عشنا أحداث التحرير وتوابع ذلك التسونامي والتي ارتفعت موجاته لتصطدم بجميع الشواطئ المحيطة داخل مصر وخارجها ووقفنا نتابع النتائج بايجابياتها وسلبياتها علي مدي العام ، ورأينا تزاحم التيارات المختلفة كل يسعي لوضع أجندته علي قمة الأحداث وإدعاء البعض -وله بعض الحق في سرقة الثورة من الثوار -وكيف أن كل فريق أعمل أدواته ووسائله لتحقيق أغراضه سواء كانت تلك الأدوات مشروعة أو غير مشروعة دون النظر الي مدي ديمقراطيتها من عدمه. ثم جاءت معركة الانتخابات ودخلنا في حمي المنافسة علي المقاعد فسعي كل فريق لهدف اعتبره الأسمي ألا وهو الحصول علي الأغلبية المطلقة وإن لم يتأت ذلك فلتكن أغلبية عددية وحسمت الانتخابات بإعلان النتائج ولا مصلحة لأحد في التشكيك في نتائجها إذ أن ممارسة الديمقراطية تعتبر خطوة للأمام حتي وإن قلت نسبتها عن 100٪ باعتبار أن الصندوق هو الفيصل. انتهي هذا الفصل ودخلنا في فصل جديد ألا وهو التحالفات والائتلافات بين الأطراف المختلفة بغية الوصول إلي ما لم يدرك في الانتخابات من أغلبية برلمانية تحت تأثير فرضية النظرية بأن الاختلاف في الآراء المطروحة سيحسمه التصويت داخل البرلمان,كما لو كان هذا الحسم الافتراضي سيكمم الأفواه ويسير الأحداث طبقاً لهوي الفريق ذي الأكثرية العددية في ضوء الائتلاف المنشود. يعن لي أن اختلف مع هذه الفرضية إذ أن أي ائتلاف في ظل حرية الرأي المتاحة لجميع أطياف الشعب ستجعل به طرفاً أصيلاً متابعاً لكل مشروعات القوانين وطلبات الإحاطة وطلبات الاستفسار والاستجواب التي سيطرحها الأعضاء دون ثمة فرصة لتكميم الأفواه واستبعاد الآراء المخالفة للأغلبية البرلمانية حتي وإن صدرت عن أعضاء برلمانيين بصفتهم الفردية، وسيظل التحرير صوتاً للأغلبية وصدي لما يدور في مجلس الشعب تصويباً وترشيداً له يحميه من الشطط ويعصمه من ديكتاتورية الرأي الواحد للأغلبية. وعلي البرلمان القادم ألا يسقط من حساباته الملف الاقتصادي وما يستهدفه هذا الملف من ضرورة إحداث انطلاقة للقطاع الصناعي والانتاجي وتنشيط موارد الدولة من العملة الصعبة سواء علي الجانب التصديري الذي قوامه بناء القدرة التنافسية أو الموارد السيادية الأخري من سياحة وعائدات جمركية وضريبية والاستفادة من تطوير القطاعات الإنتاجية في ظل بنية أساسية كلفت الشعب المصري مئات المليارات لسنوات طويلة بما يعني أن عدم الاستفادة منها في إحداث إطلاقه لجميع الطاقات الإنتاجية يمثل إهداراً كبيراً ينتقص من قدرة الدولة علي إدارة إمكانياتها المتاحة بالصورة المثلي. كما أن علينا أن نحدد عناصر احتياجاتنا من الدعم الخارجي ونوعيته لتوظيفها في مجالاتها الصحيحة دون ثمة اختلاف علي تلك الأولويات مرتبة حسب أهميتها النسبية حتي لا نقف موضع المختلفين مع بعضنا البعض أمام الجهات المانحة. فمصر كما عودتنا هي أمة راشدة لم تعدم يوماً الرؤية والبصيرة والحكمة والوعي وأن شعبها علي اختلاف طبقاته من الثقافة والعلم فإن من لا يعرف القراءة والكتابة من أبنائها لديه موروث كافي من الخبرة الحياتية يقربه من الصواب وينفره من الخطأ. ولي كمواطن مستنير أسبابي في أن أستلهم أن البرلمان المقبل سيأتي ومعه الرشد والرشاد في استقراء المسار الصحيح الذي تلتف حوله جميع القوي الوطنية في توافق مصري يعلي من شأن الوطن فوق أية مصلحة من دون ذلك.. ومن هذا المنطلق فإن التجربة مفيدة بكل جوانبها وعلينا جميعاً كأبناء مخلصين لهذا الوطن - أن نستشرف من خلالها مستقبلاً مشرقاً لهذا الوطن الذي لن يضام وفيه أبناء مخلصون.