كل القرائن والشواهد تؤكد ان الدعوة لانعقاد مجلس الشعب الجديد للانعقاد اليوم إنما تستهدف تهدئة النفوس واستعادة الثقة قبل يوم 52 يناير الذي يوافق الذكري الأولي لقيام ثورة الشباب التي تحولت إلي ثورة شعبية. ليس غائبا ان الهدف هو شيوع الادراك بأن هناك خطوات جدية علي طريق الديمقراطية رغم كل ما شاب المسيرة من اشواك ومعوقات وتجاوزات. الجميع.. المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. والقوي السياسية التي خاضت الانتخابات.. خاصة التي استحوذت علي الغالبية بالإضافة إلي غالبية الشعب تتطلع إلي ان يمر يوم 52 يناير علي خير وأعتقد أنه سوف يمر علي خير بما يتيح الفرصة لاستكمال العملية الديمقراطية. هذه التمنيات تأتي ضد مخططات القادمين والمتآمرين علي مصر بوجه عام. بالطبع فإن من مصلحة الوطن يوم 52 يناير.. الابتعاد عن المهاترات وعمليات الشحن والتهديد التي ليس هناك هدف سوي هز الاستقرار وزيادة المعاناة والعودة إلي الخلف بدلا من الانطلاق إلي الأمام. يجب وفي هذه المناسبة الفريدة ان يكون الهدف المرفوع في كل مكان هو بناء مصر علي نظافة وشفافية. علينا في هذا اليوم ان نؤمن بسيادة القانون وحقوق المواطنة وأن الشعب وحده هو السيد وأن مصر ودوما ستبقي فوق الجميع. في هذا الإطار فإننا مطالبون ان نعمل علي إعلاء سطوة العدالة واعطائها الفرصة لاستيفاء الحقوق وفقا لشريعة المولي التي تقضي بالعدل والقسطاس وليس بالاحقاد والفوضوية. لقد وُضعت القوانين ليكون الجميع أمامها سواسية وأن غير ذلك يعني ان تتحول مصر بحضارتها وتراثها وتاريخها إلي ساحة تسود فيها شريعة الغاب. في أول اجتماع لبرلمان الثورة ارجو ان تغلب الحكمة والانحياز للصالح الوطني علي فعالياته بما يعطي مؤشرا بأننا نسير علي طريق إثراء التجربة الديمقراطية وليس العمل علي انتكاستها. يجب ان يكون ما يدور في هذا الاجتماع تعبيرا حقيقيا عن توافق وطني حقيقي متجرد من أي أهداف أخري. في هذا المجال علي الجميع أن يدرك ان مهمة الاقلاع بسفينة الوطن ثقيلة وتحتاج إلي جهود وهمة كل الشرفاء المخلصين. هذا يتطلب نبذ نزعة البحث عن مغانم أو اللجوء إلي التظاهرات التي لا هدف من ورائها سوي إثبات الوجود. أن الشعب لديه آمال كبيرة في عبور المحنة التي استمرت طويلا بعد ثورة 52 يناير نتيجة الأخطاء والصفقات. هذا الأمل لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التقدير الصحيح للأوضاع الصعبة التي نمر بها. علي الجميع ان يعلم انه لا مجال لاستعراض القوي وتغييب الفكر المتوازن بما يؤدي الي انقلاب الدنيا رأسا علي عقب بتأثير حساسية حالة الترقب التي تسيطر علي الشارع المصري!. كم أرجو ان يكون أعضاء مجلس الشعب الجديد علي مستوي المسئولية بمراعاة الله والضمير والوطن في كل خطواتهم وتجنب الاقدام علي أي استفزازات. في هذا الإطار فإن علي الأحزاب التي استحوذت علي الأغلبية أن تتخلي عن غلوائها والتجاوز في نشوة واضعين مصلحة الوطن فوق كل اعتبارا.. في نفس الوقت يجب علي الذين لم يحققوا ما كانوا يتطلعون إليه مخاصمة أحقادهم وعنادهم مراعاة لهذا الصالح الوطني. إن المحك لإثبات الإخلاص الوطني وإبداء الرغبة في العمل للنهوض بهذا الوطن.. مرهون أولا وأخيرا بالتوافق باتجاه الخطوات اللازمة لتجميع القوي الوطنية. ان الهدف لابد ان يتركز علي أسس سليمة بعيدا عن أي أطروحات تؤجج الصراعات واشعال الفتن بما يُشغلنا عن تعويض ما فاتنا. وإن غداً لناظره قريب.