التسجيل المصور الذي كشفت عنه وسائل الإعلام منذ أيام، وأظهر تبول أربعة من الجنود الأمريكيين علي جثث الشهداء الأفغان، أكد أن هذا السلوك العدواني الهمجي للمواطن الأمريكي أصبح مألوفا وعاديا، ومنسجما مع ثقافة طبيعية يتلقاها في مجتمعه منذ الصغر ضد الآخرين، هذه الثقافة تكشف جانبا مهما من الانحطاط الخلقي لا يمكن تجاهله. لقد وصف فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب هذا السلوك بأنه "انتهاك صارخ لحرمة الشهداء الأفغان، وعمل بشع يخالف كل مبادئ التحضر الإنساني والقوانين الدولية، ويدل علي إفلاس وخواء الحضارة التي ينتمي إليها هؤلاء الجنود، المجردون من كل معني إنساني وأخلاقي"، وأضيف أن هذا السلوك الإجرامي ليس حالة استثنائية، يمكن التخفيف من تداعياتها، ولكنها مع الأسف حالة عامة يمارسها الأمريكان مع غيرهم ما استطاعوا إلي ذلك سيبلا. نتذكر معا ما قام به زملاؤهم من الجنود والضباط الأمريكان في سجن "أبو غريب" العراقي في عام 2004 من تصرفات همجية بشعة، أظهرتها صور عديدة تم التقاطها بعلم هؤلاء الفاشيين، قاموا فيها بإهانة وإذلال وامتهان آدمية الآلاف من المعتقلين العراقيين في أول أعوام الاحتلال، كشفت هذه الصور ليس فقط عن جانب من الوجه العنصري الهمجي لهؤلاء الجنود، وما يتصفون به من سادية وعدوانية، ولكن أيضا عن مدي الانحطاط الإنساني الذي آلت إليه ثقافة الأمريكان. كما نتذكر معا ما حدث ولا يزال في سجن جوانتناموا الرهيب، الذي تديره الولاياتالمتحدة في كوبا، منذ الاحتلال الأمريكي لأفغانستان أوائل عام 2002 وحتي الآن، وكيف مارس هؤلاء الساديون طوال هذه السنوات العشر، أحقر الأساليب في التعذيب والإهانة والعدوان علي كرامة وآدمية المعتقلين السياسيين العزل، الذين لم تثبت عليهم أية اتهامات، في تحد صارخ ومفضوح لكل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، ولا يزال هذا السجن وسيظل وصمة عار للأمريكان. كما لا ننسي أن الأمريكان فتحوا سجونا خاصة في العديد من الدول، ومنها دول عربية وإسلامية، كي تمارس بحق من اعتقلوهم، ومعظمهم من المسلمين والعرب، أسوأ صور التعذيب اللا إنساني، كما وقفوا إلي جانب الأنظمة الدكتاتورية في العالم العربي والإسلامي ضد حرية الشعوب وكرامتها، ومؤخرا شاركوا في إحداث حالة من الفوضي والاضطراب بهدف إجهاض الثورة المصرية، عن طريق تقديم الأموال والدعم السياسي والإعلامي لأعوانهم وأتباعهم من المرتزقة!. ويقيني أن ما كشفت عنه بعض التسريبات الإعلامية المصورة، ليس سوي قطرة من بحر، وغيض من فيض، من هذا السلوك العدواني المتوحش الذي تغص به الثقافة الأمريكية. وفي مواجهة هذه الثقافة العدوانية والهمجية نتقدم نحن العرب المسلمين بأدبيات ديننا الحنيف، وشريعة قرآننا العظيم، وسيرة نبينا العربي الأمي صلي الله عليه وسلم، ونفخر بتاريخنا وقادة أمتنا، لنصنع النموذج الحضاري والإنساني الراقي، الذي يحتاجه العالم الآن.