كما قلت مرارا.. أعرف ان البرلمان القادم لن يكون برلمان الثورة، وانه لن يكون إلا خطوة مؤقتة علي الطريق الذي تحكم فيه قوي الثورة بنفسها، ومع ذلك فإن علنيا ان نحتفي بالانجاز العظيم الذي شاهدناه في المرحلة الأولي من الانتخابات، وان ندعو كل مواطن للمشاركة في المراحل القادمة لكي نؤكد لانفسنا وللعالم كله ان هذا الشعب العظيم قادر علي بناء مستقبل الديمقراطية الحقيقية، وان أحدا لا يملك حق الوصاية علي ارادته، أو تزويرها. أيضا.. تثبت الجماهير التي خرجت في الانتخابات ان رهان الثوار في يناير كان هو الرهان الصحيح. فقد راهنوا علي الجماهير وتركوا أحزابا وتنظيمات كانت كلها شريكة في المأساة التي عاشتها مصر في ظل الحكم السابق. وإذا كان هؤلاء- بمن فيهم فلول الحزب الوطني -مازالوا علي الساحة، بل ومازال بعضهم يتصدر المشهد السياسي، فهو وضع مؤقت لابد ان ينتهي بانتقال روح الثورة من ميادين التحرير لكل مؤسسات الدولة. بالطبع ستستمر محاولات سرقة الثورة أو الالتفاف عليها، ولكن الرهان علي الشعب سيستمر.. وسينتصر والشباب قد لا يكون ممثلا في البرلمان القادم، ولكنه سيظل في الميادين. وما ينبغي التأكيد عليه هنا ان المشهد الانتخابي الرائع قد يكون أهم من البرلمان نفسه. المشهد الانتخابي هو الضمانة المؤكدة علي ان الشعب لن يستسلم بعد ذلك ، وانه يستحق الحرية والديموقراطية. هذا المشهد الانتخابي الرائع لا نريده ان يتحول بعد اختيار البرلمان إلي جزء من الصراع علي السلطة أو محاولة للانقضاض علي شرعية الثورة التي ستكون غائبة تقريبا عن البرلمان! وقد يكون الالتزام بالمواعيد القانونية لاستكمال العملية الانتخابية أمرا هاما، ولكن الأهم بلا شك ان يكون الانتقال هو في طريق الثورة وليس الطريق المعاكس. ومن هنا فقد يكون من المفيد ان ننظر في ان يقوم مجلس الشعب فور اكتماله في يناير بتشكيل لجنة الدستور بعد التوافق علي أعضائها مع القوي المختلفة، وبحيث يتفرغ المجلس للاشراف علي مهمة اعداد الدستور ومطرحه للاستفتاء خلال شهرين بدلا من ادخالنا في صراعات جديدة حول الاختصاصات والسلطات. وبذلك يكون لدينا دستور جديد يتم بعده اختيار الرئيس القادم والبرلمان الجديد الذي يكون أقرب لتمثيل الثورة. لو فهم المتسارعون الدرس الذي لقنه لهم الشعب في المشهد الانتخابي الذي سيذكره التاريخ، لجنبونا الكثير بإدراك ان سرقة الثورة أو الالتفاف حولها هو المستحيل!!