أين »أم الدنيا«؟.. وهل مصر الآن »أم الدنيا«؟... أم الدنيا لقب وشرف ومرتبة ودرجة لمجتمع هو أفضل من مجتمعات أخري في مجالات عديدة مثل الأمن والأمان، جودة الحياة، مستوي المعيشة، العلاقات الانسانية، العدل والعدالة، التقدم والحداثة، التنوع والتراث، سهولة ويسر الحياة، التكافؤ والمحبة، الابتسامة والمودة، النقل والمواصلات، فرص العمل والاستثمار، البيئة والجمال.. انهارت مصر كدولة وأمة وشعب في عام وأحد بعد ثورة مجيدة ورائعة.. ما حدث في استاد بورسعيد وما يحدث الآن في الشوارع المحيطة لوزارة الداخلية هو إنزلاق سريع للدخول في النموذج العراقي ثم الايراني للديمقراطية بدلاً من النماذج المتحضرة للديمقراطية.. ما حدث في بورسعيد هو جريمة عرقية مع »سبق الاصرار والترصد«... ثار لها المصريون وصدم لها العالم وغلت لها الانسانية... ومما لاشك فيه أن ما حدث في بورسعيد هو مسلسل متلاحق لاحداث دامية في 004 يوم -تمت بفعل فاعل لازال مجهولا- بدأت بكنيسة القديسين واقتحام السجون 82 يناير ومهاجمة اقسام الشرطة وموقعة الجمل والهجوم علي مقار أمن الدولة وحادث اطفيح الي ما تلاه من مسلسل دموي اجرامي لاحداث تتكرر علي أرض مصر الطاهرة »سابقاً« والدموية حالياً والتي يتابعها أهل أم الدنيا سابقاً وكان آخرها في ملعب رياضي ببورسعيد وفي الشوارع المؤدية لوزارة الداخلية المسئولة عن الحفاظ علي أمن وآمان أم الدنيا من الذي يشجع علي القتل والدماء والهدم والتخريب... من الذي يقتل ويغتال في »أم الدنيا«؟؟.... أين مصر وأين المصريون؟.... المشهد الحالي يشير إلي أولاً: غياب تام للقيادة، ثانيا: انحسار كامل للحكمة والرشد، ثالثا: رغبة مدمرة لكراسي السلطة لاشخاص وتيارات وأحزاب، رابعاً: الرغبة الشرهة في الاستيلاء علي الوطن بأي ثمن، خامساً: انقسام كامل بين ابناء الوطن وتيارات الوطن، سادساً: ضياع هيبة الدولة، سابعاً: رغبة واصرار علي هدم ما بقي في الدولة المصرية خاصة الشرطة والجيش، ثامنا: غياب كامل للمعلومات عن الشعب، تاسعاً: تباطؤ العدالة الناجزة، عاشراً: تفتت الثوار، حادي عشر: دعوات للعصيان المدني ولمزيد من التدمير والانتقام والغدر، ثاني عشر: تدخلات اقليمية ودولية في انهيار مصر الحالي، ثالث عشر: اعلام يساهم في تدمير وانقسام الوطن، رابع عشر: برلمان ولد علي بحر من الدماء بواجهة ديمقراطية وجوهر دكتاتورية دينية، وخامس عشر: تخبط ومزايدات سياسية وفئوية برلمانية وحزبية ونقابية، سادس عشر: اختلافات واتهامات تتزايد بين الوطنيين والتخوين والعمالة لآخرين، سابع عشر: تيارات مدمرة للانتقام والغدر والانقسام، ثامن عشر: شباب ضاع حلم ثورته تحول من العقل والبناء الي الحجارة والمولوتوف تاسع عشر: تربص وانقضاض لجمع الغنائم والمكاسب من مراكز القوي الجديدة باسم الدين تارة وبالابتزاز والسرقة والنهب تارة أخري، عشرين: غياب للأمن والآمان وانتشار الجريمة، وأحد وعشرين: انهيار اقتصادي كبير، ثاني وعشرين: أمية وفقر وبطالة تزداد، ثالث وعشرين: شعب -مغلوب علي أمره- يصارع الحياة.. وفي وسط هذا المشهد ضاعت »أم الدنيا« وضاع ويضيع »المصريون«.... واتساءل مثل كل مصري بل مثل كل انسان متحضر يحب مصر التي نعرفها وليست التي نراها الآن.. اتساءل هل يمكن أن تعود »أم الدنيا« لمصر مرة أخري؟ هل يمكن أن يتم الدعوة لمبادرة »للمصالحة الوطنية«؟ هل يمكن أن يعود كل مصري لكي يعمل ويبني ويزرع ويعلم؟ هل يمكن أن نعيد المحبة الي ارض المحبة؟ والابتسامة إلي الاجيال الحزينة؟ للاسف لا يمكننا اعادة من استشهد أو قتل غدرا أو عمدا ولكن هل يمكن أن نرسخ مفاهيم العدالة بدلاً من الثأر، والوحدة بدلاً من القصاص، والعقل بدلاً من الجنون.. دعوة لكل من هو مصري، ودعوة لكل من يزيد علي كل مصري.. دعوة للمصالحة من اجل مصر... ولكي نبدأ مسيرة التقدم والبناء... فكيف تبدأ »المصالحة الوطنية«؟