احصاء الأصوات في مقر المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فى بغداد وسط مخاوف من تدخلات أجنبية واقليمية لتغيير نتائج الانتخابات العراقية.. يأتي التأخير غير المبرر لاعلان نتائج الانتخابات ليعطي بعض المصداقية للاتهامات والشكوك التي أطلقتها عدد من الكتل والكيانات السياسية والتي وصلت إلي اتهام ائتلاف المالكي رئيس الوزراء بالتزوير والتلاعب في نتيجة الانتخابات. ومع الاقرار بنظام الانتخابات العراقية الذي لا يمكن كتلة سياسية واحدة من الحصول علي الأغلبية التي تمكنها من تشكيل الحكومة بمفردها.. مما يجعل الائتلاف بين أكثر من كيان سياسي ضرورة لتشكيل حكومة قادمة.. فإن نتيجة الانتخابات تمثل أهمية كبيرة ليس للناخب العراقي فقط.. ولكن أيضا لدول الجوار العراقي لأنها سترسم خريطة التوازنات الاقليمية في الفترة القادمة. فدول الجوار العربية لا ترغب في حكومة تدين بولائها لايران.. في الوقت نفسه لا ترغب ايران في حكومة عراقية لا تدين بالولاء لها أو تناصبها العداء.. في الوقت نفسه أعلنت الولاياتالمتحدة انها لا تريد في بغداد حكومة تميل إلي ايران وهي رغبة اتضحت بشكل واضح في تهديدات السفير الأمريكي في بغداد والجنرال أوديرنو قائد القوات الأمريكية بالعراق عندما قال: »ان قواتنا مازالت متواجدة في العراق وعلي الحكومة القادمة ان تختار بين ايران والمجتمع الدولي«.. ولهذا فإن الحديث يتركز حاليا في بغداد علي الخريطة السياسية المتوقعة والتحالفات السياسية التي يمكن ان تظهر خلال الفترة القادمة بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات. فاشتراك السنة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة يكاد يكون المتغير الجديد الذي سيحدث تغييرا في طبيعة التحالفات السياسية التي ستتشكل بعد اعلان نتائج الانتخابات، ورغم ان بعض التوقعات تقول ان قائمة ائتلاف القانون بزعامة المالكي رئيس الوزراء يمكن ان تفوز بالمركز الأول في عدد الأصوات.. الا ان هناك شكوكاً في امكانية نجاحها في تشكيل ائتلاف حكومة حتي مع حلفائها القدامي في الحكومة السابقة بعد ان أعلن اتباع مقتدي الصدر أحد أضلاع الائتلاف الوطني العراقي برئاسة عمار الحكيم انهم لن يقبلوا بتولي المالكي رئاسة الحكومة مرة أخري بعد ان اتهموه بالتخلي عنهم بعد توليه رئاسة الحكومة عام 2006 . في الوقت نفسه الذي أعلن التحالف الكردستاني والذي من المتوقع ان يلعب دورا في تشكيل الحكومة القادمة انه لا يشعر بالارتياح من عودة المالكي إلي رئاسة الحكومة مرة أخري وانهم لو قبلوا بعودته رئيسا للوزراء فلابد ان يقدم تنازلات يطلبها الأكراد مثل ضم مدينة كركوك إلي اقليم كردستان. في الوقت نفسه فقد لا يقبل ائتلاف العراقية بزعامة علاوي الدخول في ائتلاف حكومي مع المالكي بعد ان اتسعت الفجوة بين المالكي وعلاوي قبل الانتخابات، بعد ان انتقد علاوي الحظر الذي فرضته حكومة المالكي علي شخصيات بارزة من العرب السنة علي قائمته بتهمة ان لهم صلات بحزب البعث المحظور.. في الوقت نفسه الذي طرح علاوي نفسه في الانتخابات كصاحب مشروع سياسي يتخطي الطائفية ويطالب بوحدة العراق واستقلاله. في الوقت نفسه تتمثل صعوبات كبيرة في ان يتكون ائتلاف يضم كلا من التحالف الكردستاني والقائمة العراقية بزعامة علاوي.. خاصة أن القائمة العراقية ترفض مسعي الأكراد لضم مدينة كركوك لاقليم كردستان. في الوقت نفسه فقد ظهرت بوادر صراع جديد بين السنة والأكراد علي منصب رئيس العراق.. قبل معرفة ما يمكن ان تتمخض عنه نتائج الانتخابات.. بعد ان أعلن طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي (سني) عن طموحه لأن يتولي هذا المنصب وأهمية أن يتولي هذا المنصب شخصية عربية 100٪.. إلا ان الأكراد رفضوا هذه التصريحات بشدة. المراقبون اعتبروا هذا الخلاف بمثابة جس نبض تمهيدا للمرحلة الثانية التي تتميز بإقامة التحالفات بين الكتل الفائزة. ولهذا السبب فهناك اجماع تام ان المرحلة القادمة هي الأهم والتي من خلالها ستدخل كل الكتل في مفاوضات ونقاشات عسيرة تتطلب تنازلات ومحاولات ترضية والاتفاق علي عدد الحقائب الوزارية التي ستمنح مقابل الاتفاق. وتمثل هذه المفاوضات اختباراً حقيقياً للرغبة التي أعلنها قادة الائتلافات السياسية للخروج علي نهج المحاصصة الطائفية التي سارت عليها البلاد في اختيار الشخصيات التي شغلت المناصب العليا وخاصة ما يطلق عليه بالرئاسيات الثلاث للجمهورية والحكومة ومجلس النواب.. فطبقا للدستور فلا يوجد هناك مجلساً ثلاثياً للرئاسة وإنما رئيس للجمهورية بدون نواب ورئيس للحكومة له نائب واحد فقط.. وبعد ان تم زيادة عدد مقاعد البرلمان إلي 523 مقعدا فإن اختيار المناصب الثلاث يتطلب حصول كل منصب ثلثي أصوات النواب.. وهي مرحلة أخيرة بعد التوافق بين الكتل السياسية علي تشكيل ائتلاف حكومي وهي عملية طويلة قد تستغرق أسابيع أو تمتد إلي شهور وتثير مخاوف العراقيين خاصة ان العنف الطائفي في العراق كان قد تفجر في أعقاب انتخابات عام 2005 .. في الوقت الذي استغرق فيه السياسيون شهورا للاتفاق علي حكومة..!!