أن يتخل عنك فلذات أكبادك فهذا لم يعد بالأمر الغريب في زمن عقوق الأبناء.. وأن يتركك أحباؤك، وفي نهاية عمرك، تواجه الحياة وحدك، فهذا أيضا ليس بالأمر الغريب.. ولكن أن يسقطوك تماما من حساباتهم، فتواجه المرض المزمن، فتسقط صريعا له، فلا تجد جثتك من يمنحها آخر حق لك عليهم في الحياة، أن تغسل، تكفن، وتدفن في سلام، وبدلا من ذلك يتركونها للفئران تأكلها، فهذا هو الغريب بعينه! ونظرا لبشاعة الحادثة، سارعت »الأخبار« إلي حيث كان يقطن صاحب المأساة العجوز أحمد فؤاد، وفي 3 ميدان العتبة بالموسكي، حاولنا كشف أبعاد كارثة هذا العجوز. جيران فؤاد كشفوا ل»الأخبار« ان القتيل كان يعاني آلام المرض، وقسوة الوحدة، بعد ان تخلت عنه ابنته الوحيدة »شيماء«. وقالوا إن الرجل طالما كان يستغيث بهم، عندما تفاجئه نوبات مرضه، حيث كان يعاني هشاشة كبده الذي نهشه المرض. واتفق الجيران علي أنهم وفي المرات النادرة التي كانوا يرون فيها الابنة تزوره، يحاولون حثها علي الاهتمام به، بالاقامة معه، أو اقامته معها، ويسعون جاهدين لكي يرق قلبها لحال الاب المعذب، ولكن دون جدوي. وروي جيران العجوز مآساته التي انتهت بأن تناوبت الفئران علي التهام أطرافه بعد سقوطه صريع المرض وحيدا، وبقائه أياما لا يدري به أحد. وقال أحد الجيران ويدعي »محمد« انهم فوجئوا برائحة كريهة تنبعث من شقة العجوز، فما كان منهم إلا أن قرروا كسر باب شقة العجوز، ليفاجأوا بالمشهد الأبشع الذي يمكن أن يراه إنسان في حياته، جثة الرجل وقد تحولت إلي وليمة للفئران، التي كانت تستكمل نهشها أمام أعينهم. واضافت جارة العجوز البائس ان الفئران لم تترك من جارها سوي هيكل عظمي بالكاد يكسوه ما تبقي من لحم، نظرا لانه اصلا كان يعاني النحافة بفعل المرض. ويروي العميد محمد مدكور مأمور قسم الموسكي الذي انتقل إلي بيت العجوز بصحبة المقدمين طارق البدوي ومحمود حجازي رئيسي المباحث إن ما رأوه يعجز عن وصفه الكلام، وقال إن ما حدث يجب أن يكون عبرة لكل ابن أو ابنة يتخلي أو تتخلي عن أبيها أو أمها، علي هذا النحو.