فشل حسني مبارك في توريث الحكم لابنه جمال.. لكنه نجح - وبجدارة- في توريث الفوضي والتخريب لأتباعه وأنصاره الذين تركناهم يتبجحون علي الملأ ويقولون بأعلي الصوت: »آسفين ياريس«.. وإذا استمر الوضع علي ما هو عليه الآن فإنني أخشي أن يأتي اليوم الذي يتم فيه إجبارنا جميعا علي أن نقول: »آسفين علي خلعك.. لم نكن في وعينا وقتها.. العفو والمغفرة يا مولانا«! قالها المخلوع قبيل تنحيه: »أنا.. أو الفوضي« وصدقت مقولته.. تحول تهديده من القول إلي الفعل.. وأي فعل؟!.. الفعل الفادح الفاضح في كل أنحاء مصر التي عانت طوال 03 سنة من الاستبداد والديكتاتورية.. وما كان لأنصاره أن يفعلوا ذلك لولا وجود المناخ المناسب لهم.. فقد جاءت البداية مع موقعة الجمل.. ثم وجودهم التخريبي بعد ذلك في أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، وغيرها.. وعندما طالبنا بدحرهم وعزلهم سياسيا ومحاكمتهم جنائيا كفلول يمثلون الثورة المضادة، فوجئنا بمن يقول - وهو يمضغ اللبان- »حرية الرأي والتعبير.. لا توجد أدلة قاطعة علي إدانتهم« وللأسف تركناهم وكأننا ننتظر الخير من الفاسدين الذين شاركوا مخلوعهم نهب الوطن وحرمان المواطنين من خيرات بلدهم! لقد وصلت خطة نشر الفوضي والتخريب إلي مرحلة الفجور.. سطو علي بنوك.. تفجير لخط الغاز بالعريش عشر مرات وهو الخط الذي لم يقترب منه حتي حيوان ضال قبل الثورة.. ثم تفجير محطة المفاعل النووي بالضبعة.. وهذا الحادث الأخير يعلم الكثيرون أن أحد رجال الأعمال وراء عملية تخريبه لأنه أيام مبارك كان يريد الاستحواذ علي الأرض التي تشغلها المحطة.. ولأن الجهات المسئولة لم تحرك ساكنا - بل كافأت الجناة بتعويضات مالية فقد قاموا مؤخرا ببيع منشآت وأجهزة المحطة لتجار الخردة! والمتابع لتحركات وتحرشات الأبالسة يجد انهم يحاربون الشعب بمال الشعب الذي سرقوه ونهبوه طوال عهد مخلوعهم.. يجد أنهم يحرصون علي تنفيذ أعمالهم الإجرامية قبيل الإقدام علي أي اجراء ديمقراطي.. حدث ذلك قبيل انتخابات مجلس الشعب.. ومجلس الشوري.. ثم المجزرة الأخيرة باستاد بورسعيد قبيل تأسيس لجنة الدستور والإعداد لانتخابات الرئاسة! .. ورغم تتابع الخطر الناجم عن هذه الأحداث فإن الجهات المسئولة حريصة علي الرد علي اتهامات الثوار والقوي السياسية لها، وتترك الشارع للفلول! »حدوتة قبل النوم« لم تعد تنطلي علي الشعب.. لأن تفاصيل هذه الحدوتة سمعها ملايين المرات في ظل نظام المخلوع.. فليس مقبولا الاكتفاء بالقبض علي الجناة في حوادث التخريب رغم أنهم مجرد أدوات للطرف الثالث الذي مازال حرا طليقا.. وليس معقولا أن تقوم الجهات السيادية بتدمير أدلة إدانة مبارك وأعوانه ونتركها دون تطهير لتبدو محاكمة رأس النظام ورموزه هزلية لتزيد من احتقان الشارع وتشجع شياطين المخلوع علي تنفيذ المزيد من الجرائم.. المقبول هو الإسراع بادخال الطرف الثالث قفص الاتهام خاصة أنه معلوم لدي السلطات.. والمعقول أن نحسم مهزلة المحاكمة بتشكيل محكمة ثورية تقتص للشهداء والمصابين وللشعب . الدولة لم تسقط بعد.. لكنها حاليا آيلة للسقوط.. وإذا سقطت - لا قدر الله- وأجهضت الثورة، فسوف يحدث مالا نحمد عقباه.. سوف يعود نظام مبارك.. ووقتها لا تستبعدوا تعليق المشانق حتي لكل من تجرأ ونطق بكلمة »ثورة«.. فهل نتعاطي حبوب الوطنية ونطهر الداخلية من الفلول ونعطي الأمن الامكانيات والصلاحيات الكفيلة بحفاظه علي سلامة مصر قبل أن تضيع؟!