. لم ألوث ماء النهر.. لم أنقص قرابين المعبد.. لم أستبح خبز الآلهة.. لم أسلب قرابين الموتي.. لم أزن.. لم أنجس نفسي في الأماكن الطاهرة في معبد إله مدينتي.. لم أزد ولم أنقص المكيال.. لم أغش في مقياس الأرض.. لم أتلاعب في مثقال الميزان.. ولم أزحزح مؤشر الميزان.. لم أنتزع لبنا من فم رضيع.. لم أحرم قطيعا عن مرعاه.. لم أقتنص طيوراً من براري الآلهة ولا سمكة من بحيراتها.. لم أمنع ماء الفيضان في موسمه.. لم أبن سداً للمياه الجارية . تري ماذا سيقول مبارك حينما يقف بين يدي الرب.. حكمت فظلمت يا مبارك فنم قرير العين في سجن طرة !