سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
معاذ عبدالكريم عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة يروي قصة التحولات من الميدان الي البرلمان ويحذر: انتظروا ثورة جديدة ..إذا استمر المجلس العسكري في تجاهل مطالب الشعب
هؤلاء كانوا طليعة الثورة.. آمنوا بالتغيير بينما كان الجميع يراهن علي بقاء الوضع علي ما هو عليه.. اختاروا النزول الي الشارع في وقت كان ذلك التصرف اقرب الطرق الي المعتقل.. تجمعوا في ميدان التحرير في محاولة لإسقاط نظام لم يشك احد للحظة انه اقوي من ان تطيح به حفنة من الشباب الثائر.. لكنها كانت المعجزة.. وسقط النظام.. وانتصرت ارادة الشارع، ليكتب الشباب من ميدان التحرير صفحة غير مسبوقة في التاريخ السياسي لمصر.. وبعد شهور من هذا الانتصار المدوي يبدو شباب الثورة في موقع "المفعول به" بعدما كانوا طوال ايام الثورة، وما بعدها هم "الفاعل" دائما.. الان وبعد عشرة اشهر علي ثورة 25 يناير يقف شباب الثورة في موقع من تتنازعه انواء الواقع السياسي، يخوض بعضهم الانتخابات البرلمانية دون امل كبير في التحول من الميدان الي البرلمان.. ويهاجمهم البعض.. ويراهن البعض الاخر علي انتهاء "شرعية" ميدان التحرير.. لذلك كان لابد من الحوار مع واحد من الذين اسهموا في صناعة تلك الثورة، وتحملوا عبء التبشير بأحلامها الجميلة، وهو ايضا واحد من الذين حذروا ومازالوا يحذرون من تحويلها الي "كوابيس" او احلام مجهضة.. انه عضو المكتب التنفيذي لإئتلاف شباب الثورة.. والناشط السياسي المعروف، والمرشح علي قوائم تحالف "الثورة مستمرة" معاذ عبد الكريم.. والذي يطلق في هذا الحوار تحذيرا جديدا من خطورة بقاء الاوضاع علي ما هي عليه.. مؤكدا ان ثورة جديدة في الطريق، اذا ما استمرت الحالة الراهنة تسيطر علي البلاد. الانتخابات البرلمانية علي الابواب.. كيف تري تلك الانتخابات، وهل حققت ما كنتم تطمحون اليه؟ الانتخابات تأتي في وقت غريب ويجب فيه علي مؤسسات الدولة ان تبدأ الاعداد لبناء ديمقراطية حقيقية، فالديمقراطية ليست مجرد صندوق انتخابات نملؤه باوراق الاقتراع، لكنها ممارسات علي الارض، لكن للأسف كل المجالات في مصر تعاني من وضع مذر سواء في الاقتصاد أو المرور او التعليم، أو غيرها، فالانتخابات كان لابد ان تعتمد علي رؤية عميقة ومشروع سياسي متكامل، أما أن تتحول الانتخابات الي مجرد "شو سياسي" وحرب دعاية بين الاحزاب والتيارات السياسية والمرشحين دون اي اساس حقيقي علي الارض، فإن ذلك يعد أمر خطيرا، ويضيع فرصة ثمينة لبناء جيل ديمقراطي حقيقي يمكنه صناعة مصر مختلفة.. والانتخابات بالصورة التي تجري عليها الان هي مهزلة تحتاج الي مراجعة، فهي لا تمثل سوي فرصة للفلول وابنائهم ان يعودوا مرة اخري الي الساحة تحت اقنعة جديدة..وكان علي المجلس العسكري ان يضمن في مرسوم قانون الانتخابات تحقيق المساواة بين المرشحين جميعا، وبحيث تكون التفرقة بين كل مرشح وآخر علي اساس البرامج والافكار، اما الوضع الحالي فيمنح الفرصة لأصحاب رأس المال السياسي ومحرفي شراء الاصوات. اذا كان هذا هو رأيكم في الانتخابات.. فلماذا شاركتم في الانتخابات؟ نحن في ائتلاف شباب الثورة كنا نسير في اطار ثوري حقيقي، من خلال تقديم حلول ثورية للمشكلات بشكل سريع وحاسم، سواء في تطهير مؤسسات الدولة، وهيكلة الشرطة وبناء اجهزة جديدة للدولة تتناسب مع مطالب الثورة.. ولكننا كنا في كل المراحل نسعي الي ان نكون قاطرة تغيير في المجتمع، وعندما بدأت الاستعدادات للإنتخابات كنا امام أمرين، فنحن نري ان تلك الانتخابات لا تتناسب وطموحنا الثوري، والرغبة الحقيقية للتغيير التي نريدها للمجتمع، الا اننا وجدنا المجلس العسكري ماضيا في هذا الاتجاه رغم كل الاعتراضات من القوي السياسية والثورية ، ولا يأبه بأية اعتراضات، ولأننا لا نرغب في الانسحاب، كان القرار الصعب بالمشاركة رغم اننا ندرك ان العقبات التي ستواجهنا ليست سهلة، وأن رأس المال السياسي مازال مؤثرا، وفلول النظام السابق مازالت موجودة، ولا شئ تغير، لكننا قررنا ان نقدم البديل الثوري الحقيقي، ونخوض معركة الانتخابات بقوة، رغم ادراكنا ان المناخ غير مهيئا لتلك الخطوة. هل معني ذلك انكم لا تتوقعون كشباب للثورة حصد نصيب جيد من المقاعد في الانتخابات المقبلة؟ دعنا نكن واقعيون.. المناخ الحالي لم يكن مهيئا للإنتخابات، والقوي غير الثورية وقوي الثورة المضادة مازالت موجودة بقوة علي الساحة، ومفاهيم الناس عن الانتخابات لم تتغير، ومازال كثير من الناخبين متأثرين بنفس الاساليب القديمة في اختيار الناخبين، في حين ان الأحزاب الجديدة لم تصل حتي الان الي مرحلة النضج والقوة الكافية لخوض منافسة عادلة مع غيرها من القوي الموجودة علي الساحة منذ سنوات، لكننا كما قلت قررنا خوض المنافسة وعدم الانسحاب من الساحة، لأننا نؤمن ان التغيير لا يأتي بين يوم وليلة. العلاقة مع المجلس العسكري علاقتكم بالمجلس العسكري تبدو متوترة منذ فترة.. لماذا؟ المجلس العسكري جزء من الجيش المصري، ونحن لا نريد ان نهين أحدا، ولكن من يخرج عن ارادة الشعب المصري سنتصدي له، ولكن للأسف هناك أمور غريبة تحدث، فالمجلس العسكري تحدث عن فترة انتقالية لمدة 6 أشهر، ثم زادت الي سنة، وبعدها تم مد الفترة الانتقالية الي سنتين، واذا استمرت الامور علي هذا المنوال فسوف تصل الامور في البلاد الي كارثة.. فقطاعات واسعة من المصريين شعرت بالجانب السلبي من الثورة ولم تشعر حتي الان بأي تاثير ايجابي علي حياتها، بسبب الخطوات المرتبكة والاجراءات غير الحاسمة في التعامل مع القضايا. هل تعتقد ان هذه القطاعات الواسعة التي تتحدث عنها "كفرت" بالثورة؟ لا.. الناس في مصر مؤمنة بالثورة، ومازالت علي ايمانها القوي بما يمكن ان تحققه لهم الثورة من انجازات.. وما تحقق حتي الان من الثورة أقل مما تم "نتشه" من جانب الثورة المضادة، فأين العدالة الاجتماعية والعيش الكريم، هذا لم يتحقق حتي الان.. وحتي علي مستوي الحريات ورغم ما تحقق من بعض التقدم وخاصة حرية الرأي والتعبير، الا ان موضوع الحرية نفسه، وهذا اعظم ما خرجت ثورة يناير لتدافع عنه، صار موضوعا لتجاذبات بعد قرار المجلس العسكري بتجريم الاعتصامات والاضرابات، وتقييد حق التظاهر، وهناك ايضا المحاكمات العسكرية، وهي تعد من أخطر الأمور التي تهدد المجلس العسكري نفسه. وماذا عن علاقتكم بالمجلس العسكري.. هل مازالت علي نفس مستوي زخمها في الشهور الاولي للثورة؟ في الشهور الاولي للثورة كان هناك اتصال وتواصل مستمرين مع المجلس العسكري وكنا جميعا نتصل به وتعددت اللقاءات في تلك الفترة.. لكن أذكر انه في 27 ابريل الماضي وعندما فوجئنا بقوات من الجيش تنزل الي ميدان التحرير وتقوم بضرب المتظاهرين والقبض علي بعض الضباط المعتصمين في الميدان، وتحدثنا بلغة هادئة مع المجلس العسكري، وقلنا لهم انكم ضربتم المتظاهرين أول مرة وقلتم ان رصيدكم يكفي، وتم التجاوز عن ذلك، لكن مع الاعتداء الثاني علي المتظاهرين في ابريل بدأنا نلحظ تغير اللهجة وظهور لغة تعالي، فقلنا للمجلس لا تنسوا ان الشعب المصري ثار لكرامته، وان تكرار الاعتداء علي الناس سيؤدي الي مشكلات حقيقية.. ونحن لا نريد اعتذارات وانما ارساء لدولة القانون، والاعتماد علي تحقيق شفاف يحدد المذنب ويعاقبه علي جريمته بوضوح.. وطلبنا تحقيق في تلك الفترة عما حدث في الميدان، وقلنا اننا لن نلتقي بالمجلس قبل اجراء هذا التحقيق، ففوجئنا بحرب تشويه تنطلق ضدنا في الاعلام، لا نعرف من ورائها، لكن ذلك لم يدفعنا الي التراجع عن دعم مطالب الثورة.. ثم فوجئنا بطلب المجلس العسكري عقد لقاء مع ائتلافات شباب الثورة لتصوير انه لا يوجد ائتلاف واحد وانما مئات الائتلافات، وتساءلنا عن هدف اللقاء مع 1500 شخص، وهل هو جلسة استماع ام التوصل الي رؤية، وادركنا ان هذا الاجتماع مجرد اجتماع اعلامي، وقررنا عدم المشاركة،لأننا استشعرنا ان هدف الاجتماع لا يحقق مطالب الثورة.. ومنذ تلك الفترة وربما حتي الان والاتصال شبه مقطوع مع المجلس العسكري بسبب اعتراضنا علي انفراده باتخاذ القرارات الرئيسية في ادارة المرحلة الانتقالية دون الرجوع الي قواعد شعبية، واخطرها تمرير القوانين بدون تشاور.. وتحول التواصل مع المجلس عبر ميدان التحرير أو عبر وسطاء، وان كنا لم نهتم بالتركيز علي الوسطاء. ولكن بالفعل مسألة تكوين الائتلافات الثورية تحولت الي فوضي حقيقية؟ انا لا اريد التحدث عن غيرنا، ولكننا في ائتلاف شباب الثورة لدينا هيكل تنظيمي واضح يضم 147 ائتلافا فرعيا في المحافظات، تعمل من خلال آلية منظمة تقوم علي التدرج في العمل ما بين الائتلافات في المراكز ثم المحافظات، ثم التعاون مع المكتب التنفيذي للإئتلاف، ولدينا فعاليات ومقار معلنة في العديد من المحافظات ودور في الشارع، وليس مجرد صفحة علي الفيس بوك مثل ائتلافات أخري. الفاعل والمفعول هل تشعر ان شباب الثورة تواروا من المشهد.. وتحولوا من خانة "الفاعل" الي خانة "المفعول به"؟ نحن كشباب للثورة كنا نتعامل مع كل مرحلة خلال الفترة الماضية وفق مقتضيات تلك الفترة، ونشعر بأن دورنا - حتي قبل ثورة يناير- ان نكون شعلة لإحداث تغيير مهما كان بطيئا ويحتاج لفترة حتي يتحقق.. ومع ثورة يناير انضم الشعب الي الناشطين، واردنا ان كون القاطرة التي تقود الشارع الثوري نحو ما نراه مطالب حيوية لا تراجع عنها، وكنا همنا الاول في مرحلة ميدان التحرير ان نحافظ علي الثورة، وان نحذر من خطورة الدخول في "نصف ثورة"، وقد نجحنا بالفعل في اقناع الناس بضرورة رحيل مبارك عن الحكم، وفي مرحلة ما بعد تنحي مبارك، تناقشنا في ائتلاف شباب الثورة حول امكانية وعدد كبير من اعضاء الائتلاف وانا منهم رفضوا فكرة الانسحاب من المشهد، لأننا ادركنا ان هناك الكثير من الحقوق التي لم تنتزع بعد، فالثورة اعمق من مجرد تنحي مبارك، وطلبنا من البداية جدول زمني واضح لترتيبات المرحلة الانتقالية، ولكن للأسف المجلس العسكري يعمل باسلوب الارنب الذي يسابق السلحفاة، ويتصور انه قادر علي القفز وتحقيق الهدف قبل انتهاء الوقت بلحظات، لكننا كنا نريده ان يعمل بمنطق السلحفاة أي بدأب حتي ولو كان ببطء، فالعمل المنظم الواضح مرتب الخطوات يحقق انجازا افضل من العمل المتسرع غير المخطط، وهذه خبرة تنظيمية معروفة للجميع، بما فيهم ابناء المؤسسة العسكرية نفسها.. وبعد الثورة ادركنا انه لا يوجد شعب ثوري، وكان سعينا في مرحلة ما بعد ميدان التحرير ان نثير لدي الناس الوعي ومخاطر بقاء حكومة مثل حكومة أحمد شفيق وهو واحد من اقوي رجال مبارك، وكان مبارك لا يزال طليقا في ذلك الوقت، وكنا دوما نحذر من بقاء تلك الحكومة ومخاطر التمهيد لإعادة النظام، وقدمنا في تلك المرحلة ورقة سياسية تضمنت حوالي 13 نقطة توضح اننا كنا نتمتع برؤية محددة لمستقبل المرحلة الانتقالية، واهم متطلباتها في ضوء الخبرات التاريخية والدولية، وللأسف الشديد لم ينفذ من تلك المطالب الا ثلاثة او اربعة مطالب، وانتقلنا بعد مرحلة رحيل حكومة أحمد شفيق، وحذرنا في تلك المرحلة من تراجع الثورة، رغم وجود حس ثوري عال في تلك المرحلة، وبدانا نجدد مطالب الثورة، وندعو لمليونيات للتأكيد علي تلك المطالب، وشارك الناس بكثافة، وحذرنا في تلك الفترة من خطورة الغضب العمالي، واقترحنا انشاء لجان للتواصل، وانتخاب ممثلين للعمال للتفاوض مع الحكومة ووضع تصورات قابلة للتطبيق، وتتعهد الحكومة او من يليها من حكومات بتنفيذ تلك المطالب، وقدمنا أطروحات لإعادة هيكلة الجهاز الامني، وكان لإئتلاف ضباط الشرطة وهو جزء من ائتلاف الثورة تصورات حول اعادة تأهيل 13 جهازا امنيا تابعة لوزارة الداخلية بما يحقق أهداف الثورة، والحفاظ علي كرامة المواطن المصري، وتحقيق الامن في الوقت ذاته، واذكر أننا اقترحنا وقف العاملين في الاجهزة التي اساءت للمواطنين عن العمل، مع منحهم مرتباتهم لحين تقديم علاج او تأهيل نفسي ووظيفي لهم حتي يتوافقوا مع المرحلة الجديدة واهداف الثورة.. ولكن للأسف لم يتحقق من ذلك شيئ، واقول صادقا، واتحمل المسئولية كاملة عن رأيي هذا، ان هناك مؤامرات تحاك من جانب ضباط بوزارة الداخلية لإحداث حالة من الفزع وعدم احساس الناس بالأمان، واشعال شغب نظامي من ضباط الأمن انفسهم، وكأننا ائتمنا الذئب علي الغنم، واري ان المحاكمات العسكرية يجب أن تطبق علي ضباط الشرطة هؤلاء، وليس علي ابناء الشعب المصري، فما يحدث جريمة منظمة بكل معني الكلمة، وهذه الجريمة المنظمة يجب ان يحاكم مرتكبوها أمام القضاء العسكري، ومحكمة امن الدولة العليا طوارئ.. فالانسحاب من الشوارع،وعدم تلبية نداءات النجدة والطوارئ، والصمت المريب علي اعمال السلب والنهب والسرقة وترويع الامنين، والغياب التام من المشهد في الشارع،كل ذلك جريمة منظمة.. وكأن ضباط الشرطة يخيرون الشعب بين اهانته وكسركرامته في مقابل توفير الامن، والمعادلة بهذا الشكل مختلة وغير مقبولة، ونقول لمن يفكر بهذا المنطق ان موازنة مصر التي تتقاضون منها مرتباتكم، وتنفق من أجل توفير الامن لا يسمح الشعب بأن تستخدم من اجل امتهان كرامته، واذا كان هذا الجيل من رجال الشرطة غير قادر علي اداء رسالته الا بهذا الاسلوب، فهناك اجيال اخري من ابناء مصر قادرة علي اداء الرسالة بشكل محترم، فمصر ولادة ولا تقف علي أحد.. ومن يري في نفسه عدم القدرة علي اداء دوره عليه ان يترك مكانه لمن يؤدي دوره. وفي 27 مايو عندما تخاذلت كل القوي السياسية وطالبت بانهاء الثورة والبدء في مرحلة البناء، خرجنا في تلك الفترة بالدعوة الي جمعة "انقاذ الثورة"، فقد استشعرنا ان الثورة تسرق من بين ايدينا، وهناك اصحاب مصالح يتناوبون سرقة ثورتنا، وشهدنا في تلك الفترة احداث تؤكد ذلك، فقد تم الافراج عن سوزان مبارك، ودخلت محاكمة مبارك في هزليتها.. وبالتالي كنا موجودين باستمرار وقدمنا رؤيتنا في كل شيئ حتي في توزيع ابواب الموازنة وضرورة اعادة تقسيمها لتحقيق مطالب الشعب.. لكن للأسف تحول المشهد الي مسرحية هزلية لثورة عظيمة ضحي فيها الشعب بابنائه طمعا في مستقبل افضل. قاطرة التغيير لكن في تلك المرحلة وجهت لكم كشباب للثورة انتقادات بأنكم تتدخلون في كل شئ، وربما كان ذلك سببا في احساس متزايد بأنكم تجاوزتم دوركم، ما ادي الي تراجع شعبيتكم وعدم استجابة الناس للمليونيات التي دعوتم اليها؟ نحن لم نتجاوز دورنا، فنحن نؤمن بأن كل من يستطيع الاسهام بشئ من اجل انقاذ الوطن ويتقاعس فإنه بذلك يحل بواجبه، فالحديث الشريف يقول "اذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، وحينما تدخلنا، فقد تدخلنا بدعم من اناس كثيرين، فكما قلت اننا كنا نتصور انفسنا كقاطرة تدفع الجميع الي المشاركة وأكدنا علي ان الثورة هي ثورة كل الشعب المصري وانكرنا ذاتنا، واكدنا علي ان نجاح الثورة ملك كل مواطن، لكن من المهم ان يعرف الجميع اننا شكلنا مجموعات متخصصة في كل المجالات، في الشرطة والكهرباء والاعلام والبترول والاقتصاد، فعلي سبيل المثال اللجنة الاقتصادية التي تشكلت داخل ائتلاف شباب الثورة كانت تضم نخبة من العاملين بالجهاز المركزي للمحاسبات، وثمانية من مديري اكبر البنوك العاملة في مصر، فنحن عندما كنا ندلي بآرائنا كنا نقدمها عن وعي وخبرة ومن خلال دراسة متخصصة ومستفيضة لخبراء في نفس المجال، ولم نكن ندلي برأي أو نتخذ قرارا قبل استشارة رموز هذا القطاع سواء في القانون او الدستور او الاقتصاد أو الامن وغيرها. ثورة جديدة في رأيك الي اين تتجه الامور في البلاد في ظل الأوضاع الراهنة؟ أعتقد اننا في كواليس ثورة جديدة.. واتصور انه اذا استمر المجلس العسكري في تجاهله لمطالب الشعب الرئيسية والاستخفاف بها، واشعال حالة الفتنة بين طوائف الشعب وتهييج الطوائف علي بعضها البعض، وخاصة الطوائف المعتصمة او المضربة،فمثلا يتم استعداء اولياء الامور علي المدرسين، والمواطنين العاديين علي الاطباء والممرضين، وعمال وسائقي النقل العام..واعتقد ان الانتقادات اللاذعة والمباشرة من جانب المجلس العسكري للفئات المضربة والمعتصمة والاعتماد علي خطاب اعلامي اجوف، واصدار قانون لتجريم الاعتصامات والاضرابات كل ذلك يؤدي الي اشعال الفتنة وتأليب الطوائف في المجتمع علي بعضها البعض.. وهذا الوضع لن يؤدي الا لكارثة. هناك آراء تحذر من انفجار ثورة جياع في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية.. هل تتفق مع ذلك؟ لا اعتقد ذلك.. فالشعب المصري بالرغم من تراجع اوضاعه الاقتصادية والمعيشية، الا انه شعب كريم، كما انه شعب مؤمن بالله، ولا يمكن أن ينجرف الي اعمال انتقامية أو افعال عنيفة. لكننا نشهد بعض مؤشرات الخطر مثل احتلال مساكن مدينة 6 اكتوبر؟ انا لا اعتقد ان ذلك مؤشر علي ثورة جياع، صحيح ان الثورة لم تصل الي كثير من القطاعات الفقيرة، التي لم تستشعر تحسنا ملموسا في حياتها اليومية، الا اننا ايضا مطالبون بتبني خطاب اعلامي وديني واضح يركز علي قيم راقية مثل التوفير والترشيد، وفي موازاة ذلك لابد ان تقوم الحكومة والجهات المعنية بوضع خطة زمنية واضحة المعالم لتحقيق مطالب الناس، ويترافق ذلك مع اجراءات علي الارض تعزز الثقة لدي الناس، واول تلك الاجراءات وضع جدول زمني لترتيبات المرحلة الانتقالية، فالشعب المصري يمكن ان يصبر لسنوات اذا كان لديه في النهاية امل يعيش من اجله، لكن ان تفقد الناس الأمل، فأنت تفقدهم صوابهم ايضا.. واذا وصل الناس لمرحلة اليأس فتوقع اي شئ.. وأخطر ما يمكن ان نواجهه هو اعادة الناس للمربع رقم صفر وهو احساس الناس بأن هذه البلد ليست بلدنا وانما بلد الحرامية. تغييرات جوهرية وما شكل الثورة التي تتوقعها اذن؟ اتصور ان الثورة القادمة ربما تكون ضد المجلس العسكري وليست ضد الجيش، فالناس غاضبة من 16 شخصا لأنهم يتخذون قرارات خاطئة في ادارة الدولة بما يؤثر علي حياة كل الناس.. والثورة هنا لن تكون ضد الجيش، لأن الجيش في النهاية هو جيش مصر.. والناس لم تغضب من الجيش وانما من اعضاء المجلس العسكري الذين يديرون الدولة حاليا، وليس من حق الناس انتقادهم او تصويب أخطائهم.. واعتقد انها ستكون ثورة شعبية.. وان كنت لا اعرف ان كانت ستكون قريبة من ثورة يناير أم لا، لكنني اؤكد ان جيش مصر عزيز علينا جميعا.. واتمني ان يفيق الناس قبل ان تصل الامور الي تلك المرحلة، فقد كنا سعداء بتولي الجيش والمجلس العسكري زمام الامور، فالشعب هو الذي ازاح مبارك عن الحكم بنسبة 90٪ والجيش استكمل تحرك الشعب، وكنا نتمني ان يقوم المجلس العسكري مهمته علي اكمل وجه، ولكن خطواته السلبية واستكباره أثر علي الناس كثيرا، ودفعهم الي انتقاده. وكيف يمكن ان نتلافي تلك الثورة القادمة التي تتحدث عنها؟ يمكن تلافيها باتخاذ اجراءات فاعلة في ادارة المرحلة الانتقالية عن طريق ادخال تغييرات جوهرية علي المجلس العسكري سواء بالاستعانة بمجلس مدني، أو باعادة تقييم اداء اعضاء المجلس في ادارة ملفاتهم، لتلافي السلبيات التي حدثت في الفترة الماضية.. والاستعانة بعناصر تتمتع بالكفاءة، والاعتماد علي مصارحة شاملة واعلان شفاف بشكل اسبوعي عما تم انجازه وما يجي العمل فيه، وتوضيح الخطوات لنقل السلطة، وهذا يضمن التفاف الشعب حول المجلس وقراراته، اضافة الي ضرورة الاعتماد علي كيانات شعبية في اتخاذ القرار دون تهميش او اقصاء لأي فئة، ويمكن الاستفادة مما يطرح في تلك الكيانات من افكار ورؤي، وتقوم الجهات المسئولة بوضعها في اطار تنفيذي.. كما اننا بحاجة الي اعلام محترم، ولابد ان نضع تحت كلمة محترم 20 خطا.. يعتمد علي المصارحة والشفافية ويعرض الخطاب الشعبي بمصداقية.. ويمكن تكوين شبه مجلس انتقالي معين كمجلس شعب له صلاحيات شعبية.. وانهاء حالة الاستقطاب الشديدة الموجودة حاليا في المجتمع والتي حولت المصريين الي شعب الاخوان وشعب المسجد وشعب الكنيسة وشعب السلفيين وحزب الكنبة.. والحل هو اتخاذ قرارات واضحة تعيد الجميع الي حضن البلد، والالتفاف حول مشروع واحد، وهذا لن يتأتي من خلال الانفراد باتخاذ القرار.