لا أقول جديدا عندما أشير الي ان نتائج المرحلة الأولي من المشهد الانتخابي قد أثارت هلعا وقلقا بين قطاعات كبيرة من المجتمع المصري. هذا القلق يتعلق بشكل الحياة في مصر إذا ما تواصل هذا الوضع في المرحلتين الثانية والثالثة لأول انتخابات يتم إجراؤها بعد ثورة 52 يناير والتي لم يدر بخلد الذين قاموا بها ما انتهت إليه الأمور. هذه التطورات انعكست اثارها في شكل تعليقات ونكت لاذعة علي شبكات التواصل الاجتماعي وهو ما جعل البعض يقول إن الشعب المصري سيظل وأبدا ابن »نكتة« حيث دأب علي أن يعبر عن مشاعره وأحاسيسه ومواقفه الحلوة والمرة بالنكت والعبارات الساخرة التي تحمل الكثير من عمق المعاني. ولقد اتيحت لي الفرصة أن أقرأ بعض ما تم تسجيله علي مواقع »الفيس بوك« لأناس أعرفهم وآخرين لا أعرفهم. الحقيقة انني لم استطع أن أمنع نفسي من الضحك والحزن في نفس الوقت.. ليس من سبب لما انتابني من مشاعر سوي الخوف مما قد يصل به الحال بوطني مصر. كل ما أخشاه هو ان نصبح مرة اخري حقلا لتجارب لا يعلم إلا الله تبعاتها علي مستقبل الجيل الحالي والأجيال القادمة من أبناء شعبنا. يأتي هذا تعبيرا عن ادراكي بان ما يشغل الشارع حاليا يتركز في تحقيق الاطمئان النفسي وان يعود اليه امل الاستقرار والأمن والأمان والحياة الكريمة. إن ما أقلقني حقا هو غياب الرؤية في برامج المشاركين في هذه الانتخابات خاصة ما يتعلق بالمشاكل التي يعاني منها المجتمع. لم نسمع ضمن الدعايات سواء كانت لصالح القوائم أو المرشحين الفرديين أي إشارة واضحة إلي برنامج محدد المعالم لإصلاح التعليم والعلاج الصحي وزيادة الإنتاج واصلاح الجهاز الاداري في الدولة وتحقيق الشفافية منعا للفساد. كان أملنا امتداد مطلب حظر التوريث إلي كل الأجهزة والمواقع العامة تجاوبا مع ما نادت به ثورة يناير. اختفاء الوضوح في برامج عمل كل الذين خاضوا الانتخابات باستثناء البعض القليل ممن استندوا إلي برامجهم التي تتسم بعبق التاريخ السياسي مثل حزب الوفد. لقد شاب انتخابات المرحلة الأولي مخالفات كثيرة حددها المستشار الزند رئيس نادي القضاة بناء علي تقارير القضاة المشرفين. قدرت هذه المخالفات بأكثر من ألف مخالفة يضاف إليها آلاف أخري سجلتها منظمات المراقبة المدنية والمواطنين والمرشحين.. المطلوب وحتي تطمئن النفوس إلي نزاهة وشفافية الانتخابات في المرحلتين القادمتين أن نسمع من الأجهزة المسئولة في الدولة عن الإجراءات التي تم أو سيتم اتخاذها لمنع تكرار ما حدث في انتخابات المرحلتين القادمتين. ان التقاعس عن المواجهة الحازمة سوف يؤدي الي تصاعد المخالفات وبالتالي فقدان الثقة في العملية الانتخابية برمتها. علي ضوء نتيجة انتخابات المرحلة الأولي يتوقع المحللون أن تأخذ عملية التصويت في المرحلتين الباقيتين مسارين مختلفين لا يستطيع أحد أن يتنبأ بما سوف تسفر عنهما النتائج. ان المسار الأول قد يؤدي إلي تعديل في النتائج بدافع من صدمة ما جري في المرحلة الأولي. سوف يحدث ذلك نتيجة ازدياد حماس التصويت والرغبة في تعويض ما ضاع من أمل.. انهم سوف يضاعفون من جهودهم لجذب واستقطاب الناخبين في جانبهم.. أما أصحاب المسار الثاني فسوف يدفعهم النجاح الي بذل المزيد من الجهد للحفاظ علي التفوق. وبناء علي ذلك فإنه من المتوقع أن تكون المعركة حامية. في المرحلة الأولي وفقا للأرقام اليقينية لأجهزة المعلومات والإحصاء الموثوق تأكد انها لم تتجاوز ال 95٪. هذه الارقام علي عكس ما أعلنه المستشار عبدالمعز رئيس اللجنة العليا للانتخابات والذي أشار إلي انها تجاوزت ال 26٪. في هذا الإطار لا أجد سببا لهذا التضارب ولصالح من؟.