المياه تغمر شارع »المعز« لدين الله الفاطمى علي مدار عدة سنوات أنفقت الدولة من ميزانيتها ملايين الجنيهات من أجل تحويل شارع المعز، أقدم شوارع القاهرة، وأحد أقدم شوارع العالم، ان لم يكن أقدمها بالفعل، الي أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم، عن طريق ترميم وانقاذ وتطوير 33 أثرا داخل هذا الشارع الفريد، ليس هذا فحسب بل تم تطوير الشارع نفسه، وتغيير جميع مرافقه، وتم حظر دخول السيارات إليه من خلال بوابات أوتوماتيكية الا للضرورة، مثل سيارات الإسعاف والإطفاء، وبالفعل تم افتتاح الشارع أمام الحركة السياحية، وشهد الافتتاح رموز الفكر والثقافة في مصر وأبدي الجميع إعجابهم الذي وصل إلي حد الإنبهار بالمشروع الذي مازال يعتبره فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق درة أعماله، ويوم الجمعة الماضي فوجيء كل مصري غيور بمنظر شارع المعز غارقا في المجاري، ولأهمية المشروع تناقلت وكالات الأنباء صورة أهم أثار مصر الفاطمية، وهي محاصرة بمياه الصرف الصحي، وكان من الطبيعي أن تثور التساؤلات حول حقيقة ما حدث، ومدي امكانية تكرارها، وأين ذهبت الملايين التي انفقت علي المشروع إذا كانت ستغرق هكذا في مياه المجاري، والأهم مدي الضرر الذي ألحق بالآثار؟ وشارع المعز لدين الله هو الشارع الرئيسي الذي أنشأه الفاطميون للمرور لمدينة القاهرة القديمة وقد سمي قبل ذلك بشارع بين القصرين.. ولأهمية الآثارالتي تقع في الشارع اعتبرت الحكومة إنقاذ وتطوير آثار القاهرة التاريخية مشروعا قوميا فتم تخصيص058 مليون جنيه لتمويل وتنفيذ المشروع، الذي نفذت مرحلته الأولي والرئيسية في شارع المعز. نبدأ بوزير الآثار د. محمد ابراهيم الذي يتسم كلامه منذ مجيئه بالموضوعية، يقول الموضوع ببساطة تسبب فيه انسداد ماسورة مياه الصرف الصحي الرئيسية في شارع المعز، والتي يبلغ قطرها 140 سم، ثم ارتداد هذه المياه الي شارع المعز الذي ينخفض مستواه عن مستوي شارع الأزهر، كان ذلك عقب صلاة الجمعة الماضي، وعلي الفور تحركت جميع الجهات: الآثار والمحافظة والحي وهيئة الصرف الصحي، واستمر الأمر حتي فجر السبت، لتنتهي المشكلة تماما صباح السبت ويفتح الشارع للزيارة. وماذا عن الأضرار؟ الحمد لله، بعيدا عن الضرر المعنوي الذي تسبب فيه غرق أهم متحف مفتوح في العالم في مياه الصرف الصحي، فلم يحدث ضرر مباشر علي الآثار لأنها مؤمنة ومرممة، ولم تدخلها المياه باستثناء مجموعة قلاوون التي ينخفض مستواها هي الأخري عن مستوي شارع المعز نفسه، وهذه المجموعة غسلناها بالماء والصابون لتطهيرها، وإزالة أية روائح للصرف الصحي. هل من الممكن أن تتكرر المشكلة ؟ تكرارها قائم مادامت مشكلة ماسورة الصرف الصحي لشارع الأزهر قائمة، وما كان يحدث هو تنظيفها كل أسبوع، والآن مطلوب التنظيف والتسليك اليومي. ويقول الأثري محسن علي رئيس قطاع الآثار الإسلامية أن تفتيش الآثار في المنطقة ابلغه بحدوث طفح لمياه الصرف الصحي في شارع المعز لوجود سدة في ماسورة شارع الأزهر، فتم ابلاغ هيئة الصرف الصحي، وعلي الفور تم احضار عربات لشفط المياه ، والمعدات اللازمة ولم تغادر أماكنها إلا بعد انتهاء المشكلة. وأسأل رئيس قطاع الآثار الإسلامية سؤالا محددا عن حجم الضرر الذي سببه الحادث للآثار؟ يقول أستطيع أن أؤكد بثقة أنه لا شيء لأن مشروع تطوير شارع المعز تضمن معالجة الأحجار والجدران للآثار، ضد المياه بكل أنواعها لمدة شهرين، ولكن تبقي المشكلات الأمنية، حيث قامت عدة حملات أمنية لإعادة غلق الشارع أمام السيارات، حفاظا علي الآثار ولكن دون جدوي، أضف الي ذلك أن البعض يستهدف مفتشي الآثار والعمال في المنطقة. ومن جانبه خاطب الدكتور مصطفي أمين، الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار، رئيس هيئة الصرف الصحي بالقاهرة، بطلب اتخاذ الإجراءات العاجلة والسريعة لتطهير ومتابعة مصارف ومواسير الصرف الصحي بمنطقة الأزهر والمناطق المحيطة بشارع المعز، بشكل يومي ودقيق، وذلك تجنباً لما حدث من انسداد في الماسورة الرئيسية للصرف الصحي بشارع الأزهر يوم الجمعة الماضي، مما تسبب عنه تجميع مياه الصرف في شارع المعز بشكل كبير، مما هدد بتعرض المباني الأثرية، وخاصة مجموعة السلطان قلاوون لمخاطر وتأثير المياه عليها. يضيف د. مصطفي أمين أن من الأشياء التي تحسب لمشروع تطوير شارع المعز أنه تضمن معالجة الآثار ضد مياه الصرف الصحي، والمياه التحتية والسطحية لأن الأرض في المنطقة مشبعة بالمياه التي تغطي المنطقة لأن شارع بورسعيد القريب منها كان في الأصل فرع للنيل يسمي بالخليج المصري، لذلك فالمشروع تضمن عزلا للأحجار والأساسات، حتي أنها تستطيع تحمل وجود هذه المياه لمدة شهرين من غير ضرر، ورغم ذلك فهذا لم يحدث وغرق الشارع دون الآثار ال33 التي تتواجد في الشارع.