رغم كل الأحداث، سنمضي إلي المستقبل بكل ثقة وتفاؤل. رغم الصدامات التي تتصاعد، سنطرد الخوف من نفوس المصريين. رغم افتعال الأزمات، سيدرك المصريون أن مستقبلهم أصبح بأيديهم، وأنهم وحدهم القادرون علي حل الأزمات. رغم محاولة إنتاج النظام القديم الفاسد المفسد، المستبد الديكتاتوري، ستكمل الثورة مسيرتها وستقوض بقايا نظام مبارك وستبني علي أنقاضه نظاما حراً ديمقراطياً دستورياً لدولة مستقلة قوية. رغم عنف الشرطة التي لا تستطيع أن تتخلي عنه للثأر من هزيمتها علي يد الشباب فإن مصر القادمة ستعيد الأمن والأمان علي يد جهاز جديد للشرطة، جديد في فكره وفهمه ومنهجه لدور جديد للشرطة المصرية، جديد في سياساته والتزامه بالقانون، جديد في حمايته للمتظاهرين وليس بقمعهم. رغم تصاعد نبرة الغضب ضد الإدارة الانتقالية، سنسعي إلي استكمال مسيرة الثورة بحكمة وعقل لكي تتسلم السلطة في البلاد حكومة مدنية قادرة علي الانجاز، تحظي بثقة أغلبية برلمانية منتخبة، ورئيس منتخب بإرادة شعبية حقيقية. رغم كل محاولات إثارة الفزع والخوف في نفوس المصريين، سنواجه ذلك ببذل المزيد من الجهد مع الشعب بالالتحام به في القري والنجوع، في الحارات والشوارع، في الأحياء الشعبية والمنتجعات، في المدارس والنوادي والجامعات ليخرج للمشاركة علي أوسع نطاق في الانتخابات بعد أيام. نحن نثق بالله سبحانه وتعالي الذي نزع الخوف من صدور المصريين وبث فيهم الطمأنينة حتي انتفضوا وثاروا ضد نظام مبارك وحمي مسيرتهم حتي الآن وسيحمي ذلك الشعب حتي يستكمل أهداف ثورته. نحن نثق في الشعب المصري العظيم الذي أثبت أنه أقوي من نظام الاستبداد والفساد، وواجه آلته القمعية بصدور عارية وبصورة سلمية حتي انهزمت في مواجهته، ونثق في صدق توجهه نحو الديمقراطية الحقيقية، ونثق في سلامة فطرته وذكائه بحيث لا تنطلي عليه الأراجيف والأكاذيب. نحن نثق في قدرة معظم القوي السياسية والأحزاب علي ان تدرك أن نقاط التوافق فيما بينها أكبر بكثير من نقاط الاختلاف، ونثق في حكمة أغلبية هذه القوي والأحزاب علي تجاوز المرحلة الانتقالية بكل مزالقها للوصول إلي بر الأمان وفي أنهم سيحترمون نتائج الانتخابات لكي يرسلوا رسالة واضحة للشعب وكل القوي المتربصة بمصر أننا شعب يريد الديمقراطية ويحترم قواعدها ويعمل من أجل تحسين الظروف التي تمر بها البلاد. نحن نثق في أنفسنا كحزب وتيار وجماعة أننا قادرون علي الصبر والعمل الدؤوب بحكمة وعقل وكياسة لتفويت الفرصة علي كل متربص بهذا الوطن يريد الوقيعة بين الشعب والجيش، أو بين الشعب وغالبية جهاز الشرطة، أو بين التيارات السياسية المتنوعة، أو بين النخب الفكرية، أو بين المسلمين والمسحيين، أو بين الفقراء والأغنياء، أو بين أبناء الجهات الجغرافية المختلفة، أو بين أبناء القري والمدن أو بين العمال أو أصحاب العمل، أو ....إلخ نحن نريد أن يصل كل صوت إلي البرلمان القادم ليعبر عن نفسه في مؤسسة دستورية محترمة يكون فيها الحوار سليماً ومعبراً عن كل الشعب المصري ويكون فيها الحوار منتجاً وليس حوارا لا يسمع فيه أحد لأحد ولا ينتهي إلي قرار. سنعمل بكل قوة مع شركائنا وحلفائنا، ومع منافسينا الشرفاء، وسط ومع الناس، لنعبر عن آمال الشعب من أجل استكمال أهداف ثورة كل المصريين. سنعمل علي إنجاز استحقاقات المرحلة المقبلة بمشيئة الله تعالي. سنصل مع المصريين إلي انتخاب برلمان قوي كامل الصلاحيات يمثل القوي الحية في الشعب المصري جميعها، أحزاباً ومستقلين، برلمان قادر علي مناقشة صريحة للميزانية وإعادة توزيع الموارد لتحقيق آمال المصريين في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي والنقل والمواصلات والصرف الصحي، برلمان يحقق أولويات الشعب وليس أولويات الحاكم . سنحقق بإذن الله تعالي، مع المصريين جميعا حكومة وحدة وطنية تمثل الأغلبية البرلمانية تعمل في ظل رقابة البرلمان ومع معارضة قوية علي انجاز أهم وأخطر الملفات العاجلة والآجلة، توفير الأمن والأمان وإعادة بناء جهاز الشرطة، وتحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار وتحسين المرافق والخدمات. سيختار البرلمان القادم إن شاء الله بأغلبيته المنتخبة الجمعية التأسيسية التي تضع دستوراً جديداً يليق بمصر الثورة، وبمصر التاريخ والحضارة، دستور يلتزم التوافق الوطني، ويعبر عن الشعب كله، أغلبيته وأقليته، مسلميه ومسيحييه، رجاله ونساءه، شيوخه وشبابه، دستور يرضي طموح كل المصريين في دولة ديمقراطية دستورية حرة مستقلة، دولة الحق والعدل والقانون واستقلال القضاء، دولة المواطنة والمساواة، دولة العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية. سننتخب جميعاً بمشية الله تعالي رئيسا جديدا لمصر قبل منتصف العام القادم، وفور اجتماع البرلمان الجديد، رئيساً يكون شريكا في المسئولية وليس فوق الحساب، رئيسا عادياً وليس فرعوناً كسابقيه. سنمضي عقب ذلك بإذن الله تعالي إلي انتخاب المجالس الشعبية المحلية قبل نهاية العام المقبل لتحمل عبء التنمية المحلية والإدارة المحلية في خطوة هامة علي طريق الحكم المحلي ليكون أعضاؤها همزة الوصل الحقيقية التي تنقل نبض الشعب في كل مكان إلي دوائر الحكم والقرار، ولتتحمل مسئولية المرافق والخدمات ويتفرغ أعضاء البرلمان للسياسات والتشريع والرقابة. سيتحقق مع ذلك كله حيوية عظيمة للشعب المصري علي كل متر في ربوع مصر، ليسير المجتمع في مسارته الطبيعية ويبني مؤسساته المجتمعية من نقابات عمالية ونقابات مهنية، واتحادات طلابية، ونواد رياضية واجتماعية وجمعيات أهلية، وجماعات مستقلة وهيئات تدريس قوية، وهذا هو أكبر ضمان لاستكمال مسيرة ثورة مصر العظيمة، وأكبر تبديد للمخاوف الحقيقية أو للأوهام المصطنعة. ستهتم الجامعات المصرية عندما تتوفر لها الموارد اللازمة، ويتحقق لأساتذتها الكرامة الحقيقية بالبحث العملي وتشجيع الابداع وتنمية العقول الشبابية للنهوض بالتنمية المستقلة في مصر كلها، وسيكون التعليم قبل الجامعي بؤرة اهتمام أي حكومة وطنية لإمداد الجامعات بعقول ذكية قادرة علي استكمال مسيرة الابداع والبحث العلمي. سيضطر الاعلام الحالي إلي مراجعة أولوياته ومجاراة المصريين الحقيقيين بعد أن يعلو صوتهم فوق أي صوت، في كل مسارات المجتمع، بانتخابات حرة ونزيهة ليسير مع مسار الثورة المصرية ولا يعيد انتاج اسطوانات التخويف والتفزيع التي كانت حيلة النظام القديم لإسكات المصريين أو صرفهم عن الانتخابات أو إرهابهم حتي يخضعوا لبطشه وجبروته. . إن مصر الحقيقية تتحدث اليوم عن نفسها، مصر المتنوعة التي يجب أن يحترم الجميع تعدد الآراء فيها، مصر الأحياء الراقية والأحياء الشعبية، مصر العاصمة والسواحل والدلتا والصعيد وسيناء والحدود، مصر القري والنجوع والمدن والعواصم، مصر الفلاحين والعمال ورجال المال والأعمال، مصر تتحدث اليوم في مواكب الانتخابات وندوات المرشحين وليس فقط في الساحات والميادين. لنستمع جميعا إلي صوت المصريين في القري والنجوع، صوت الفلاحين يبحثون عن التنمية والخدمات والمرافق الغائبة وفرص العمل للشباب والعامل والفلاح. لنستمع أيضا إلي مصر الأحياء الشعبية والعشوائيات التي تبحث عن العدالة الاجتماعية والأمن والأمان والتعليم والصحة وتكافؤ الفرص بين الجميع. . لنستمع إلي مصر رجال المال والأعمال والإعلام وسكان المنتجعات والمدن الراقية الذي يبحثون عن ضمانات الحريات الشخصية والعامة ودولة المؤسسات. مصر هي هؤلاء جميعاً، وعلينا كقوي سياسية أن نتوازن في طرحنا لأولويات الشعب وأن نعلم أن البرلمان القادم والدستور القادم والحكومة والرئيس القادمين يجب أن يلبوا طموحات كل المصريين وليس فريقاً من المصريين، لتبقي مصر موحدة مستقرة قوية ديمقراطية دستورية.