الإنسان تشغله اشياء كثيرة .. منها ما يشغله أكثر في مرحلة معينة من حياته، ثم يدع انشغاله ذاك إلي إنشغال بشيء آخر في مرحلة تالية.. هكذا الحياة بالنسبة للإنسان.. والانشغال هو التركيز علي شيء معين أكثر من سواه وقد يصل الامر أن يكون هو الانشغال الوحيد في لحظة معينة ولا شيء سواه. الطالب في المرحلة الثانوية يكون انشغاله الرئيسي بأن يحصل علي درجات تمكنه من دخول الكلية التي يرغب فيها أو التي يفضلها عن غيرها، ثم في مرحلة الدراسة الجامعية يكون همه الاكبر هو التخرج وبدرجة متقدمة تتيح له إما العمل في كادر التدريس الجامعي أو الحصول علي وظيفة متميزة.. ثم يتحول إهتمامه إلي تكوين نفسه ليتمكن من الزواج، واذا تزوج يتحول إهتمامه إلي الانجاب، ثم تنشئة الأبناء وتربيتهم والعناية بهم، ثم حين يكبرون ويكملون دراستهم ويلتحقون بوظائف أو يمارسوت المهنة التي اختاروها يفكر في تزويجهم.. الخ هذا المسلسل يتكرر ولايختلف الا في التفاصيل بين حالة واخري. ولكن غالبا ما يكون هناك إلي جانب الاهتمام الرئيسي في كل مرحلة من مراحل حياة الإنسان إهتمام آخر، ربما كان اهتماما جانبيا أو إهتماما لايقل في أهميته عن الاهتمام الرئيسي. والاهتمام الجانبي قد يتمثل في ممارسة هواية معينة.. هواية رياضية أو هواية موسيقية أو هواية ثقافية كالقراءة والإطلاع.. الخ. أو يكون إهتماما بشيء لايقل عن الاهتمام الرئيسي المتمثل في كسب الرزق والمعيشة.. مثل ان يعني الشخص بوالديه، ان كان أحدهما أو كلاهما علي قيد الحياة، ويجد في رعايتهما وتوفير اسباب الراحة لهما ما يعطي لحياته معني.. أو يكون له اخوة اصغر منه يحتاجون إلي مساعدته لكي يقفوا علي اقدامهم.. ولكن من الناس من يتعدي انشغالهم بالامور الحياتية الصرفة إلي الاهتمام بمصيرهم في الآخرة، بحيث ينشغلون بما تقدم وعينهم علي الاخرة.. ويحتسبون كل ما يفعلونه قربي لهم عند الله وتثبيتا من انفسهم.. فيرعون آباءهم وإخوتهم إبتغاء وجه الله وطمعا في مرضاته، حتي ممارسة هواياتهم ان كانت رياضية أو موسيقية أو ثقافية أو غيرها، فإنما يمارسونها للترويح عن النفس أو لاكتساب اللياقة البدنية أو لتوسيع مداركهم بالقراءة.. وكل ذلك في اطار الآية الكريمة »قل أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين« »الانعام 261«.. فكل شيء نفعله في دنيانا المؤقتة هذه ينبغي أن يصب في خانة إرضاء الله عز وجل، حتي نحقق عبوديتنا له، وهي ما يعطينا العزة لله ولرسوله وللمؤمنين »ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون« »المنافقون 8«.. ويوم القيامة نفرح بما قدمناه لأنفسنا إرضاء لخالقنا، وننقلب إلي أهلنا فرحين مسرورين حين نتسلم صحائفنا بأيماننا »فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هآؤم إقرأوا كتابيه. إني ظننت أني ملاق حسابيه. فهو في عيشة راضية. في جنة عالية. قطوفها دانية. كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الايام الخالية«. »الحاقة 91-42«.