رحلة

مسلسل كوارث السياحة مستمر.. والرحمة من عند الله

لا يملك انسان شريف ينتمي لتراب هذا البلد في مواجهة الممارسات غير المسئولة التي يقوم قطاع من المواطنين للاضرار بوطنهم وبالحياة المعيشية لقطاعات اخري من ابنائه سوي ان يردد بكل الحزن والاسي »لا حول ولا قوة إلا بالله« إنه العلي القدير علي انتشالنا مما نحن فيه من بلاء ومعاناة. هذه الاستغاثة للمولي عز وجل لابد وان تتعالي في مواجهة ما يحدث كل يوم من مآسي وآخرها ما قام به العمال المؤقتون في »هويس« اسنا بإغلاق الهويس لتعطيل حركة الملاحة النيلية وبشكل اساسي رحلات الفنادق السياحية القائمة العاملة في جنوب الوادي. انهم وبهذا السلوك الذي يفتقد الوعي الوطني والحرص علي الصالح العام يستهدفون الضغط علي الدولة من اجل تثبيتهم في الوظائف التي يقومون بها. لقد قاموا بهذا العمل غير مدركين لخطورة وتداعيات ما اقدموا عليه ودون اي اعتبار للاضرار الجسيمة التي يلحقونها باقتصاديات الوطن وبصورته ومكانته الخارجية.
ما ذنب ضيوفنا السياح الموجودين علي عشرات من الفنادق العائمة التي تم احتجازها خلف هويس اسنا كي يتعرضوا لهذه »البهدلة« الجسدية والنفسية. هل جزاؤهم انهم احبوا مصر وجاءوا إليها للاستمتاع بما حباها الله من ثروات طبيعية وتاريخية وتراثية ودفعوا لها في سبيل تحقيق هذا الحلم الملايين من الدولارات التي نحتاجها لتوفير الاحتياجات المعيشية للملايين من ابناء مصر. نعم قد يكون لهؤلاء العمال فاقدي الضمير والعقل حقوق ومطالب.. ولكن المؤكد ان ما قاموا به لا يأتي من ورائه سوي الدمار والخراب لكل ما تبقي من اجل دفع جهود اصلاح اوضاعنا الاقتصادية المتردية.. ألا يمكنهم ان يفهموا ان إنجاح هذه الجهود يعني اتاحة الفرصة لتلبية مطالبهم وان تعطيلها يجعل هذه الفرصة معدومة تماما بما لا يمكنهم حتي من الحصول علي اجورهم من اعمالهم المؤقتة.
ان ما اقدمت عليه هذه الفئة الضالة يدخل ضمن مسلسل التسيب السائد حاليا والذي يتحمل مسئوليته.. هؤلاء الذين سمحوا بتكرار حلقاته وامتنعوا عن المواجهة والتصدي له دون اي مراعاة للصالح الوطني.. وكما يقولون في المثل العامي: »سكتنا له دخل بحماره«.. ولا يخفي ان الشعب المضار نفسه مسئول ايضا عما يحدث باستسلامه للسلبية وافتقاده للوعي. ان هذه الكارثة السياحية المتمثلة في اغلاق »هويس اسنا« امام حركة السياحة القليلة الوافدة الينا.. تدهمنا وللأسف بعد ساعات قليلة من حادث السطو المسلح علي مكتب الصرافة في شرم الشيخ والذي راح ضحيته سائح فرنسي وإصابة آخرين احدهما روسي وألماني. لقد شاءت الظروف السيئة ان يكون السياح الثلاث من جنسيات تحتل المراتب الاوائل بين جنسيات العالم الذين يأتون إلينا.. ان ما يحدث هو ضربة قاصمة لما تقوم به وزارة السياحة وقطاع الاعمال السياحي ليس.. من أجل زيادة حجم الحركة السياحية الوافدة.. وانما لانقاذ ما يمكن انقاذه بعد الانحسار الذي بلغ خمسة ملايين سائح في احصائية عام 1102 مقارنة بعام 0102.
الشيء المتوقع نتيجة لهذه الاحداث المأساوية ان يلجأ منظمو الرحلات إلي شطب الاقصر واسوان من برامجهم. كما هو معرف تعد حركة السياحة النيلية ركيزة اساسية للنشاط السياحي في المقصدين.
ان ما جري ويجري كان دافعا لمجلس ادارة اتحاد الغرف السياحية برئاسة إلهامي الزيات للتحذير من الآثار السلبية لما يترتب علي عملية احتجاز ما يقرب من 001 باخرة سياحية خلف »هويس اسنا« تحمل ما يقرب من 6 آلاف سائح!! اشار إلي ان ذلك ادي لتعطيل استكمال برامج هؤلاء السياح لمشاهدة المواقع الاثرية بالاضافة إلي اضطراب مواعيد سفرهم. اوضح انه نتيجة لذلك تتعاظم حجم الاساءة إلي صورة مصر السياحية. مطالبا العمال المعتصمون بأن يكونوا علي قدر المسئولية الوطنية. اعلن ان هذه السلوكيات تؤثر علي صمود المنشآت السياحية فيما يتعلق بالحفاظ علي العمالة علي ضوء الصعوبات والمشاكل الكثيرة التي اصبحت السياحة تتعرض لها . ناشد الاتحاد المسئولين سرعة التدخل لحل مشكلة البواخر السياحية في نيل مصر والتي هي حلقة من حلقات تدمير صناعة الامل الواعدة.
كم ..اكره ان يصبح ما تتعرض له السياحة ضمن ما تتعرض له مصر بمثابة (مندبة) تزيد من الآلام والمعاناة وهو الامر الذي يجعلني اطلب من المولي عز وجل ان يكون رحيما بمصر واهل مصر.. آمين يارب العالمين.