لا شك أن الكثير منا يشكو من النسيان حتي أصبحت هذه الكلمة هي القاسم المشترك الأعظم في مجالسنا وحواراتنا, واشتهر مرض' ألزهايمر' حتي إن كلا منا يعتقد أنه مصاب به لمجرد أنه نسي أين وضع مفاتيحه, أونظارة القراءة الخاصة به, وهو محور قصة النجم الكبير والذكي الفنان عادل إمام في فيلمه الجديد الذي دائما ما يتناول قضايا تهم عامة الناس وتشغلهم, إلا أننا يجب أن نعلم أنه ليس كل النسيان' الزهايمر', وان ذاكرتنا مثل أي عضو من أعضاء جسمنا تخضع لقاعدةuseitorlostit أي إما أن تسخدمها أو تفقدها نتيجة لعدم استخدامها فعندما نري شخصا ما أو نتحدث إليه أو نقرأ موضوعا مكتوبا, فكل ما نفعله هو أن نتلقي المعلومات التي نحتفظ ببعضها في ذاكرتنا, ويطير البعض الآخر كأنه لم يمر علي الذاكرة إطلاقا, ويشمل هذا أيضا بعض الوجوه التي تكون متأكدا من أنك تعرفها وجلست معها من قبل وتحدثت إليها, ولكنك لا تتذكر أي شيء عنها, وكذلك الاسماء التي تضعك في موقف حرج في معظم الأحيان عندما تقابل شخصا تعرفه ويعرفك, إلا أن اسمه يطير من مخك, ولا تعثر عليه في الوقت الذي تريد استدعاءه فيه عند مقابلته. وإذا نظرنا إلي تعريف الذاكرة فيمكن تعريفها بأنها مهارة ومنظومة معالجة المعلومات مثل معالج الذاكرة في الكمبيوتر أو' البروسيسور' وتتكون من خلال ثلاث مراحل أساسية وهي:1- التركيز واكتساب المعلومة حيث يتم استقبال المعلومات علي طريق الحواس( السمع- البصر- التذوق- الشم- اللمس) ويتم الاحتفاظ بها( لمدة لاتزيد علي خمس ثوان) فيما يسمي الذاكرة العابرة, لذا فلا بد من نقلها إلي مستودع أو مخزن آخر للذاكرة. 2-يتم ترتيب المعلومات واختزانها في الملف أو المكان الصحيح في المخ, وذلك عن طريق الذاكرة قصيرة المدي التي تستقبل المعلومات من الحواس الناقلة لها في المرحلة السابقة حتي تحدث عملية ذهنية واعية, وفي هذه الذاكرة يتم معالجة المعلومات وفهرستها, فإما أن تحذف من الذاكرة القصيرة الأجل, أو أنها ترسل إلي الذاكرة طويلة المدي, وعندما لا يتم نقل المعلومات إلي الذاكرة طويلة الأجل خلال خمس عشرة ثانية فإن المعلومات تنسي وتتلاشي. 3-الاختزان في الذاكرة طويلة المدي وهي الذاكرة التي يتم تخزين المعلومات فيها علي المدي البعيد, لذا فلا بد من تنمية وتطوير هذه الذاكرة وتدريبها علي اختزان واسترجاع المعلومات بشكل سريع وقوي في الوقت المناسب, وهذا ما نحاول استعراضه اليوم. وبما أن الاستماع له اهمية قصوي في المراحل الأولي من التذكر, لذا فإن التركيز في الاستماع والإنصات المؤثر من العوامل المهمة في مدخلات الذاكرة, وهو يعتمد علي أربعة عوامل أساسية هي: 1-السماع: ويتم من خلال الجهاز السمعي الدي يمكن أن يتعطل بالإصابة في حادث أو بسبب تقدم السن أو المرض, لذا ينبغي أن نحرص علي سماع الكلمات كما قيلت تجنبا لسوء الفهم. 2- الانتباه: وهو عملية نفسية مهمة, واحتياجاتنا ورغباتنا هي التي تحدد ما يجب أن ننتبه إليه, فنحن لا نستطيع أن ننتبه إلي كل صوت نسمعه لكننا ننتقي بشكل واع بعض الرسائل ونركز عليها انتباهنا, ويعتمد مستوي الانتباه علي درجة العائد الذي سوف يعود علينا منه. 3-الفهم: ويعتمد علي نفاذ البصيرة لدي المستمع وذكائه, وينبغي في المقام الأول أن تفهم لغة المتحدث ولهجته وثقافته وحديثه عن اسمه ومهنته أوعمله, بعد ذلك ينبغي عليك أن تكون قادرا علي أن تستدل علي معني الرسالة التي يريد توصيلها من خلال كلامه. 4-الاستجابة والتفاعل: بمعني إبداء الرأي للمتحدث, وتشمل طرح الأسئلة وتبادل الآراء, ويمكن أن تحدث فقط بعد الاستماع بعناية, ولا يتم التحضير لها بعيدا عن تسلسل حوار المتحدث أو الفكرة الأساسية لموضوع الحوار, حتي لايشعر المتحدث أنه في واد والمستمع في واد آخر. ومن المهم أن يتعرف كل إنسان علي قدراته, وهل يملك ذاكرة بصرية أم سمعية؟ وينبغي أن نعلم أن الذكريات والخبرات الحياتية تختزن في عدة أماكن من المخ حسب نوعيتها وتصنيفها وفهرستها, فالذكريات السمعية والبصرية تختزن في الفص الصدغي من المخ بينما تختزن الملفات الخاصة باللغة والخطابة واستخدام الكلمات والتعبير عنها في الفص الجداري..إلخ وبناء علي هذا التصنيف فإن كل ما يصل إلينا من معلومات تختزن إما في ذاكرة عابرة لثوان قليلة وهي التي تمر بالإنسان دون أن يعير لأحداثها أي انتباه ولايقصد أن يحتفظ بها, أو ذاكرة مؤقتة وهي الذاكرة العامة التي تختزن المعلومات التي يحتاج الإنسان لتذكرها خلال الثواني أو الدقائق أو الساعات القادمة, مثل قيادة الدراجات والسيارات, والمعلومات المهمة حسب تصنيفها بالنسبة للانسان, وتختزن مثلما يختزن ملف علي ذاكرة الكمبيوتر تحت اسم أو كود كلمة مرور معينة, ويتم استدعاؤها عند الحاجة إليها. وهناك مبادئ عامة لتنمية وتدريب الذاكرة علي التذكر تتلخص في الآتي: 1- الاهتمام: حيث يساعدك الاهتمام علي تخزين المعلومات ما دمت مهتما بها. 2- الانتقاء: انتقاء المعلومات الأكثر أهمية والرئيسية يجعل الذاكرة حاضرة باستمرار, ولايشغلها بمعلومات أقل أهمية. 3- الانتباه: زيادة التركيز والانتباه وعدم التشتت يزيد من قوة الذاكرة. 4- الفهم: يعتبرالفهم والاستيعاب عاملا أساسيا في قوة الذاكرة فإذا لم تفهم شيئا فلن تتذكره. 5- عقد النية علي التذكر: الرغبة والنية علي التذكر تستحث الذاكرة. 6- الثقة في النقس والتغير الذهني الايجابي: يجب أن يكون لديك ثقة في قوة ذاكرتك وفي قدراتك علي تذكر الأشياء. 7- التأثير في الذات: التأثير الإيجابي علي الذات يزيد من قوة الذاكرة والعكس عندما يكون التأثير سلبيا. 8- الارتباط: ربط الأشياء مع بعضها وتكوين خرائط ذهنية, ومحاولة رؤيتها مصورة في خيالك يزيد من قوة الذاكرة. 9- خلفية التجربة: المعرفة الجيدة عن الأمور والاطلاع عليها يزيد من قوة الذاكرة. 10- التنظيم والتبويب: عندما يكون تخزين المعلومات منظما فإن ذلك سوف يزيد من فرصة تذكرها بشكل سريع ولا مانع علي الاطلاق من استخدام الكتاية المختصرة من أجل هذا العرض. 11- ممارسة أساليب حديثة لتعلم تنمية القدرة علي التذكر: فكلما زاد تمرين ذاكرتك زاد تطورها ونموها, لذا ينبغي تخصيص وقت لتدريب ذاكرتك يوميا علي الوسائل التي تساعدك علي التذكر مثل الكلمات المتقاطعة والسودوكو, وحل المسائل الحسابية البسيطة, ولتكن واثقا بأن العقل البشري يملك خصائص ومميزات هائلة, وقوة عظيمة علي التخزين والتذكر والربط والتحليل ولتعلم أننا نستخدم أقل من10% من قوانا العقلية فقط, فكيف لو استطعنا أن نستخدم20% من هذه الطاقة الهائلة غير المستعملة التي تملكها عقولنا؟ اما عن تذكر الأسماء, فهناك العديد من الناس الذين يواجهون صعوبة في تذكر أسماء الآخرين, وتبدأ هذه الصعوبة من تفكيرهم واعتقادهم السلبي حول قدراتهم الذهنية في هذا التذكر, وقد تكون هناك أسباب أخري تزيد من هذه الصعوبة وتعقدها وهي:1- عدم الاهتمام بالأشخاص أثناء مقابلتهم أو حفظ أسمائهم أو ربما أرقام هواتفهم, فإن لم تهتم بالشيء نسيته. 2- الانشغال أو التشاغل بأمور أخري وقت التعارف كأن تصافح شخصا وأنت تفكر في أمر آخر, وبالتالي تخفق في قضية تخزين الاسم, ومن ثم لا تذكره. 3- موقفك تجاه الشخص واعتقادك بأنك لن تقابله مرة أخري, وبالتالي سوف تقنع نفسك بعدم أهمية حفظ اسمه, لذا غالبا سوف تناديه أثناء المقابلة يا عزيزي أو يا صديقي أو كما هو شائع هذه الأيام ياباشا. 4- أحيانا يتمتم الشخص المقابل باسمه, وتكون غير قادر علي سماع اسمه بشكل واضح, وفي نفس الوقت تشعر بحرج من طلب إعادة اسمه مرة أخري, لذا عليك أن تطلب منه إعادة الاسم لأن هذا يعني الاهتمام به. 5- الاسماء التي تكون من لغات أو بلاد أخري قد تمثل مشكلة أثناء تذكرها لذا اربطها بأسماء واشياء تستطيع من خلال هذه الروابط أن تتذكر الاسماء. 6- عندما تقابل شخصا ما لأول مرة فإنك تكون انطباعا أوليا سواء كان سلبيا أو إيجابيا, وهذا يؤثر في رغبتك في تذكر اسم هذا الشخص من عدمه؟ لذا اجعل انطباعاتك الأولية معينة ومساعدة لك في تذكر الأسماء. 7-عليك أن تنظر مباشرة إلي وجه الشخص المقابل الذي تقابله لأول مرة, بمعني أنه يجب أن يكون بينكما تواصل بصري يحصل من خلاله الاهتمام بالشخص المقابل, ويربط الاسم بالصورة. 8-لاحظ الشخص المقابل وطبيعة حديثه وابتسامته أو الملامح الشخصية وحركاته, وأثناء حديثك معه ناده باسمه, وكرره أكثر من مرة, واربط اسمه بما تلاحظه عليه من صفات مثل المبتسم أو العبوس..إلخ. [email protected]