إعترف لي تاجر سلاح لبناني بثروته من صفقات السلاح مع نيجيريا وتاجر آخر كان يقوم بتهريب الماس من الكونجو مقابل الاسلحة هناك تساؤلات غامضة عن مصادر الاسلحة التي تنتشر في بؤر الصراع الدامي أو »الحروب الصغيرة« في العالم.. وعن خفايا سوق السلاح السري الذي يسيطر عليه »البارونات« ويحققون المليارات من الصفقات المشبوهة؟ والجواب ان هذه الاسلحة تعتبر مجهولة المصدر وليست الدول المنتجة للاسلحة الخفيفة بالذات، ولكنهم تجار سلاح لديهم مستودعات ومخازن سرية وتحوي شحنات كبيرة من تلك الاسلحة المهربة التي تراكمت لديهم علي مدي سنوات ومن مصادر مختلفة، ويعرضونها في السوق السري ويبيعون صفقات منها بين الحين والآخر في بؤر التوتر من أفغانستان إلي الصومال وإلي دارفور ويحصل عليها المتمردون والميليشيات وعصابات تجار المخدرات.. وعملية اكتشاف هذه المصادر ليست سهلة لأنها تمر عبر حلقات متشابكة من الوسطاء وتجار السلاح، وحتي إذا تم إكتشافها فإنه من الصعب وضع قيود علي تهريب تلك الاسلحة ونقلها من مكان لاخر لأنها تعتبر أكثر ربحا من تجارة المخدرات.. ولا يمكن الدخول إلي هذا السوق الخفي إلا عن طريق الرؤوس الكبيرة!. وأتذكر واقعة محددة عندما كنت في موسكو - في أواخر عهد جورباتشوف - قبيل تفكك الإتحاد السوفيتي، وقابلت أحد الجنرالات الروس وروي لي: كيف وصلت الفوضي إلي حد سرقة مخازن الجيش الأحمر ونهب محتوياتها من الاسلحة الثقيلة والخفيفة وبمشاركة جنرالات من الجيش - تحت وطأة الازمة الاقتصادية والفساد المتفشي - وإلي حد أنهم ضبطوا قطارا محملا بالدبابات الروسية المسروقة وكان في طريقه إلي صربيا.. وعرفت أنهم إكتشفوا اختفاء صواريخ سكود من مخازنها وتم تهريبها إلي تجار السلاح الذين انتشروا في موسكو وقتها لعقد الصفقات مع الجنرالات المسئولين عن المخازن!. وتعتبر الاسلحة الصغيرة - مثل رشاش الكلاشنكوف - الأكثر رواجا وتسليحاً لمقاتلي طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان وللجماعات المتناحرة في الصومال وغيرها من مناطق التوتر الساخنة ويتم تهريبها عبر البحار والجبال من السوق السوداء وتقدر صفقاتها بالمليارات التي يتم غسل أموالها، ويعتمدون علي تجارة المخدرات في أفغانستان للحصول علي هذه الاسلحة! وإعترف لي تاجر سلاح لبناني - من الوسطاء - أنه كسب الملايين من وراء صفقات السلاح أثناء الحرب الأهلية في نيجيريا ولبنان.. وكان قد تعرف علي أحد القادة العسكريين النيجيريين وعقد صفقات للاسلحة مع الحكومة مقابل عمولات واستمرت هذه الحرب لعدة سنوات.. وكان أحد الرؤساء الأفارقة السابقين يتعامل مع تاجر السلاح ويستفيد من الحرب الدائرة في جنوب بلاده لكي يعقد صفقات الاسلحة معه ويحصل علي العمولات.. ويودعها في البنوك العالمية! وكان هناك تاجر سلاح لبناني آخر يقوم بتهريب الماس من الكونغو مقابل الاسلحة التي يرسلها إلي نيجيريا سرا وبالاتفاق مع جنرال في الجيش خلال تلك الحرب! وهناك اسماء كبيرة لتجار السلاح في المنطقة العربية ومنهم »ع . خ« و »م . ط« و »أ . م« ويتم غسل أموال الصفقات المشبوهة عبر قنوات سرية وشبكات معقدة في المصارف العالمية ويصعب تعقب حركة الأموال فيها أو ضبط مصادرها، ويتم غسل الاموال في دول العالم الثالث- وفي افريقيا بالذات - التي لا تخضع المصارف فيها للرقابة! وهناك شبكة خطيرة في سوق السلاح هي مافيا تجارة الماس الإسرائيلية، وتقوم بشراء الماس الافريقي (من مناجم كاتنجا) باسعار رخيصة في مقابل توريد السلاح الإسرائيلي، وبعدها تعيد طرح الماس في الاسواق العالمية وبأسعار مضاعفة، وتعتبر اسرائيل مركزا لتجارة الماس - مثل امستردام - وتشتهر ب مجمع الماس الضخم في تل أبيب! وكان الرئيس موبوتو سيسيكو يحتكر لحسابه مناجم الماس في الكونغو (زائير) ويحظر التعامل في الماس ويضع يده علي »مناجم كاتنجا« ويحكم بالإعدام علي من يضبط وفي حوزته الماس - وعرفت ذلك اثناء زيارتي لزائير، ولكن بعد رحيله عادت تجارة الماس وازدهرت تجارة السلاح! صواريخ صينية لايران لقد دخلت الصين علي الخط في سوق السلاح وصارت منافسا لروسيا خصوصا في الطائرات الحربية والدبابات والصواريخ والمدافع.. لأنها نفس الطائرات الميج السوخوي ولكن بأسماء مختلفة.. وصارت الاسلحة الصينية مطلوبة في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط وبدرجة ان إيران تعتبر ثاني دولة من أكبر مستوردي الاسلحة الصينية مؤخراً وتتضمن الصفقات أكثر من ألف صاروخ أرض -جو وصواريخ مضادة للسفن الحربية. وبالاضافة إلي المدرعات، تعتمد إيران علي الصين في إمدادها بمكونات صناعة الصواريخ الجديدة!. وبنظرة فاحصة علي سوق السلاح العالمي فإنه يتضح اشتعال سباق التسلح في بؤر التوتر والصراع - كما ذكر تقرير معهد ستكهولم الدولي - بدرجة أن معدلات تجارة السلاح قد زادت بنسبة 02 في المائة وتتصدر إيران قائمة الدول المستوردة.. وتجيء الولاياتالمتحدة في المرتبة الأولي في تجارة السلاح بإعتبارها أكبر الدول المصدرة وتسيطر علي 03 في المائة من السوق وبعدها تعتبر روسيا في المرتبة الثانية وتبلغ نسبة مبيعات الاسلحة الروسية 42 في المائة وتليها ألمانيا ثم فرنسا وبريطانيا ولم يذكر التقرير نسبة اسرائيل التي دخلت سوق تجارة السلاح مؤخراً! وما يثيرالإهتمام أن تجارة السلاح تمثل نزيفا لدول بترولية في الشرق الاوسط وفي شمال أفريقيا وأمريكا اللاتينية - بالنسبة لعمولات الصفقات التي يتم بيعها - فقد خصصت جزءا كبيرا من ثرواتها لعقد صفقات باهظة لشراء طائرات متطورة، وبالتالي فإن دولا مجاورة قامت بعقد صفقات مماثلة في سباق التسلح في مناطق التوتر.. وفي هذا الرد علي التساؤل: من أين هذه الاسلحة المنتشرة في أفغانستان والعراق والتي تحصل عليها طالبان مثلا؟ وفيما يخص نوعية صفقات الاسلحة فقد شكلت الطائرات المقاتلات نسبة 32 في المائة منها ويتضح أن الولاياتالمتحدة قامت ببيع 27 طائرة مقاتلة طراز إف 61 لإحدي دول الخليج، وقدمت 25 طائرة من نفس الطراز إلي إسرائيل وكذلك 04 طائرة مقاتلة طراز إف 51 إلي كورياالجنوبية. أما روسيا فقامت بتوريد 28 مقاتلة من طراز سوخوي إلي الهند و 82 مقاتلة إلي الجزائر وهناك صفقات أخري لم يعلن عنها.. وبخلاف الاسلحة المحلية الصنع في دول عديدة وكذا الاسلحة الصغيرة التي تباع في السوق السوداء! وما يثير قلق الولاياتالمتحدة هو مصير الصواريخ والاسلحة النووية بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي ومحاولات تهريبها إلي الجماعات المتطرفة - وبالذت تنظيم القاعدة - وهناك شكوك امريكية بإختفاء بعضها من المخازن خلال فترة الفوضي السابقة.. وتبذل المؤسسة العسكرية الروسية جهوداً لإعادة السيطرة علي تلك الاسلحة الموجودة في جمهوريات أسيا الوسطي!. عن تقدير حجم الاسلحة الموجودة في سوق السلاح؟ فإن هناك قرابة 003 شركة في 05 دولة تشارك في صنع الاسلحة الصغيرة والمعدات اللازمة لها وأكبر مصدر هو الولاياتالمتحدة .. وما أخطر خفايا سوق السلاح!