استفزني وأثار غيظي ما حدث من السلفي عبدالمنعم الشحات عندما أصر أن ترتدي المذيعة حجاب شريطة أن يظهر معها علي الشاشة بالقناة الخامسة في برنامج (شباب كافيه) وكان الأولي بالمذيعة التي رضخت لطلبه وفعلت ما يتنافي مع قناعتها وما اعتادت عليه في برنامجها كان الأولي بها أن تعتذر عن البرنامج وللضيف وتقول ذلك صراحة للمشاهدين. ما الضير لو انها ظهرت وقالت ذلك وبررت عدم وجود الضيف معها وهو ما يتماشي ويتفق مع المعايير المهنية، أما أن تخرق هذه المعايير وتكيف ظهورها حسب رغبة الضيف المتطرف المتعصب ليفرض وجهة نظره علي شاشة يمتلكها الملايين، فهو ما يستحق ويستوجب التحقيق والتحليل أيضاً، نحن يا سادة أمام بربرية من نوع عصري.. إرهاب فكري غير مسبوق أدي إلي خراب مجتمعات وحروب أهلية وتدمير لقيم مجتمعية في بلاد استقرت لعقود حتي عصفت بها أعاصير الفتن الدينية واقتلعت جذورها رياح التعصب الديني الأعمي، حدث ذلك في لبنان السبعينيات وحدث في الهند وباكستان وافغنانستان، ثم الصومال والسودان، ليس ببعيدين جغرافياً وزمنياً، إن ما فعلته المذيعة هو رضوخ كامل وخضوع يستفز الملايين ممن يختلفون مع هذا التيار الذي يعاني من خلل نفسي وتطرف ديني أعمي وغرور واستعلاء واستقواء بالخارج جعله يقول بمنتهي الاستفزاز والبجاحة: إلبسوه دلوقت بالذوق أحسن ما تلبسوه بعدين بالعافية، يا نهار اسود، هل وصل الأمر لهذه الدرجة؟ هل ضمن أبناء عشائر كندهار وتورا بورا وزملاء طالبان أن مصر شجرة دانت لها ثمرتها وحان أوان قطافها كما قالوا في خطب عيد الأضحي وأجمعوا علي ذلك في شبه اتفاق بين الاخوان والسلفيين والجماعة الاسلامية.. ثم نأتي للسؤال الأهم.. لماذا يحرص الاعلاميون علي استضافة هؤلاء الذين يرون صوت المرأة عورة وصورتها عار، لماذا يقول الشحات في شيزوفرانيا واضحة للمذيعة انه يمكن ان يكلم ست متبرجة في الشارع، لكنه لا يكلمها علي الشاشة، ماذا نسمي هذا؟ ثم لماذا تصر المذيعة هالة سرحان علي استضافة السلفي الآخر عاصم عبدالحق من خلف ستار في سابقة اعلامية هي الأولي من نوعها تمثل كارثة علي الاعلام المصري، هل هو جري وراء السبق الاعلامي لا والله، إنها نكبة وانتكاسة لهذا الاعلام الخاص أو انه نوع من التدشين لفرض هؤلاء المتطرفين الجدد علي شاشاتنا لنتعود عليهم خصوصاً والشاشة مملوكة لأمير سعودي ينتمي للوهابية التي تمول وتدعم التيار السلفي المصري مالياً ومعنوياً وبجميع الوسائل وتخلق تلاميذ لأئمتهم ومدارس تتناسل وتنتشر وتتوغل تحت جلد مصر ولهم 35 فضائية تقوم بعملية غسيل مخ يومي للبسطاء وحولت حياتنا إلي جحيم وحرمت وحللت حسب الأهواء والجيوب وهاجمت برامجها الأزهر وعلماءه الافاضل ولنا في موقعة الحويني وفضيلة المفتي خير مثال.. يا أساتذة الاعلام ويا محللي الميديا ماذا نسمي ما حدث، وهل هذه بداية جديدة لإعلام الستائر.. ستارة علي رأس مذيعة إما أمامها او بينها وبين الضيف، أم ان المرحلة القادمة مرحلة (هاتلبسوه بالعافية)، أم انه كما يقول صلاح عبدالصبور رعب أكبر من ذلك سوف يجئ..