قبل سنوات لعن المخرج الكبير سكورسيزي الواقع الجديد لصناعة السينما، بعدما سيطرت التكنولوجيا وأصبحت الكلمة العليا للمؤثرات البصرية والصوتية داخل غرف مغلقة علي أجهزة فاقت كل الحدود،وعقول محترفة هي في الواقع جنود مجهولة في صناعة الأفلام التي تدر عائدات ضخمة.. لم تعد السينما كما كانت سيناريو ومخرج وممثلين عباقرة وجمهور متذوق لإبداع بشري رائع يبقي للتاريخ،الآن المؤثرات أولا وأخيرا هي صانعة النجاح والمليارات. الآن هل تراجع سكورسيزي عن رأيه ؟! ففي أحدث أفلامه » الإيرلندي » أصبح نجاحه مرهونا علي المؤثرات البصرية، وتقنية » digital de ageing » التي تتولي تصغير عمر الممثل وإعادته شابا للسن الذي يحدده المخرج، تلك التقنية التي أبهرتنا في فيلم » كابتن مارفل » و» أفنجرز » و» تيرمينيتور » و» كابتن أمريكا »، ونجحت في اعادة صامويل جاكسون لعمر الثلاثين في »كابتن مارفل» ونجحت بامتياز في اعادة روبرت داوني جونيور شابا يافعا في العشرينات في » كابتن أمريكا » وهو عمل معقد ومرهق جدا بالطبع خاصة مع الأكشن والممثل في حالة حركة مستمرة وسريعة جدا. سكورسيزي الآن حبيس القاعات مع فريق محترف في تلك التقنية لإعادة روبرت دي نيرو وآل باتشينو لعمر الشباب، حيث تدور أحداث الفيلم، معتمدا علي الماكياج والأزياء وعبقرية نجميه وعبقرية فريق المؤثرات، لكنه أعلن مؤخرا عدم رضائه عن النتيجة، فالشكل العام عاد شابا لكن بقيت لغة العيون معضلة، ربما يصبح من الصعب حل تلك المعادلة والتي كلفت شركة نتفليكس أموالا ضخمة ( 175 مليون دولار ) لانتاج هذا الفيلم الذي هربت منه شركات الانتاج الأخري لعدم اقتناعها باختيار المخرج لنجمين تجاوزا السبعين عاما، لتجسيد شخصيات شابة واضافة تكاليف ضخمة للاستعانة بفريق خاص في المؤثرات البصرية للعودة بهم لسن الشباب، وهو ما قد يكون مقبولا مع افلام مارفل التي تعتمد علي الابهار التقني وتدر عائدات ضخمة قد تتجاوز مليار دولار في بضعة اسابيع أو أيام، وقد تبدو طبيعية مع أداء لا يعتمد علي تعبيرات الوجه والعينين كما في فيلم » الأيرلندي »، لكن سكورسيزي أصر، ووجد من يلبي رغباته، وسط مخاوف أن تصبح العودة بالنجوم الكبار للشباب موضة تجتاح هوليوود حتي في أفلامها الواقعية الجادة، ويبقي الرهان لسيطرة تلك الموضة،علي أداء وشكل العبقريين دي نيرو وباتشينو في الفيلم المنتظر.