أجل لماذا لايكون رئيس مصر بعد الثورة امراة ؟ أعرف طبعا أن هذا مستحيل رغم أن هذه الثورة شهدت المئات من النساء الناضجات والفتيات المثقفات المناضلات اللاتي ساهمن في اشعالها ولا يزلن، ناهيك عن الآلاف أو الملايين اللاتي خرجن الي الشوارع والميادين جنبا إلي جنب مع الشباب والرجال . بل وتقدمن الصفوف في كثير من الأحيان الي الموت، وأصيب منهن المئات واستشهد بعضهن وسجن وعذب بعضهن أيضا. هذه الثورة التي اندلعت في 25 يناير من العام الماضي ولا تزال أيقونتها المرأة قبل الرجل، لأنه بعد أعوام طويلة من العبث والجهل الفكري الذي يدعو المرأة أن تقر في بيتها، خرجت نسا ء مصر وبناتها يهتفن ويقتحمن صفوف الأمن المتوحش في كل وقت . هل تعرفون اللوحة الفنية العظيمة للفنان الفرنسي ديلاكروا المسماة "الحرية تقود الشعب "والتي جعل أعلي الثوار امرأة ترفع العلم وتخوض في صفوف الاعداء . إنها اللوحة الأشهر في العالم عن الثورة رسمها ديلاكروا بعد ثورة 1830 في فرنسا . تلح عليّ هذه اللوحة منذ اليوم الاول للثورة العام الماضي، بعد أن شاهدت قبل الثورة كليبات جبارة ضد السلطة الغاشمة لفتيات مثل أسماء محفوظ ونوارة نجم وإسراء عبد الفتاح وشيماء احمد وغيرهن، ثم اثناء الثورة نفسها وما رأيته من فتيات وسيدات مصر في كل مكان . عام مضي الآن وأتت انتخابات مجلس الشعب بفصائل الإخوان والسلفيين الذين ملأوا حياتنا اربعين سنة بدعوة عودة المرأة الي المنزل . الانتخابات ليست معبرة عن الثورة بشكل كامل لكنها معبرة عن حالة المجتمع قبلها. المجتمع الذي بعد ان انتفض وثار عاد الكثيرون من بسطائه الي قناعاتهم الأولي أملا أن تمشي السفينة بهدوء. إذن لايمكن أن تنجح المرأة في انتخابات رئاسة الجمهورية وإلا كنا رأينا عددا أكبرمنهن في مجلس الشعب . الطريق طويل أمامنا لتفوز امراة بمعركة الرئاسة . لكني اسأل السؤال من باب الأمل، أو من باب إثارة العقول والقلوب البسيطة , خاصة أننا جربنا الرؤساء الرجال من قبل دائما وكان ما كان من دمار . بالذات في الاربعين سنة السابقة حيث اعتبر السادات نفسه رب العائلة الذي لا يحق لأحد الاعتراض عليه واعتبر حسني مبارك انه بالاساس لايوجد أحد ليعترض عليه . دعوني الآن أحدثكم عن سيدة فاضلة تستحق أن يشار لها بقوة باعتبارها علي علم غزير ومعرفة عميقة بالأحوال السياسية والاجتماعية للبلاد والناس . هذه السيدة التي لا أعرفها شخصيا لكني تابعت مثل غيري صعودها الكبير الي الحياة السياسية منذ انتخابات عام 2005 حين كشفت بشجاعة التزوير الذي جري في دائرة البحيرة ثم صارت بعد ذلك مرجعا لكثير من الاحاديث الصحفية الشجاعة وكذلك في القنوات التليفزينية . وفي كل أحاديثها قدمت معرفة وعلما غزيرين بالسياسة والقانون والحياة الاجتماعية . إنها المستشارة نهي الزيني نائبة رئيس النيابة الادارية بالاسكندرية والحاصلة علي درجة الدكتوراة في القانون الدستوري من جامعة السوربون في فرنسا . ظهرت أراؤها الشجاعة في الإعلان الدستوري الذي جري عليه الاستفتاء وكانت من الرافضين لهذه التعديلات لعيوب دستورية وظلت من الرافضين لسياسة المجلس العسكري وظلت ثقتها في نجاح الثورة حتي الآن رغم كل ما جري من عدوان عليها - علي الثورة - كما ظلت مناصرة لأهدافها ولحقوق شهدائها. وتلخص دائما كثيرا من قضايانا الصعبة في جمل حاسمة بسيطة مثل قولها أن نتائج انتخابات مجلس الشعب الأخيرة جزء من الماضي اكثر منها من الحاضر لكن علينا أن نعترف بالصندوق الانتخايبي في النهاية كما احترمت هي من قبل نتيجة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية رغم معارضتها. إنها سيدة لا تملك حين تتحدث إلا ان تنصت لها وتفهم وتقدر وتشارك معها في الغضب علي الحملة الشعواء لتشويه الثورة. كذلك قولها الجامع المانع أن النظم الاستبدادية هي التي تقول لك دائما أن جزءا كبيرا من الشعب معي بينما الثوار يملأون الميادين . وكأن الثورة لابد أن يشارك فيها الشعب كله والحقيقة ليست كذلك، فمن يصنع الثورة هم طليعة الشعب وهم هنا شبابه وما أكثرهم . هي لا تعيب علي الثورة أنه ليس لها قيادة حتي الآن . هي تعرف إنه إحدي ميزات هذه لثورة أنها بدأت كذلك , لكن آن الاوان أن يكون لها قيادة بعد عام كامل وأنه لابد ستظهر لها قيادة . وغير ذلك كثير مما تقوله هذه السيدة العظيمة ترفع له القبعة وتفهمه وتنحاز الي الثورة . السيدة نهي الزيني هي التي جعلتني أسأل هذا السؤال الذي أعرف أن الاجابة عليه بالإيجاب تحتاج الي وقت طويل ونضال كبير وخاصة وقد وصل إلي مجلس الشعب أغلبية من أعداء المرأة .