عمر خيرت.. موسيقاه تسبق اسمه.. ونغماته يعرفها المستمع والمتابع له.. له خصوصية في القصيد السيمفوني.. وموسيقاه التصويرية وألحانه الشجية. عزف كثيراً عن إجراء الحوار والمقابلات الصحفية والإعلامية.. يفضل العمل في صمت.. لكني انتهزت فرصة للتواصل معه.. رحب وكان بيننا هذا الحوار: البداية معه سؤالي عن رأيه في ثورة 52 يناير من وجهة نظره كمبدع موسيقي قال: ثورة 52 يناير.. ثورة بكر وبريئة وكانت تعبيراً صادقاً عما يجول ويفكر فيه الشعب المصري من محاولة لإيجاد عالم جديد يستحقه فعلاً هذا الشعب صاحب الحضارة والتاريخ والعمق السياسي الطويل. أنت كموسيقار.. أين الفن الذي أفرزته الثورة موسيقياً؟ الفنان يشاهد.. يتابع يتأثر.. يبدع.. بعد أن يجتر الذكريات فيتأثر بتلك المشاهدات والذكريات ثم يبدأ في استخراج ما لديه من مخزون إبداعي. الأعمال الفنية الخاصة بثورة 2591 مازالت حية نابضة بالذكريات والشجن والإبداع ومازال جيلنا وغيره يرددها.. لماذا تألقت تلك الأعمال بينما حالياً لا نجد إلا القليل مما يذكر؟ المسألة مختلفة إلي حد ما.. كيف سأقول لك حينما حدثت ثورة 2591 كانت الأمور مختلفة تماماً.. فقد كان انقلاباً علي الملك التف حوله الشعب.. وقاد الثوار تلك الثورة فكان لها أهدافها التي وضعوها ورحبت بها الأمة المصرية.. وحدث ما حدث فانفعل الفنانون من مطربين وملحنين وشعراء وقدموا أغاني الثورة التي كانت تسير جنباً إلي جنب مع مكتسبات تلك الثورة. الوضع الآن اختلف، وكما قلت الشعب ثار علي ما يعيش ويحيط به من نظام أفسد الكثير من الأمور في حياتنا سنوات طويلة.. ولأن ثورة 52 يناير لم يكن لها قائد واحد.. إنما كانت إرادة شعب كامل هنا.. يصبح الفنان شاهد عيان ولكي يبدع يأخذ وقتاً كما سيحدث في التحليلات والكتابات والآراء.. أنا أري أن الجيش هنا ساعد الشعب وهذه حقيقة.. الفن الحقيقي هو الذي يبقي فانتظر بعضاً من الوقت حتي تستقر الأمور خاصة أن ثورة الشعب المصري في 52 يناير كانت صادقة تماماً نابعة من معاناتهم ومن وجدانهم وهذا ما سوف ينعكس فنياً علي كل الأعمال الفنية التي تخرج من مصر التي أعتبرها درة الأرض من قديم الأزل. ويستكمل عمر خيرت حواره بقوله: وعودة مصر كدرة لن يتأتي إلا بالعمل والعمل والعمل والإخلاص واستعادة أخلاق المصري التي تعودنا عليها طوال حياتنا. أول مرة.. حرية رأيك فيما يحدث في الشارع المصري الآن؟ لابد من تطبيق القانون والحزم. وعموماً أنا متفاءل طوال حياتي ولا أحب التشاؤم.. وسوف نري ذلك جيداً العام القادم بمجرد انتخابات رئيس الجمهورية.. والانتخابات وما حدث فيها من وقفات هو شيء إيجابي خاصة بعد كبت استمر 06 عاماً من أيام عبدالناصر.. هذه هي أول مرة يحس فيها الشعب بأنه صاحب قرار وعنده حرية والتي غابت عنه كثيراً..، وأقول طالما تحدثنا عن الشارع المصري.. أقول لهم بصراحة شديدة »بلاش أنانية« فكروا في مصلحة الوطن وكفاية طلبات فئوية، لننظر إلي الأمام حتي نعود كي تصبح مصر درة الأرض. وهل أنت راض عن التربية الموسيقية في التعليم؟ للأسف الشديد أيام ثورة 2591 كانت التربية الموسيقية معممة في المدارس هي والرياضة.. شيئاً فشيئاً تقلصت.. وأصبحت في خبر كان.. الموسيقي هي التي تخلق شعبا ذواقا لديه وعي.. لديه إحساس.. أتذكر حينما كنت في مدرسة الأورمان كنت رئيس فريق الموسيقي.. وحصلنا علي العديد من الجوائز وبطولات الجمهورية حينذاك.. كان الاهتمام كبيراً كبيراً. وكيف تري الأغنية المصرية الآن؟ لا يصلح أن تكون مصر صاحبة حضارة ال7 آلاف سنة أن يكون فنها الموسيقي يتركز في الأغنية.. لأن الموسيقي لها أهميتها كما ذكرت في وجدان البشر.. لا يجب أن نتوقف عند الفن، عند الأغنية ولابد أن تلعب وسائل الإعلام من مقروءة ومرئية ومسموعة دوراً في انتشار الموسيقي وأنواعها وفنونها المتعددة. كيف نعلو بالموسيقي ونهتم بها؟ لابد أن نعلو بالعلم.. ومعه الموسيقي.. عمي أبو بكر خيرت كان عالماً.. وهو في نفس الوقت مؤسس الكونسرفاتوار.. لابد من اهتمام أجهزة الدولة بالموسيقي.. الاهتمام بالموسيقي يأتي أولاً من قبل وزارة التربية والتعليم ومنذ الصغر. أم كلثوم وفيروز من كنت تحلم بالتلحين له؟ كان نفسي بصراحة ألحن لأم كلثوم قمة وكوكب الغناء العربي وكذلك فيروز.. وعبدالحليم حافظ.. هذه الأسماء الثلاثة كنت أتمني فعلاً التواصل معهم موسيقياً وألحن لهم أغنيات. قدمت الكثير من الأعمال.. ممكن نتوقف عند بعضها؟ الكثير والكثير.. لكن تريدني أتوقف عند القصائد السيمفونية.. أم الباليه.. أم القوالب الموسيقية.. أمام أكثر من 07 فيلماً قدمتها موسيقياً وموسيقي تصويرية مثل »سكوت ح نصور، امرأة تحت المراقبة، ليلة القبض علي فاطمة، النوم في العسل، نهر الخوف، لعدم كفاية الأدلة، أيام التحدي«.. وغيرها.. وهناك مسلسلات كثيرة أذكر منها »عصر الفرسان، القضاء في الإسلام، الجانب الآخر من الشاطئ، صابر يا عم صابر، اللقاء الثاني، الامبراطور، ع الحلوة والمرة وفوازير جيران الهنا«.. وهناك فيلم كندي اسمه »البحث عن ديانا«.. إضافة إلي أنني وضعت الموسيقي التصويرية لافتتاح أول دورة ألعاب عربية عام 7002 وحصلت علي العديد من الجوائز وشهادات التقدير وشاركت في فعاليات عالمية. العلم والموسيقي تحدثت عن العلم والموسيقي، كيف تري العلاقة بينهما؟ نعم.. الفن الموجه بدون علم سيعود إلي الخلف.. العلم هو الذي يخلق التطور.. الرؤية.. الأفق.. اليوم تقدم موسيقي لإناس لغتهم مختلفة لكن عن طريق العلم تصل إليهم.. ولذا يهتم العالم المتقدم بالموسيقي.. أريد أيضاً أن أقول إنه كلما كان الفن راقياً كان الشعب راقياً. ماذا تقول عن الاستسهال في الألحان والغناء؟ استسهال يحدث بالفعل من أجل الجري وراء المادة، الفن الحقيقي ضد هذا تماماً.. هناك إناس يعملون بالفن وهم ليسوا بفنانين إنما يلهثون وراء المادة والثراء السريع.. عموماً »الفلوس بتخلص« لكن الإبداع هو الذي يبقي. أعتقد أن هناك علاقة بذلك بالتكنولوجيا الحديثة؟ نعم هناك علاقة يستغلها اللاموهوب وهي التكنولوجيا الحديثة بأن يكون معدوم الموهبة أو قليل الموهبة فتطغي أصوات الآلات علي صوته إضافة إلي شيء مهم آخر وهو أن هناك من ينقلون ألحاناً غربية ويقدمونها عربية!! نقل ما أسهل منه للأسف الشديد.. ولكن دعني أقول لك هؤلاء ينكشفون ولو بعد حين! لك أعمال وطنية كثيرة.. ماذا عنها؟ كنت أقدم بانوراما أكتوبر »قصيد سيمفوني« وقدمت أغاني وطنية كثيرة غنتها ريهام عبدالحكيم ولطيفة والأطفال، خاصة أغنية »فيها حاجة حلوة« التي كتبها أيمن بهجت قمر، وغنتها ريهام مع الكورال وأعمال كثيرة أخري يعرفها المستمع.