بينما كنت أجلس أمام الانترنت استعرض محطات ثورة 25 يناير لاعداد ملف عن يوميات الثورة .. ظهر علي الشاشة مشهد للرئيس السابق مبارك.. فوجئت بابني محمد التلميذ بالصف الخامس الابتدائي ينتفض غاضبا ويقول: بابا ابعد الراجل ده من هنا انا مش عاوز اشوفه.. قلت: ليه يا محمد؟ اجاب لانه هو ورجاله قتلوا الثوار.. قلت: لكن لم يصدر الحكم بعد؟ قال شفنا دم الشهدا في التلفزيون أمال مين قتل الشباب؟ ولم استطع الرد قال: بابا أنا عاوز أنزل ميدان التحرير يوم الاربع مع اصحابي.. قلت: لكني اخاف عليكم وانتم صغار من الزحام..وبعدين يا سيدي انت رحت التحرير كتير واحتفلت مع اخوتك في الميدان يوم التنحي والتقطنا لكم صورا مع الدبابات وانتم تحملون اعلام مصر وتهتفون مع كل المصريين "ارفع راسك فوق انت مصري".. قال لكن المفروض اننا نقف مع الثوار في اليوم ده.. قلت ممكن تساندهم انت واصحابك لما تكبرو شويه.. تركني وهو غير مقتنع بما قلت و قال لأمه بابا خائف عليَّ من حدوث معارك! وضعت رأسي بين يدي وقلت سبحان الله الفارق كبير جدا بين جيلنا والاجيال الجديدة التي تبشر بكل خير.. أجيالنا تربت علي الخوف والقمع.. عندما كنا اطفالا كانوا يخيفونا من العفريت أبو رجل مسلوخة اذا عَّبرنا عن رأينا ولو بالبكاء ..وفي الابتدائي كانوا يهددوننا بالعسكري اذا لم نسمع الكلام وفي الاعدادي والثانوي كانت عصا المدرس وفلكة الناظر لمن يخالف التعليمات، وفي الجامعة كانت قوائم الممنوعات ماثلة أمامنا، وعيون الحرس الجامعي وأمن الدولة ترصد كل من يفكر في السياسة. اما الاجيال الجديدة فقد تربت علي الحرية والديمقراطية وعدم الخوف والجبن والتعبير عن الراي فكون كل منهم شخصية مستقلة.. يتناقشون في أدب حتي يقتنعوا او يقنعوك برأيهم.. كل منهم يشعر بذاته ويعتز برأيه ويصقل مواهبه عن طريق البيت والمدرسة وعالم الانترنت ودنيا السموات المفتوحة..