سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. محمد محفوظ نائب منسق ائتلاف »ضباط لگن شرفاء« : فصلوني لأنني صرخت: »هي كانت عزبة أبوك«! ومطلوب استبدال الأمن المرگزي بجهاز للتدخل السريع وتطهير بعض القطاعات بالمشرط!
دعنا نعود إلي نقطة البداية فقد كان أمرا غريبا أن يتجرأ أحد ضباط الشرطة علي الفساد قبل الثورة.. فمالذي دفعك للتمرد علي الداخلية في ذروة نفوذ العادلي ورجال مبارك؟ تحكمت في ذلك خلفيتي الدراسية والعلمية.. فأنا خريج كلية الإعلام رغم عملي بالشرطة، فبعد التخرج عام 1988 لم أجد وظيفة مناسبة في مجال الإعلام فالتحقت بالعمل بقسم الضباط المتخصصين، وبكل صراحة فقد وجدت واسطة في الشرطة ولم أجدها في الاعلام.. وأكملت دراساتي العليا وانا في الشرطة.. وحصلت علي الماجستير عن الحقوق الاتصالية للانسان أما الدكتوراه فكانت عن العولمة والحقوق المطلقة للتعبير، وكل ذلك جعلني بشكل أو بآخر متصلا بمجال حقوق الانسان.. وكنت اقارن الدراسة بالواقع المزري لوزارة الداخلية لمدة عشرين عاما وكنت أتساءل لماذا الشرطة في مصر موالية للسلطة وللجالس علي الكرسي أكبر من ولائها للدستور والقانون؟.. مع أننا عندما نتخرج من كلية الشرطة يكون القسم هو الحفاظ علي »الدستور والقانون«! هل يمكن أن توضح لنا ماهي أبرز الحوادث والمخالفات التي اعتادت الشرطة ارتكابها بالمخالفة للدستور والقانون؟ هناك وقائع كثيرة.. ومنها أن معظم ممارسات ضباط الشرطة في مجال القبض تتم بدون وجه حق علي المتهمين وتفتيش السيارات بما يخالف قانون الاجراءات الجنائية.. لان القانون يعطي للضابط الحق في رؤية رخصة فقط.. بالاضافة إلي الاعتداء علي المتهمين اثناء استجوابهم. كنا في دولة بوليسية فبالتالي الداخلية كان يقع عليها العبء في حل كل المشاكل التي يفشل النظام في حلها وكل ذلك يجعلنا نري كيف تنتهك حقوق الانسان والدستور والقانون.. وأن الأمر كله يتعلق بتنفيذ التعليمات حتي لو خالفت الدستور والقانون. وما قصة السراديب الموجودة في مديرية الأمن بالإسكندرية ؟ كان هناك سراديب في مديرية الأمن القديمة تستخدم كحجز المتهمين.. أما عن التعذيب فهذا حدث فعليا.. سواء بالضرب بالعصي أو الكرابيج.. فالشرطة في مصر غير مؤهلة لاستخدام التنقنيات والاساليب الحديثة في البحث الجنائي، فعلم الأدلة الجنائية لايتم استخدامه في مصر. ولكن ماهي النقطة الفارقة أو علامة التحول التي قررت عندها ضرورة مواجهة نظام العادلي؟ أبرز حادث كان في عام 2007، أثناء الاستفتاء علي تعديل 34 مادة بالدستور، عندما كنت مكلفا بتأمين لجنة انتخابية في إحدي المدارس، وجاء عضو مجلس شعب عن الحزب الوطني للمدرسة للادلاء بصوته وتأخر أكثر من ثلث ساعة ولم يخرج من اللجنة.. فقمت لتفقد احوال اللجان ففوجئت به يجلس في إحدي اللجان ويقوم بتسويد بطاقات التصويت.. فقمت بطرده من اللجنة فكان جزائي هو إلغاء تكليفي.. وتم تعيين ضابط مكاني وقالوا انني قمت بالتشاجر مع العضو حتي يتم طمس الحقيقة.. وكل ذلك جعلني أبحث عن كيفية إخراج الشرطة من تحت رداء السلطة لتكون تحت رداء الدستور والقانون مثل الشرطة في باقي دول العالم.. ودائما اتذكر واقعة اتهام الرئيس الامريكي كلينتون بإقامة علاقة مع مونيكا.. وعندها قامت المباحث الفيدرالية الأمريكية بإثبات تورط الرئيس الأمريكي ولم تقم بمجاملته.. وكيف فكرت في رفع الدعوي الشهيرة لمنح الضباط حق التصويت والتي مازالت تثير الجدل؟ بعد تفكير عميق في وضع الشرطة ودراسة القانون وجدت أن السبب الأساسي أن ضباط الشرطة ليس لهم حق التصويت في الانتخابات.. وبالتالي هذا يجعلهم معزولين عن المجتمع ويجعل ولاءهم للرئيس وليس الدستور والقانون.. ففكرت في رفع دعوي لمنحهم الحق في التصويت في الانتخابات وطلبت من المحكمة الموافقة علي رفع دعوي أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية منع ضباط الشرطة من التصويت في الانتخابات.. وهذه القضية تم رفعها بتايخ 7/4 عام 2009 والدنيا قامت وقتها وتصاعدت الأمور.. وكنت أعرف أن الداخلية لن تصمت علي هذه القضية، وكنت متقبلا لدفع الثمن. حكايات »العزبة« ولماذا توجهت إلي الأدب ونشرت روايتك »العزبة«؟ لقد قمت بنشرها في كتاب عام 2009 بعد خروجي من الشرطة وقد كنت نشرتها علي الانترنت سابقا وكانت انتقادا لأوضاع الفساد الصارخة ومدي احساس الشعب بالقهر.. وتحدثت أيضا خلال أحد الحوارات عن الوضع السياسي وانتقدت التوريث وقلت أنه يجب أن يكون ولاء الشرطة للدستور والقانون.. فاشتعل الوضع في الداخلية.. وفوجئت أنه في ليلة نشر الحوار تم نقلي من وظيفة رئيس قسم العلاقات العامة لضابط عادي في قسم التخطيط بالمديرية.. وفي اليوم التالي مباشرة صدر قرار من وزير الداخلية بإحالتي لمجلس تأديب ضباط الشرطة وكانت التهمة هي إجراء حوار دون الحصول علي إذن مسبق.. وتم احالتي للاحتياط للصالح العام ومعني ذلك الجلوس في المنزل وأقبض خلال أول سنة ثلثي المرتب والسنة الثانية ثلث المرتب، وبعد ذلك الوزارة تنظر في أمري ما المعاش المبكر أو العودة الي الخدمة.. وهذه الإحالة لاتتم إلا للضباط الذين يرتكبون مهازل في وزراة الداخلية.. وبالفعل تم عزلي من وزارة الداخلية في 5 يوليو 2009.. ولأنه تم فصلي بمجلس تأديبي أبتدائي فاستأنفت الحكم.. وكنت اعلم ان تليفوني سيراقب، وتم منعي من التدريس في جامعة دمنهور بتدخل أمن الدولة هل كنت تتوقع كل ذلك؟ وفي الحقيقة لم أكن اتوقع ان يحدث معي ذلك كان أقصي شيء اتوقعه هو نقلي أو تطبيق جزاءات معينة علي.. لكن سلطة العادلي في ذلك الوقت كانت قوية.. ولم اكن أتوقع انه سيتم التجاوز لهذا الحد.. فعلي سبيل المثال فالضابط إسلام نبيل الذي وضع رأس الوزارة في الوحل عندما قام بتعذيب وتصوير السائق »عماد الكبير« تم الحكم عليه لمدة عام ثم عاد مرة اخري للعمل في مديرية أمن أسيوط.. فلم يكن همهم ان يتم ضرب المواطنين ب»الجزمة«.. ولكن همهم هو الا يحصل ضباط الشرطة علي حقوقهم.. وبالتالي ضباط وأفراد الشرطة كانوا أقلية في المجتمع المصري وسط سطوة الوزارة وكان امامهم احد الخيارين الانقلاب أو التواطؤ.. واختاروا التواطؤ! تتحدث وكأنه كان يوجد قرار جماعي ب»التواطؤ«؟ القرار لم يكن جماعيا.. ولكنه كان فردياً ولكن الكل انضم مرغما لذلك.. فأي إنسان عادي يدخل في منظومة عمل يجد فيها نظام معين لا يحترم القانون ولا الحقوق والواجبات فينخرط فيها الإجماع.. وهناك نقطة أريد ان أوضحها فيما يخص أحقية ضابط الشرطة في الادلاء بصوته في الانتخابات.. فقد قمت بمطالبة المحكمة باحالة القضية للمحكمة الدستورية العليا. وبالفعل حصلت علي التصريح بتاريخ 29-10 -2009 وتقدمت بالطلب الي المحكمة الدستورية العليا ورفعت القضية ولاني أخيرا اخذت الحكم للرجوع للوزارة وسأضع هذا الحكم في ملف القضية المرفوعة للمحكمة الدستورية العليا لكي يكون لي صفة في رفعها.. وعندي أمل أنني سوف أحصل علي ذلك الحكم لأنه عندما يكون للضابط الحق في التصويت أول شيء سيقوم بفعله هو البحث عن حقوقه وواجباته.. ونعمل نقابة لضباط الشرطة.. وبالتالي نطالب باصدار نقابة ونخرج من تحت سلطة وزراة الداخلية ونجد من يحافظ علي حقوقنا .. وماذا فعلت خلال فترة الفصل؟ اصبحت ناشطا سياسيا.. وعضواً في الهيئة العليا لحزب غد الثورة.. وأشغل حاليا منصب نائب رئيس الحزب في الاسكندرية.. كما شاركت في جميع الفاعليات التي سبقت الثورة سواء وقفات خالد سعيد أو الاعداد للثورة.. ما رد فعلك بعد حادث مقتل خالد سعيد؟ فهمت ماحدث حينها.. فهناك أفراد وضباط الشرطة لا يتورعون عن استخدام العنف ضد الشخص ولو مات يقومون بتلفيق التهم له.. فأنا أعرف أنه في بعض القضايا إذا مات المواطن في يد ضابط الشرطة فإنه يقوم بالقائه من طابق مرتفع ويقولون انه رمي نفسه اثناء التحقيق معه.. والبعض الثاني يلقونه في الترعة ويزعمون أنه مات أثناء المطاردة والبعض الثالث كخالد سعيد يتم تلفيق أي شئ ويقولون إنه بلع لفافة البانجو. ألم تخش من بطش العادلي وأبسط شيء تلفيق التهم لك مثلا؟ والله أنا كنت أعلم أن العمل في ظل هذا النظام المستبد أن طريقي كناشط سياسي معارض سيكون محاط بالمخاطر.. فلابد ان أكون مستعدا لدفع الثمن.. لأن كل واحد لو خشي من تلفيق القضايا كيف إذن سيتم التغيير؟ وهو أمر لايحدث إلا من خلال أولي العزم وهذا هو تاريخ البشرية.. وأين الوازع الديني هنا بين رجال العادلي؟ للأسف التدين في المجتمع أصبح شكليا بمعني ان الناس تقيم الشعائر من صلاة وصوم وتعمل عمرة وحج ولكن الدين لا يزيد عن هذا.. والتربية العسكرية للشرطة تجلعهم ينظرون إلي جميع الأشخاص في المجتمع علي انهم بشر افتراضيون وليس حقيقيين.. فلايوجد احترام للنفس الإنسانية ولا للمواطن ولا ان هذا البلد ملك للمواطن ولكنها كانت ملكا للنظام. إلي هذه الدرجة كان انتماء الداخلية لمبارك والعادلي؟ الانتماء كان للجالس علي الكرسي.. »ولو جابوا قرد بسلسلة وجلس علي الكرسي هيسبحوا بحمده«.. فالإنسان بيقدم مبررات لنفسه لعمل مثل هذا، منها مفيش فايدة هو أنا اللي هغير الدنيا.. انا هودي نفسي في »داهية« ليه.. في النهاية لو جلس مع نفسه وفكر سيجد ان ما يفعله ليس له اساس من الصحة. الشرطة من الداخل! من الممكن النظر إلي أسلوب الدراسة في كلية الشرطة؟ الخطأ في الدراسة في كلية الشرطة انهم حولوها إلي كلية عسكرية. فرغم ان الدستور ينص علي الشرطة هي هيئة مدنية .. فالتربية العسكرية لطالب كلية الشرطة تجعله يخرج معزولا عن المجتمع.. فعندما يتم إعداد الطالب في كلية عسكرية ويخرج الي التعامل مع الشارع والانخراط فيه ينظر الي المواطن في الشارع باستعلاء وهذا ما يحدث.. ولكن هل من المعقول أن تكون كل الشرطة بهذه الطريقة؟ معظم الضباط تربوا في مناخ يسوده الخوف مما جعلهم يرضخون لسلطة الوزارة وهناك قول مأثور يقول »كلنا مذنبون بالشر الذي فعلناه وبالخير الذي لم نفعله«، فبالتالي فضباط الشرطة فيهم جزء غير راض عما يحدث.. ويريدون شرطة تحترم حقوق الانسان، »ولكن حتي الذي لم يرتكب الشر فلم يفعل الخير المطلوب منه« وهذه هي المشكلة.. والحقيقة أنني كنت دائما أفكر أن معظم ضباط الشرطة من طبقات اجتماعية غنية علي خلاف أفراد الشرطة من امناء شرطة ومخبرين فما الذي يجعل شخص متيسر ماليا يخضع بهذا الشكل المهين لرؤسائه في العمل .. ومن الممكن أن أعذر أمين الشرطة ولكني لا أعذر الضابط لأنه حاصل بالفعل علي ليسانس حقوق.. وزارة الداخلية مشكلتها أنها كانت تهدف إلي فرض سطوتها علي المجتمع فكانت تستخدم أمن الدولة وكأنه الجناح السياسي للوزارة، والأمن المركزي الجناح العسكري.. فامن الدولة كان يتم استخدامه للتجسس علي جميع التجمعات سواء الطلابية أو النقابية أو السياسية المعارضة. من خلال المكالمات التليفونية سواء المحمولة أو الثابتة. وهل يمكن أن يكون هذا الأمر مستمرا؟ أعتقد أنه مازال مستمراً في ظل القيادة غير الرشيدة للمجتمع.. فأمن الدولة كان زمان يعمل بمفرده اما الآن فيعمل مع المخابرات العسكرية. فبالتالي فجهاز أمن الدولة خارج عن الشرعية والقانون.. وبعد سقوط وزارة الدكتور نظيف قاموا باعدام جميع المستندات والتقارير الموجودة والمكالمات المسجلة بالمخالفة للقانون والدستور.. لكنهم اعتقدوا انهم ما زالو يمتلكون نسخة علي اسطوانة.. وقد تم اخفاؤها بشكل او بآخر او من الممكن انه تم تسليمها للمجلس العسكري لاستخدامها في المستقبل. وماذا سيكون مصيرها في اعتقادك؟ من الممكن ان يتم إعدامها في ظل حكومة رشيدة ووطنية لكن المجلس العسكري لا ينتمي للثوة وغير منتم إليها.. والمجلس العسكري من الممكن ان يستخدمها ضد اشخاص للضغط عليه بصورة أو بأخري لانها من الممكن ان تحمل بعض الاشياء الخاصة بخصوصيات الأفراد. وماذا عن الأمن المركزي؟ الأمن المركزي هو الجناح العسكري للوزارة اوالذي كان يتم الصرف عليه ببذخ من ناحية التسليح والاعداد. وشراء الكم الرهيب من القنابل المسيلة للدموع، أما المجند نفسه فمرتبه بسيط ويتم اختياره من الفرز الثالث »الأميين« الذين لا يجيدون القراءة ولا الكتابة.. حتي يتم تشكيله بسهولة. والآن هل سوف تعود بالفعل إلي وزارة الداخلية ؟ قرار العودة للعمل هو لرد الاعتبار ولكن الجو العام في وزارة الداخلية ما زال كما هو.. وانا لا أفضل أن أنتقل من صفوف الثوار الي صفوف قتله الثوار.. إلا لو حدث تغيير حقيقي في الوزارة
شرطي في الثورة! ننتقل إلي ضابط الشرطة الثائر.. ونرجع إلي ذكريات الثورة.. ولكن أولا هل فكرت في لحظة انها سوف تكون ثورة بالفعل؟ في الحقيقة لم اتوقع .. ولم يستطع أحد أن يتوقع انها ستكون ثورة.. لكن هناك متغير حدث قبل انطلاق المظاهرات وهي الثورة التونسية.. فجعلتنا نشعر ان الثورة من الممكن ان تتحقق.. وكانت النقطة الفنية في يناير اننا لم نبدأ المظاهرات من الميادين ولكن من الاحياء الشعبية والحارات الضيقة وهي اماكن صعب دخولها بسيارات الامن المركزي.. رأينا فيديوهات لأحداث ثورة الإسكندرية قام فيها جنود الأمن المركزي بالبكاء فاحتضنهم المواطنون؟ هذا طبيعي فالمجند شاب مطحون.. في بيئة تعاني من الفقر الاسود.. هو نفسه مستاء فالخدمة في الأمن المركزي تعني تعطيل حياته فهو يعاني مثل باقي الشعب واكثر.. بالإضافة إلي خوف الإنسان علي نفسه.. وقد يكون هناك تعاطفا داخليا مع المتظاهرين.. وكل هذا يفسر ما يحدث. في رأيك كيف استطاع الشعب الانتصار علي شرطة العادلي؟ الشعب المصري كان لديه سلاحان مهمان للغاية انهم الاكثر عددا وثانيا "الطوبة والمولوتوف "وهذا هو السلاح المؤثر اللي كسر وزارة الداخلية.. وقدأعلنت قبل الثورة في أحد المؤتمرات التي أقامها أيمن نور "أن وزارة الداخلية وزارة هشة لان الشعب لو نزل باعداد كبيرة لن تستطيع الداخلية الوقوف امامهم.. وتنطبق عليها الآية القرانية التي تقول »وتحسبهم جميعا وقلوبهم شتي«. وماذا عن حرق الأقسام؟ كلنا نعلم أن الاقسام كانت مكانا لإهانة المواطن وإهدار حقوقه و»بهدلته«.. وبالتالي عندما تشتعل ثورة والعنصر الأساسي فيها هو الشرطة فكان لابد من الاعتداء عليها، خاصة ان الأقسام موزعة في كل الأحياء فكانت في طريق المسيرات الطبيعي.. وحتي لو تم الاعتداء عليها فالمفروض ان يتم الضرب بالنار في الرجل وليس في الصدر والرأس.. ولا أعتقد ان هذا دفاع شرعي. كيف تقيم دور الجيش في حماية الثورة مقارنة بأداء الشرطة وهي النقطة التي يتفاخر بها دائما المجلس العسكري ويستند إليها كثيرا؟ الجيش رأي ما حدث في الشرطة وبالتالي لم يخطئ كما فعلت في الشرطة لسببين اولهما انه خاف من مصير الشرطة والثاني هو خشية حدوث انشقاقات في الجيش لان هناك افردا في الجيش يكرهون المجلس العسكري لانهم يعرفون انه مجلس به "فساد"..والمجلس العسكري ليس معقولا ان يدين نفسه بنفسه.. والنيابة العسكرية والقضاء العسكري غير محايد لأنه يتلقي الاوامر من المجلس العسكري وغير معقول انه يصدر قرارا أو حكما يدين قيادة من قيادات المجلس العسكري .
إصلاح الشرطة وبعد كل هذا الحديث عن مشاكل وفساد الشرطة ..ماذا عن مبادرة الإصلاح ؟ لابد من وجود إصلاح حقيقي في جهاز الشرطة لان استمرار هذه الوزارة بنفس الاسلوب القديم بعد الثورة سيكون معوقا كبيرا أمام التطور.. ونحن تقدمنا مبادرة لاعادة هيكلة وزارة الداخلية وتم عرضها علي مؤتمر مصر الأول.. وهذه المبادرة أعدها ائتلاف »ضباط ولكن شرفاء« والذي اشغل فيه منصب »المنسق المساعد للائتلاف«.. وعندما تم عرضه التف حوله عدد من المنظمات الحقوقية.. وبدأنا نقيم ورش عمل لتطوير المبادرة وأخرجناها في صورتها النهائية وهي "المبادرة الوطنية لإعادة بناء الشرطة .. شرطة من أجل مصر" ما مضمون هذه المبادرة ؟ هذه المبادرة تدعو لاعادة هيكلة وتنظيم وزارة الداخلية وتقوم علي 6 مبادئ.. أولها قائم علي التطهير والمحاسبة والمراقبة وهذا المبدأ متفرع من أدبيات العدالة الانتقالية. أما الثاني.. وهو مبدأ »مدنية جهاز الشرطة« يجب أن نرسخ مبدأ ان جهاز الشرطة جهاز مدني وليس عسكريا لان هذه المشكلة انه تم عسكرة جهاز الشرطة من خلال الامن المركزي. أما المبدأ الثالث هو "الإدارة السياسية" لوزارة الداخلية بمعني أن يكون وزير الداخلية وزير مدني وسياسي لان الوزير المدني سيكون اعلم بالشارع المصري وباحتياجات الناس ولن تكون له شلة في الوزارة ولن يكون تربية شرطية.. وسيري عيوب الوزارة بعيون المواطن.. أما المبدأ الرابع هو مبدأ »الإدارة المحلية« وهومبدأ الشرطة المحلية.. بنطالب في مصر بمعني ان كل محافظة يكون لديها جهاز شرطة يتبع المحافظ المنتخب تنفيذيا ويتبع الوزارة فنيا واداريا. والمبدأ الخامس وهو "مبدأ المسئولية الأخلاقية "فاذا كان في جهاز الشرطة نقابة تدافع عن حقوقهم وواجباتهم سيشعر ضباط الشرطة ان عندهم المسئولية الاخلاقية تجاه المجتمع.. لانهم إذا اعطاهم الدستور الحق. سيبدأون في وضع مواثيق اخلاقية بنفسهم وليس الوزارة .. اما المبدأ الأخير.. هو مبدأ »التغيير وليس الاصلاح« كما نادت الثورة وهل تعتقد أن ضباط الشرطة سيتقبلون مبادرة الإصلاح بسهولة؟ الشرطة تقبل او لا تقبل ليست هذه المشكلة .. والمعترض علي ذلك عليه ان يترك الشرطة ..فمشكلة الشرطة أنها كانت تفرض أجندة امنية علي المجتمع ..وبالتالي الوزير المدني هو الذي يشعر بنبض الشارع وينظر الي وزارة الداخلية بشكل سياسي وليس أمنياًِ.. يستطيع من خلال رؤيته السياسية العريضة ان يعمل ربطا بين الشرطة والداخلية. الإخوان والسلفيون! أعلن نواب الشعب وخاصة حزبي الحرية والعدالة وحزب النور وجود مبادرات لإصلاح جهاز الشرطة ومن ضمنها إعادة الهيكلة للداخلية.. فكيف تري هذا؟ إذا كانت الهيكلة التي يطمح حزب الحرية والعدالة معناها إعادة تنظيم وزارة الداخلية.. وليس إقالة القيادات الموجودة وأن يتم تعيين قيادات ولاءهم لحزب الحرية والعدالة فهناك مشكلة ..فأعتقد أن الإخوان بما أنهم الأغلبية - كفكر ايدلوجي لا يهمهم تطبيق الديمقراطية الحقيقية في مصر وبالتالي فانهم لن يسعوا لتطبيق الديمقراطية الحقيقية في مصر.. ومشكلة الإخوان انهم لديهم مشروع فكري وإيدولوجي يردون تطبيقه.. وبذلك ستكون الديمقراطية مشوهة في مصر.. والحقيقة فأنا فكري الليبرالي وهو مناهض لفكر كل التيارات الاسلامية التي اري انها تيارات معادية للديمقراطية وان وصولها للسلطة بشكل مبكر يشكل خطرا كبيرا علي الثورة. ولكن التيارات الإسلامية هي اختيار الشعب و من الممكن ان تتغير أيضا الخريطة البرلمانية في أي وقت؟ أري ان الشعب المصري اخطأ لاختياره التيارات الدينية بنسبة 70٪ وهذا معناه الرجوع للخلف وكان يجب عليه أن يختار التيارات التي تدعم الديمقراطية الحقيقية.. فالشعب المصري شعب فقير ونسبة الأمية تصل إلي 40 ٪ والشعب عامة من الممكن أن يخطأ..فالشعب الألماني بجلالة قدره اختار هتلر في انتخابات ديمقراطية ومع ذلك دخلها في حروب ادت الي قيام الحرب العالمية الثانية. لكن التيارات الإسلامية استغلت فقر وجهل المجتمع المصري وضحكت علي المجتمع باسم الدين واستغلت المواطن بالزيت والسكر والفلوس.. وللاسف تم صرف مئات الملايين في الانتخابات ولا نعلم مصدرها.. هل لديك معلومات موثقة عن ماتقوله بشأن تمويل التيارات الإسلامية؟ المعلومات التي جاءت تقول إن الاخوان والسلفيين صرفوا في الانتخابات كماً مهولاً من الأموال، ولا نعلم مصدره.. وكلنا رأينا الاعلانات والمؤتمرات الانتخابية والشباب الموجود ب»اللاب توب« في اللجان الانتخابية علي ماذا يستند حكمك هذا ؟ من خلال قراءة منهجها.. فهي تعتبر الديمقراطية منتجا غربيا. ونحن دخلنا في منافسة غير متكافئة بين شخص يتكلم باسم الدين وآخر ينادي بالديمقراطية.. وأنا اخشي ان يتم الانقلاب علي الديمقراطية في مصر.. فوصولهم للسلطة في مصر ودول الجوار أيضا سيجعلهم يستدعون عدوهم التاريخي وهو اسرائيل ولكن من المنظور الديني.. وبالتالي سندخل في حالة حرب باردة مع إسرائيل وهي دولة نووية.. وبالتالي يجب أن نكون مثلها وهذا ما سيجعل الغرب يفرض عقوبات اقتصادية علي مصر. وستوجه مواردنا إلي الحرب وطبعا فلايعلو صوت فوق صوت المعركة.. وهذا مناخ لصالح الاستبداد تحت دعوي ان المجتمع في حالة استثنائية.. كما ان جماعة الاخوان قامت علي مبدأ السمع والطاعة وجميع التيارات الاسلامية وسوف تقدم اهل الثقة علي أهل الخبرة .. وبالتالي فالاخوان في رأيي لو شكلوا حكومة سيهدفون إلي السيطرة علي المجتمع.