كل المصريين أصبحوا ضاربي ودع أو قارئي الغيب أو عالمين ببواطن الأمور، فمنذ بدأت المؤشرات الاولية للانتخابات في الظهور، وبدأ المصريون يعرفون أن الإسلاميين يحصدون عددا كبيرا من مقاعد مجلس الشعب المرتقب. بدأ الفزع والهلع يظهر علي كل الوجوه وبدأت سلسلة التصريحات والتخوفات والشائعات المستفزة حتي أنني أري أن الاسلاميين انفسهم فزعوا من رد فعل الشارع المصري. كلنا، بل العالم كله يعلم أن مصر بلد ذو طابع متدين.. المصريون مسلمين ومسيحيين لديهم اخلاقيات وفضائل يحافظون عليها.. طوال عمرنا لم نر السكاري في الشوارع.. لم نر العريا في الميادين.. لم نر شواذا يطالبون بحقوق. لم نر أحدا يريد فرض قوانين مخلة بالآداب.. والأخلاق،، طال الفستان أو قصر.. ضاق البنطلون أو وسع.. ظهر الشعر أو غطي، مصر فتحت ذراعها وانتفضت كل الأوضاع المخلة، حتي قبل أن يظهر الحرية والعدالة، وقبل ان نسمع عن السلفيين.. كان هناك دائماً مسلمون أو اقباط اصحاب دين وأخلاق وآداب يحثون الناس علي الأخذ بكل اسباب الحشمة والوقار والفضائل. فجأة امتلأت الصحف، ونورت الفضائيات عن ماذا سيفعل الاسلاميون في مصر؟، »وكأننا لا نعرف عنهم شيئاً أو أنهم هبطوا علينا من كوكب آخر«.. هل نسي المصريون أننا نعيش معا مسلمين ومسيحيين، إخوانا، وسلفيين، ليبراليين، وعلمانيين علي تلك الأرض منذ مئات السنين؟ المثقفون، والفنانون، العاملون في السياحة والآثار والفنادق، والمطاعم، وموظفو البنوك.. كلهم أصيبوا بفوبيا الإسلاميين! أنا لست مكلفة من أحد بالدفاع عنهم أو مهاجمتهم، لكني لا أخشي أن يشارك الإسلاميين (ولو كثروا) والليبراليون والعلمانيون والمسيحيون والسلفيون في إدارة شئون مصر في كل المجالات. فهل أصبحنا نخشي الحوار؟.. وهل اختفت ديمقراطية اتخاذ القرارات؟ وهل فقدنا مبدأ الشوري عند سن القوانين أو اللوائح؟ هل نسينا أن ثورة شباب أطاحت بنظام ضربت جذوره ثلاثين عاما؟ ان دولة المؤسسات، هي الدولة الأكثر احتراماً، والأكثر ديمقراطية، والأكثر عدلا، والافضل اقتصاديا، والأكثر عداله اجتماعية، والاحسن تعليما، والانظف جوا وبحرا وأرضا، والأمثل في المعاملات الاجتماعية والسلوكية، والمثل في الأخذ بكل اسباب النجاح.. تلك رسالة للجميع. كما ان دستورنا يحمل نصين - أعتقد أنهما باقيان - بعد التعديلات القادمة، وهما مبدأ المواطنة.. وأن مباديء الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، فإذا تحققنا جيداً من هذين النصين لاستراح الجميع.. علمانيين وليبراليين وسلفيين واخوان. أعتقد أننا لن نعود لنركب الجمل، ولن نحارب بالسيف، وسيظهر الإخوان المسلمون والسلفيون علي شاشات التليفزيون مثل الليبراليين والعلمانيين. إن شعبا صنع معجزات تبدأ بالأهرامات وتنتهي بثورة يناير قادر علي أن يصنع أروع حكام، وأفضل نظام سوف يعرفه العالم إذا أردنا وفعلنا.