عملت محرراً برلمانياً في الفترة من 3691 وحتي آخر 5791 وهي فترة شهدت تعدد البرلمانات كما شهدت العديد من الاحداث الجسام التي مرت بها مصر ومن أبرزها هزيمة 7691. والملاحظ أن البرلمانات في الفترة من 1975 وحتي تولي مبارك كانت لها ملامح خاصة أما برلمانات مبارك فقد كان لها طابع خاص انتهي بالكارثة.. جميع البرلمانات التي شهدتها مصر منذ ثورة 2591 وحتي برلمان سرور امتازت بوجود مجموعة من النواب كنا نطلق عليهم الاراجوزات.. عند مناقشة أي موضوع المفروض أن الاسماء تسجل بالترتيب ويعطي النائب الكلمة في دوره ولكن الاراجوزات لم يكونوا يقتنعون بذلك كان الواحدمن هؤلاء يرفع اللائحة وطبقاً للقانون تعطي له الكلمة ولكنه لا يشير إلي اللائحة أو أي مادة منها وإنما ينطلق في خطبة عصماء كان يحصن نفسه في بدايتها بالاشادة بالزعيم الأوحد سواء كان ناصر أو السادات ولا يستطيع رئيس المجلس أن يعترض.. ينطلق الاراجوز معتمداً علي صوته الجهوري وحركات يديه التي تشبه حركات البهلوان وعينه مركزة دائماً علي الكاميرات وخاصة المصور الذي قام »بالتربيط« معه قبل الجلسة. هؤلاء الاراجوزات كانوا يعلمون ان هناك خطا مباشراً بين مجلس الشعب ومكتب ومنزل رئيس الجمهورية وكان الرئيس يستطيع ان يتابع كل ما يجري في مجلس الشعب سواء كان في بيته أو في مكتبه كان الاراجوزات يعرفون ذلك جيداً لذلك كان حديثه المتقطع كله كأنما هو موجه للزعيم الملهم في خطاب بعظمته وعصمته وبعد نظره بل ان بعض الاراجوزات الذين شهدتهم البرلمانات وكان ابرزهم رئيس أحد البرلمانات كان يقوم بين آونة وأخري بإلقاء قصيدة عصماء من نظمه هو في حكمة الزعيم وعظمته.. هؤلاء الاراجوزات كانوا معروفين للنظام وكان يتم استغلالهم في كثير من الأحيان للتشويش علي بعض النواب الجادين وقد شهدت البرلمانات عدداً منهم وذلك عندما كان يقوم أحد هؤلاء المحترمين بتقديم استجواب للحكومة حول خطأ ما فإذا وجد الاراجوزات ان الوزير أو الحكومة تتعرض لضغط شديد أو احراج كانوا ينطلقون في الصراخ والاحتجاج وتحويل القاعة إلي ما يشبه السيرك حتي ينتهي الاستجواب إلي لا شيء أو حتي يتم تحويله إلي اللجنة المختصة ليتم دفنه في الادراج.. مهمة ثالثة كان يقوم بها الاراجوزات عندما كانت مناقشة أحد الموضوعات تتجه اتجاهاً مغايراً لما يريده النظام أو تتجه لمهاجمة أحد الرموز المقدسة كان رئيس المجلس يرسل ورقة صغيرة لأحد هؤلاء وبعد دقائق يصل لرئيس المجلس كشف موقع من 02 عضوا يطلبون اغلاق باب المناقشة ويصرخ رئيس المجلس هل توافقون وقبل أن ترتفع الايدي يقول في سرعة الكلمة الشهيرة »موافقة« هؤلاء الاراجوزات كانوا يؤدون ولا شك دوراً يريده النظام وكانوا يؤدونه ببراعة منقطعة النظير وقد عشنا حتي رأينا ان عددا كبيراً منهم قد قبضوا الثمن وتبوأوا في الدولة مراكز مهمة تدر عليهم الملايين.. بعد المتابعة لجلسات مجلس ثورة 52 يناير وهو أول مجلس نيابي تشهده مصر وقد جاء بعد انتخابات شديدة النزاهة شديدة الحيدة اقول بعد المتابعة للجلسات الثلاث شاهدت أن هناك صورة لبعض الاراجوزات تتكرر لدي بعض الاعضاء صحيح أن عددهم ليس كبيراً وأهدافهم مختلفة وصحيح ان الخط المباشر بين المجلس والرئاسة تم فصله وصحيح أن كثيراً من الأمور قد تغيرت الا أنني أخشي ان تتكرر ظاهرة الاراجوزات القدامي عشاق الكاميرا ذلك لان امثال هؤلاء يمكن ان يلوثوا الصورة الجميلة التي بدأنا نطالعها علي أرض مصر. ولله الامر