يبدو أنني مسست عصباً مكشوفاً عند الرئيس السابق ومحاميه، فكلف مبارك، الديب بتقديم بلاغ ضدي إلي النائب العام بتهمة تجريح وإهانة »المواطن المريض محمد حسني السيد مبارك«! منذ 71 يوما، بالتحديد يوم 2 يناير الحالي، كتبت في هذا المكان ساخراً من أن الرئيس الذي خلعته ثورة 52 يناير يستطيع أن يتقدم للترشح إلي أول انتخابات لرئاسة الجمهورية بعد الثورة. قلت إن القانون يعطيه هذا الحق، فهو لا يزال متهما، والمتهم كما هو معلوم بريء حتي تثبت إدانته! وقلت إن مبارك متمتع بحقوقه السياسية، لأن قانون العزل السياسي لم يطبق عليه رغم الثورة الشعبية التي قامت علي نظامه، وعزلته من الحكم. أشرت أيضا في مقالي إلي انه ما لم يصدر حكم قضائي بإدانة مبارك قبل موعد فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة، أو يصدر حكم أسرع بحرمانه وأعوانه سياسيا، فقد نجده علي قائمة المرشحين للرئاسة في أول انتخابات تأتي في أعقاب الإطاحة به من السلطة. أمس الأول.. ركز فريد الديب محامي الرئيس السابق في مرافعته علي شن هجوم عنيف ضد جريدة »الأخبار« والأسباب قديمة ونعرفها وليس هذا أوانها بدعوي أنها تنتقد مبارك وتنحاز للثوار، وهي تهمة لا ننكرها وشرف ندعيه ونتمسك به. ويوم أمس.. تحول الديب بهجومه إلي شخصي الضعيف، وأعلن أنه تقدم باسم الرئيس السابق ببلاغ إلي النائب العام، مدعياً أن ما كتبته عن »مبارك.. المرشح المحتمل« ينطوي علي قذف وتجريح وإهانة وعلي تحريض للقضاء من أجل سرعة محاكمته. أما عن القذف والتجريح والإهانة فهي تهم يجب أن يحاكم عليها مبارك نفسه الذي ألحق بالشعب المصري كل ألوان التجريح وأحط أشكال الإهانة، بجانب التهم الأخري التي يحاكم عليها وهي الاشتراك في قتل الثوار والفساد المالي!.. وأما عن تحريض القضاء فهي تهمة تحمل في طياتها إقلالاً من جانب مبارك ومحاميه لشأن القضاء، ورغبة منهما في إطالة أمد القضية عما تستوجبه العدالة. لم أُفاجأ بالعصبية التي بدت علي مبارك، ولا بالانفعال الشديد الذي ظهر عليه الديب في مرافعته، ولم أستغرب بلاغهما للنائب العام. للحق فقد سعدت به، لأنني أدركت أن تهمتي الحقيقية هي أنني قطعت الطريق علي حلم يبدو أنه كان يراود مبارك، وهو الترشح لانتخابات الرئاسة، ظنا منه أن تلك الخطوة قد تقلب الموازين وتضرب كرسياً في »كلوب« الثورة، ويبدو أنني أيضا أحبطت واحدة من ألاعيب كان يتحين الدفاع لها الوقت لصرف الأنظار عن الاتهامات التي تلاحق الرئيس السابق وأعوانه. علي أية حال.. أعتبر بلاغ الديب وموكله هدية صادفت مناسبة شخصية أعتز بها، وواكبت عيداً قوميا يقترب هو العيد الأول لثورة يناير التي كان مبارك حسبما فهمنا من مرافعات الديب ملهما ومفجراً وقائداً لها!