الامام الاكبر د. أحمد الطىب خلال اعلان بيان الازهر والمثقفين للحريات تجريم الإكراه في الدين و التمييز والاضطهاد .. ورفض الإقصاء والتكفير أعلن الامام الاكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر أمس بيان الازهر والمثقفين للحريات.أكد البيان ضوابط الحريات الاساسية، متضمنا تجريم الاكراه في الدين او التمييز والاضطهاد بسببه ورفض الاقصاء والتكفير،وتأكيد حرية الرأي باعتبارها "أم الحريات" والمظهر الحقيقي للديقراطية، ودعا الامام الاكبر الي حشد طاقة الامة للبحث العلمي في عالم لا يحترم الضعفاء والمتخلفين واوضح معايير حرية الآداب والفنون ما لم تمس المشاعر الدينية وذكر البيان: "يتطلع المصريون، والأمة العربية والإسلامية، بعد ثورات التحرير التي أطلقت الحريات،إلي علماء الأمّة ومفكِّريها المثقفين، كَي يحددوا العلاقة بين المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية السمحاء ومنظومة الحريّات الأساسية التي أجمعت عليها المواثيق الدّولية، وأسفرت عنها التجربة الحضارية للشعب المصري، وهي حرية العقيدة وحرية الرأي والتعبير، وحرية البحث العلمي، وحرية الإبداع الأدبي والفني، علي أساس ثابت من رعاية مقاصد الشريعة الغراء، وإدراك روح التشريع الدستوري الحديث، ومقتضيات التقدم المعرفي الإنساني، بما يجعل من الطاقة الرّوحية للأمّة وقودا للنهضة، وحافزًا للتقدم. ومن هنا فإن مجموعة العلماء الأزهريين والمثقّفين المصريّين الذين أصدروا وثيقة الأزهر الأولي برعاية من الأزهر الشريف، وأَتبعوها ببيانِ دَعْمِ حراك الشعوب العربية الشقيقة نحو الحرية والديموقراطية، - قد تدارسوا القواسم الفكرية المشتركة في منظومة الحريات والحقوق الإنسانية، وانتهوا إلي إقرار جملةٍ من المبادئ والضّوابط الحاكمة لهذه الحريات، انطلاقًا من متطلبات اللحظة الراهنة، وحفاظًا علي التوافق المجتمعي، ومراعاة للصالح العام في مرحلة التحول الديموقراطي، حتي تنتقل الأمّة إلي بناء مؤسساتها الدّستورية بسلامٍ واعتدال. وبما لا يسمح بانتشار بعض الدعوات المغرضة، التي تتذرع بحجة الدعوة إلي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للتدخل في الحريات العامة والخاصة الأمر الذي لا يتناسب مع التطور الحضاري والاجتماعي لمصر الحديثة، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلي وحدة الكلمة والفهم الوسطي الصحيح للدين والذي هو رسالة الأزهر الدينية ومسؤوليته نحو المجتمع والوطن. أولاً: حريّة العقيدة: تُعتَبر حريّةُ العقيدة، وما يرتبط بها من حقِّ المواطنة الكاملة للجميع، القائم علي المساوة التامة في الحقوق والواجبات حجرَ الزّاوية في البناء المجتمعي الحديث، وهي مكفولةٌ بثوابت النصوص الدِّينية القطعيّة وصريح الأصول الدستورية والقانونية، إذ يقول المولي عز وجل »لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ« ويقول: »فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر«، ويترتّب علي ذلك تجريم أي مظهر للإكراه في الدين، أو الاضطهاد أو التمييز بسَبَبِه، فلكلِّ فردٍ في المجتمع أن يعتنق من الأفكار ما يشاء، دون أن يمس حقّ المجتمع في الحفاظ علي العقائد السماوية، فللأديان الإلهية الثلاثة قداستها، وللأفراد حريّة إقامة شعائرها دون عدوان علي مشاعر بعضهم أو مساس بحرمتها قولاً أو فعلاً ودون إخلال بالنظام العام. .ويترتّب علي حق حرية الاعتقاد التسليم بمشروعية التعدد ورعاية حق الاختلاف ووجوب مراعاة كل مواطن مشاعر الآخرين والمساواة بينهم علي أساسٍ متينٍ من المواطنة والشراكة وتكافؤ الفرص في جميع الحقوق والواجبات. كما يترتب أيضًا علي احترام حرية الاعتقاد رفض نزعات الإقصاء والتكفير، ورفض التوجهات التي تدين عقائد الآخرين ومحاولات التفتيش في ضمائر المؤمنين بهذه العقائد، بناء علي ما استقرَّ من نظم دستورية بل بناء علي ما استقر - قبل ذلك - بين علماء المسلمين من أحكام صريحة قاطعة قرّرتها الشريعة السمحاء في الأثر النبوي الشريف: (هلا شققتَ عن قلبه) " ثانياً: حرية الرأي والتعبير: حرية الرأي هي أم الحريات كلها، وتتجلي في التعبير عن الرأي تعبيرًا حرًّا بمختلف وسائل التعبير من كتابة وخطابة وإنتاج فني وتواصل رقمي، وهي مظهر الحريات الاجتماعية التي تتجاوز الأفراد لتشمل غيرهم مثل تكوين الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، كما تشمل حرية الصحافة والإعلام المسموع والمرئي والرقمي، وحرية الحصول علي المعلومات اللازمة لإبداء الرأي، ولابد أن تكون مكفولة بالنصوص الدستورية لتسمو علي القوانين العادية القابلة للتغيير. وقد استقرت المحكمة الدستورية العليا في مصر علي توسيع مفهوم حرية التعبير ليشمل النّقد البنَّاء ولوكان حاد العبارة ونصت علي أنه " لا يجوز أن تكون حرية التعبير في القضايا العامة مقيدة بعدم التجاوز، بل يتعين التسامح فيها" ثالثاً: حرية البحث العلمي: يُعَدُّ البحث العلميّ الجادّ في العلوم الإنسانية والطبيعية والرياضية وغيرها، قاطرة التقدم البشري، ووسيلة اكتشاف سنن الكون ومعرفة قوانينه لتسخيرها لخير الإنسانية، ولا يمكن لهذا البحث أن يتم ويؤتي ثماره النظرية والتطبيقية دون تكريس طاقة الأمّة له وحشد إمكاناتها من أجله. ولقد أفاضت النصوص القرآنية الكريمة في الحث علي النظر والتفكر والاستنباط والقياس والتأمل في الظواهر الكونية والإنسانية لاكتشاف سننها وقوانينها، ومهدت الطريق لأكبر نهضة علمية في تاريخ الشرق. رابعًا: حرية الإبداع الأدبي والفني: ينقسمُ الإبداع إلي إبداع علمي يتصل بالبحث العلمي كما سبق، وإبداع أدبي وفني يتمثل في أجناس الأدب المختلفة من شعر غنائي ودرامي، وسرد قصصي وروائي، ومسرح وسير ذاتية وفنون بصرية تشكيلية، وفنون سينمائية وتليفزيونية وموسيقية، وأشكال أخري مستحدثة في كل هذه الفروع..والآداب والفنون في جملتها تستهدف تنمية الوعي بالواقع، وتنشيط الخيال، وترقية الإحساس الجمالي وتثقيف الحواس الإنسانية وتوسيع مداركها وتعميق خبرة الإنسان بالحياة والمجتمع، كما تقوم بنقد المجتمع أحيانًا والاستشراف لما هو أرقي وأفضل منه، وكلها وظائف سامية تؤدي في حقيقة الأمر إلي إثراء اللغة والثقافة وتنشيط الخيال وتنمية الفكر، مع مراعاة القيم الدينية العليا والفضائل الأخلاقية.