جلال دويدار علي ضوء تفاقم مشكلة البطالة وما يرتبط بها من تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية فإنه لابد من خطوات جادة من أجل ايجاد الحلول العاجلة. ومع استحالة ايجاد فرص عمل في الجهاز الحكومي الذي ارتفع عدد العاملين به الي اكثر من ستة ملايين يمثلون أكثر من 8٪ من عدد السكان فإنه ليس امامنا سوي المشروعات الاستثمارية الخاصة التي يمكنها المساهمة في روشتة العلاج.. بالطبع فإن هذه الاستثمارات لن تأتي إلينا إلا اذا توافرت الفرص المغرية لتوظيفها وضمان الحصول من ورائها علي العائد الجاذب. من هنا فلابد من إعمال العقل والفكر لعرض الامكانات والفرص المتوافرة وما أكثرها في مصر بحكم ما نمتلكه من موقع جغرافي فريد وثروات طبيعية وبشرية لا تحتاج سوي لخطة تدريب وتأهيل. في هذا المجال لابد أن تتجه انظارنا وانظار المستثمرين الي منطقة قناة السويس التي يخترقها أعظم الممرات المائية رابطا أكبر بحرين تجاريين في العالم هما البحر الأحمر والبحر الأبيض. ان هذه المنطقة مؤهلة بموقعها المتميز في خدمة حركة التجارة العالمية.. لتصبح أهم محور للتجارة والصناعات الترانزيتية العالمية اضافة إلي الصناعات المتصلة بالأنشطة البحرية وغير البحرية اللازمة للتصدير الخارجي. من المؤكد ان مثل هذه المشروعات تملك الجاذبية لأموال الاستثمار التي تبحث عن أي مجال لاستخدامها. هذا المشروع يمكن اعتبار تنفيذه هدفا قوميا نلتف كلنا حوله ايمانا بما سوف يحقق للاقتصاد القومي. ويري الخبراء ان النجاح في جذب المشروعات الاستثمارية الضخمة إلي هذه المنطقة يعني توافر القدرة علي استيعاب اعداد كبيرة من العمالة من كل الفئات. وهنا لابد ان اذكر الحلم الذي كان يراود الزعيم الراحل أنور السادات فيما يتعلق باستثمار قناة السويس عندما قرر تحويل بورسعيد إلي منطقة حرة للصناعة والتجارة. لقد كان أمله ان يراها تنافس هونج كونج وسنغافورة بما يؤدي الي ان يعم من خلال عوائدها الخير علي أهالي القناة وكل شعب مصر. وشاءت الاقدار أن يرحل السادات رجل الحرب والسلام الذي حرر أرض سيناء قبل استكمال حلمه المستند إلي بعد نظره وحكمته وفكره الخلاق الذي كان يمتلئ بالآمال الكبيرة للنهوض بمصر. المشروع الذي نريد ان تتبناه حكومة الدكتور كمال الجنزوري يعد استكمالا لهذا الفكر الذي يستهدف صالح مصر. محور هذه المبادرة وفقا لما ذكرته التقارير الصحفية لاستكمال خطواتها. انه يعتمد علي الدراسة التي اعدتها وزارة النقل بالتعاون مع اثنين من بيوت الخبرة العالمية لتحويل ضفتي الممر المائي إلي منطقتي لتجارة الترانزيت والصناعات البحرية. كما يشمل هذا المشروع توسيع وتعميق القناة بما يمثل اضافة مساحة مائية للقناة تعادل مساحتها الحالية بما يمكنها من مضاعفة حجم السفن المارة وبالتالي زيادة عائد الرسوم. ولتحقيق التكامل فإن الخطة تتضمن انشاء مناطق ظهير زراعي خلف مناطق التنمية الثلاث بما يسمح باستيعاب ثلاثة ملايين نسمة كسكان دائمين بالاضافة إلي ثلاثة ملايين آخرين كاقامة مؤقتة يعمل أصحابها في الشركات الصناعية الأجنبية التي تقوم بالتصدير الي الخارج. وتقدر تكلفة المشروع بعشرة مليارات دولار إلي جانب 5 مليارات اخري لاقامة البنية الأساسية. ويعتمد تمويل هذا المشروع العملاق علي الاستثمارات العربية بالاضافة إلي قروض بنكية محلية بينما يتم استكمال الباقي من البنود الاستثمارية في الموازنة العامة للدولة. ان عرض المشروع علي مجلس الشعب الجديد للموافقة علي البدء في تنفيذه مرهون بمناخ الأمن والاستقرار الذي يأمل الجميع أن يسود البلاد.