لا أريد، ولا يصح، أن أزيد من جزع المواطنين أبناء مصر في كل مكان علي أرضها الممتدة من جنوبأسوان، وحتي الإسكندرية شمالاً، ولا أريد، ولا يجوز لي أو لأي أحد غيري أن يرفع حدة القلق الذي ينتاب كل مصري في كل قرية أو مدينة بطول البلاد وعرضها نتيجة ما يجري وما يحدث الآن، سواء في ميدان التحرير أو غيره من الشوارع والميادين. وإذا كان لنا كلمة في هذا الذي نراه ونشاهده ونسمع به، فإن الواجب والمسئولية القومية والوطنية تتطلب من كل ابن مخلص ومحب ومنتمي لهذا الوطن، بل ويتشرف بأنه مصري أن يطالب الجميع ويناشد الكل الحفاظ علي هذا الوطن وحمايته من كل شر أو ضرر، وأن تكون مصلحة مصر فوق الجميع، وقبل جميع المصالح الأخري. وأحسب أن الضرورة القصوي، والحاجة الملحة، والأمانة الوطنية تفرض علينا اليوم، وليس غداً، التأكيد للجميع أننا نحتاج الآن أكثر من أي وقت مضي، لوقفة تأمل صادقة مع النفس والضمير، ننظر فيها بدقة وصراحة ووضوح، لكل ما جري ويجري علي الساحة السياسية خلال الأيام القليلة الماضية، وحتي الآن. وفي هذا الخصوص، لابد أن نناشد جميع القوي والفاعليات والأحزاب والجماعات السياسية المتواجدة علي الساحة، أن تراعي الله في مصر، وأن تقوم بدورها الصحيح، وتؤدي واجبها في إعلاء مصلحة الوطن فوق جميع المصالح، في ظل هذا الظرف الدقيق واضعة في اعتبارها أن الوطن يعيش هذه الأيام مرحلة فارقة في مسيرته، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معني، وبكل ما تضمه في جوانبها من دلالة هامة وخطيرة. ولا يحتاج الأمر إلي كثير من الجهد، كي ندرك جميعاً ودون استثناء، شعباً، وحكومة، وقوي سياسية وأحزاب، دقة وحساسية، بل وخطورة المرحلة الحالية التي نعيشها الأن، والتي تقف مصر فيها عند مفترق الطرق، وعليها أن تختار فيها مسارها، وتحدد فيها مصيرها، ما بين النهوض والتقدم إلي الأمام، كي تسير علي طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، أو النكوص علي أعقابها في طريق الفوضي والدمار، الذي لا تقوم لها قائمة بعده. ولعلي لا أبالغ إذا ما قلت إن جميع عيون وقلوب المصريين تتطلع إلي التقدم والنهوض، وتدعو الله أن يجنبها الفوضي والدمار، في ظل هذا الوقت العصيب، الذي يعاني فيه الوطن من شدة وضائقة، نرجو أن تزول. »ونواصل غداً إن شاء الله«.