أرجو ألا تشغلنا حالة المسخرة السياسية التي نعيشها هذه الأيام عن قضايا مهمة لا ينبغي إهمالها. وأرجو ألا تكون حالة الفوضي التي يتم جر مصر كلها للغرق فيها هي الهدف الذي يراد أن تنتهي إليه الثورة، بل تكون فقط مرحلة عابرة ومؤقتة تنبهنا للخطر، وتدفعنا لرؤية ما حولنا ومواجهة كل المؤامرات التي تريد حصار مصر أو استغلال الظروف الطارئة لتهديد أمنها أو الانتقاص من حقوقها أو تحجيم دورها. كل ما يجري علي الساحة من معارك حقيقية أو وهمية لا ينبغي أن يحجب عن عيوننا أن هناك من يتربص بنا، وأن هناك من يتحرك ضد مصالحنا الوطنية وضد أمننا القومي، وأن علينا أن ننتبه حتي لا نواجه الأسوأ في ملفات هي الأخطر والأهم علي الإطلاق. علي حدودنا الغربية.. يمر الأشقاء في ليبيا بمرحلة دقيقة. دفعوا ثمناً غالياً للتخلص من النظام السابق. عشرات الألوف من الشهداء وبلد مدمر، وها هم يواجهون مخاطر الحروب الأهلية التي نرجو مخلصين أن يتم حصارها لتتجه ليبيا لبناء ما تم تدميره. والدعم العربي »ومصر جزء مهم منه« لابد أن يتوافر للبناء الجديد، ولمنع ليبيا من أن تدفع الثمن مرة أخري لدول حلف الناتو أو لفصائل الإرهاب والتطرف! ومن الجنوب ينفتح الملف الأهم بالنسبة لمصر وهو ملف مياه النيل مع أنباء الإعداد لبناء سدين جديدين في السودان لاحتجاز ملياري متر من مياه النيل. ولا شك أن حاجات السودان الشقيق ينبغي أن تكون موضع اهتمامنا جميعاً، وفي الوقت نفسه فإن الحفاظ علي تدفق حصته من المياه بالكامل هو قضية أمن قومي لا يمكن المساس بها، كما أن الحفاظ علي بقاء مصر والسودان في جبهة واحدة هو عامل أساسي في استقرار العلاقات بين دول حوض النيل. والملف كله ينبغي أن تكون له الأولوية علي الدوام. أما الأخطر فيأتي من جبهتنا مع العدو الاسرائيلي، ومن ضرورة أن نفتح العيون جيداً علي ما يجري في سيناء. وهنا يأتي الحديث عن مؤتمر مشبوه ينظم غداً في أمريكا في أحد المعاهد الاستراتيجية الخاضعة لنفوذ اللوبي اليهودي، تحت عنوان »سيناء جبهة جديدة للصراع«!! والحديث هو عن مزاعم اسرائيل بأن الأوضاع في سيناء تشير إلي أنها قد تصبح قاعدة لعدم الاستقرار في المنطقة!! والمهمة المطلوبة هي تحفيز الرأي العام الأمريكي للتعامل مع المخططات الاسرائيلية لسيناء!! وعيوننا ينبغي أن تكون مفتوحة، والسلام لابد أن يكون: سلام سلاح!!