صالونيات

رجال من ضوء وشذي: الصديق (3)

من منكم عبد رسول الله فقد مات.. ومن منكم عبدالله.. فإن الله تعالي حي ليس يموت.. بمنطقه الواضح حسم الصديق الامر مع الاصحاب.. وعاد يكابد في صمت كمده.
عاد بحزن لم تعرفه الارض.. ولن تعرفه.. حزن لم يعرف غير مُعانيه امده.
آلام البشر جميعا يا صدِّيق تلح عليك.. تقابلها في جلد ورع.. انت المجبول علي الحدة. احزان البشر تحل عليك.. فأين الصاحب.. والصاحب سيد خلق الله.. وخاتم رسل الله. واخر نور تزجيه سماء الله إلي الارض.. لتؤنس وحدتها.. آه ها هي تندلع بقلبك يا صديق جميع عذابات الوحدة.
صرت ابا بكر اول خلفاء رسول الله.. وصارت لك اقدار الامة اجمع.. تمسك مقودها وحدك.. وتوجهها منتهجا سنن رسول الله.. ومقتفيا عهده.
صرت خليفة اخر رسل الله.. وصار الامر إليك.. جسيما كان الامر عليك.. فماذا تصنع في امواج فائرة.. تسمع اصداء تلاطمها »يثرب« فوق صخور »كنانة« أو »عبس« أو »ذبيان«.. ماذا تصنع يا صديق مع الرده.
من تحت عباءة ليل القبيلة خرجت اشباح شائهة.. ما بين قبائل رفضت ان تعطي »يثرب« حق زكاة المال.. واخري نكصت مرتده.
ماذا تصنع يا صديق.. وانت الرجل اللين في طبعك.. مع احداث مقبلة ركضا كالريح العاصفة علي افراس الفتنة.. من كل جهات الارض الاربع في ليل منطفيء الانجم.. ماذا حسب ابي بكر ان يصنع في ايام الشدة. يعقد مجلس شوراه.. فينقسم الرأي.. ولا تتحد الكلمة.. فيسل ابوبكر سيف الاسلام الماضي ابدا.. سيفا لن يسكن ثانية غمده.
ويرد الصديق المرتدين.. ويردع شيطانا وسوس في صدر البعض.. ويرجع للبعض الاخر رشده.
رجل الساعة والتاريخ ابوبكر كان طبيبا وحكيما.. جبر الكسر.. ورأب الصدع.. ورتق الفتق وسده.
ويعود لواء الاسلام الخفاق يرفرف ثانية فوق صواريه العربية.. ثم تشق بيارقه الافاق.. وتسري مبتعده.
تفتح يا أول خلفاء رسول الله بلادا لم تفتح من قبل.. هنالك في الشرق العجمي.. وفي الغرب الرومي.. وتسقط سلطان الطاغوت.. وتنسف نسفا عمده.
معجزة انجزت ابا بكر في سنتين.. حمدت الله كثيرا اذ هو قواك عليها يا صديق.. وقد سمع الله لمن حمده.
كان الصديق صديق رسول الله.. وتابع دعوته الاول.. وحماه ابا عائشة وصاحب هجرته.. وخليفته بعده.
كان الصديق القمر العاكس شمس رسول الله علي الامة بعد رحيل رسول الله كان يذكرهم بالنور النبوي الوهاج.. ويهديهم نجده.
كان كما النحلة يرعي ازهار رسول الله الخالدة الارج.. ويمتص رحيق الاثر النبوي.. ويسقي الامة شهده.
لم تتنكب يوما يا صديق محجة سيد خلق الله.. ولم تبرح ابدا قصده.
كان ولي العهد.. امين السر ابوبكر لم يترك شيئا قط تناوله سيد خلق الله.. ولم يأخذ شيئا رده.
انفذ بعث »اسامة« يرأس جيشا فيه شيوخ الاسلام كما رغب رسول الله وسار الصديق جوار جواد »اسامة« اكبارا.. ودَّعه لمشارف »يثرب« .. واستأذنه لو اذن له بابن الخطاب ليبقي جانبه.. فأمده.
لله تسير مظاهرة الخلق.. يقود خطاها سيد خلق الله.. وزيراه عليها: الصديق ابوبكر.. والفاروق ابن الخطاب.. مظاهرة حاشدة حافلة بالشوق إلي الله تعالي عز وجل تسبحه وتواصل حمده.
قال رسول الله عن الصديق ابي بكر والفاروق ابن الخطاب: هما مني كالسمع وكالبصر.. وقال هما اخواي.. فيا مجدك يا صديق.. ومجدك يا عمر يناهز مجده.
كنت الزاهد في ملكوت الدنيا ياصديق.. لذلك حين اتتك منيتك اخترت الفاروق.. فزهدك يتخير زهده.
اوصي الصديق لعمر بن الخطاب.. مصابيح يضيء سناها حتي اليوم.. وحتي يرث الله الارض.. ستبقي متقده.
من تاريخ ابي بكر. تقتبس الكلمات العطر.. فتصبح و رده. تقتبس الوردة ضوءا من تاريخ ابي بكر كي تصبح عطرا ضوئيا أو ضوءا عطريا يسري في اغصان الشوق الممتدة.. في سيرة صاحب سيد خلق الله.. إلي ان يصل إلي نبع الطيب.. ونبع النور: رسول الله.. فيلقي بمواجدنا عنده.
يا صاحب سيد خلق الله.. يبثك قلبي وجده.