وجوه باسمة مترقبة متلهفة تنتظر بفارغ الصبر اللحظة التى طالما حلمت بها.. اللحظة التى بينت الخيط الأبيض من الخيط الأسود.. اللحظة التى أثبتت أن عهد التزوير مضى وولى.. والتى تبرهن على نجاح ثورتهم المجيدة.. أقصد بهذه الوجوه وجوه المصريين الذين يثبتون يوماً بعد يوم أنهم شعب أصيل شعب يبهرك ويفاجئك فى نفس الوقت هؤلاء المصريون الذين تحملوا عناء الوقفة فى طوابير امتدت إلى شوارع وشوارع، تارة فى شمس محرقة والتارة الأخرى تحت أمطار غزيرة ولكن الحافز كان واحداً والهدف واحدا هو ترسيخ مبادئ الحرية التى ألقيت أول بذورها فى ثورة 25 يناير وثانيها فى استفتاء على التعديلات الدستورية فى 19 مارس الماضى.. نزلت ويملأنى الحماس لأننى هذه المرة أعلم علم اليقين أن صوتى لن يضيع وسيصل محالة.. وعلى الرغم من أنه قد تغير عنوان لجنتى التى كان من المقرر أن أدلى بصوتى فيها قبل يومين من موعد الانتخابات وعلى الرغم من العناء الذى وجدته فى إيجاد لجنتى الجديدة إلا أننى كنت سعيدة ومتلهفة أن تطأ قدماى المدرسة التى سأدلى فيها بصوتى. أخيراً وصلت إلى مقر اللجنة معهد فتيات مصر الجديدة الأزهرى. آلاف من السيدات يقفن فى طوابير طويلة مقسمة حسب رقم اللجنة والحقيقة أكثر اللجان تحركاً كانت هى لجنة 39 لأن المراقبين قد التزموا وأتوا فى مواعيدهم. - لجنة 37 من أكثر المشاهد التى أبهرتنى هو مشهد كانت بطلاته صاحبات اللجنة رقم 37 اللاتى إذا أردن تذكير - فتيات اللجان الشعبية اللاتى ينظمن حركة الدخول والخروج - بأنه حان وقت دخول لجنتهن يرفعن أيديهن ويقلن بأعلى صوت «37»!!. على الرغم من أن هذا الطابور الذى استمر لمدة أكثر من ثلاث ساعات ونصف إلا أن هناك نوعا من الألفة قد نشأ بين السيدات لدرجة أن بعضهن تبادل أرقام الهواتف للتواصل فيما بعد. -إيد واحدة وأجمل ما فى هذا اليوم أننى تأكدت أن المسلمين والأقباط هم يد واحدة هذا ليس شعاراً وإنما حقيقة.. فسمعت فتاة مسيحية تتحدث إلى زوجها فى التليفون وتقول له: «فاتك وعظة أبونا يوحنا.. كانت جميلة جداً!! إذ قال لنا لابد أن تذهبوا إلى صناديق الاقتراع فعدم الذهاب ينافى مبادئ السلام التي حثنا عليها الرب.. كذلك يجب التأقلم مع الأمر الواقع إذا جاء من لا ترغبونه فى مجلس الشعب»!! هؤلاء هم المصريون الذين أبهروا العالم فى المرة الأولى عندما قاموا بثورتهم البيضاء وأطاحوا بالنظام السابق ونظفوا ميدان التحرير بعدها.. أبهروه للمرة الثانية بإقبالهم غير المسبوق على العملية الانتخابية لتشييد أول لبنة فى جدار الديمقراطية.